“أناري تيفيناغ”.. لجنة الأمازيغية تضع خارطة طريق تنزيل المبادرة في لقاء انعقد بالمقر المركزي للحزب

0 3٬615

في إطار الدينامية التي يعرفها ملف الأمازيغية داخل حزب الأصالة والمعاصرة، نظمت لجنة الأمازيغية المنبثقة عن المجلس الوطني للحزب، يوم السبت 28 يونيو 2025، لقاء سياسيا وتنظيميا بمقر الحزب المركزي بالرباط، خصص لتدارس آليات تنزيل مبادرة “أناري تيفيناغ” وهيكلتها، والتي أعلن عنها خلال آخر دورة للمجلس الوطني للحزب.

وعرف اللقاء حضور فعاليات أمازيغية وطنية، ومناضلات ومناضلي الحزب من مختلف جهات المملكة، بالإضافة إلى أساتذة مختصين في تدريس اللغة الأمازيغية، وشكل محطة لتشخيص واقع الأمازيغية، وتقديم رؤية تهدف إلى تجاوز منطق الانتظار إلى الفعل السياسي والتشريعي الفعال.

وسير اللقاء عبد الله الحرشي، مقرر اللجنة، الذي أكد في كلمته الافتتاحية أن هذه المبادرة تمثل تحولا نوعيا في تعاطي الحزب مع ملف الأمازيغية، من منطق الدفاع الرمزي إلى الفعل الميداني المؤسسي.

وفي كلمته المحورية، شدد رشيد بوهدوز، رئيس اللجنة، على أن الأمازيغية ليست قضية هامشية، بل هي في صلب هوية الحزب ومشروعه المجتمعي، الذي تأسس على قيم الإنصاف والمصالحة لطي صفحة الماضي، الذي كانت فيه الهوية الأمازيغية من أكثر الضحايا تهميشا، وكان من الطبيعي أن تكون في صلب انشغالاته واهتماماته، خصوصا وأن هذا الملف يحظى برعاية ملكية سامية، مما يضيف مسؤولية كبرى على الجميع لتسريع تنزيله.

وأوضح بوهدوز أن مبادرة “أناري تيفيناغ” ليست مجرد إعلان نوايا، بل خطة مؤسساتية عملية تهدف إلى إدماج الأمازيغية بحرفها الرسمي “تيفيناغ” في ممارسات الحزب اليومية، من خلال تعميم استعماله في واجهات مقرات الحزب والجماعات التي يسيرها، بالإضافة إلى تكوين المنتخبين والأطر الإدارية على إدماج اللغة.

وانتقد رئيس اللجنة الاختلالات الجوهرية في القانون التنظيمي رقم 26.16، معتبرا أنه أسهم في تأخير تفعيل الأمازيغية من خلال ما سماه “مقاربة التأجيل المقنن”.

وجدد التأكيد على موقف الحزب التاريخي المتحفظ من القانون، مطالبا بإعادة النظر في هذا النص بشكل شامل، لإقرار المساواة الفعلية بين اللغتين الرسميتين، انسجاما مع روح الدستور.

كما دعا إلى تفعيل اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع ورش الأمازيغية، وإحداث آلية رقابية وطنية مستقلة ذات طابع زجري، ووضع إطار قانوني واضح يجرم جميع أشكال الكراهية أو التمييز على أساس اللغة أو الهوية، مشيرا إلى استمرار وجود “بؤر مقاومة صامتة” داخل الإدارة تعرقل هذا الورش.

واستعرض أحمد زاهد، عضو اللجنة، الخطة العملية للمبادرة، والتي تشمل تأسيس خلية وطنية للترجمة والمواكبة بتنسيق مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والعمل على توحيد المصطلحات والمعاجم لضمان تنزيل فعال وموحد، مما يجعل من الأمازيغية أداة عمل مؤسساتي يومي وليس مجرد شعار رمزي.

وقد شهد اللقاء مداخلات قيمة، أبرزها للأستاذ عبد الواحد درويش، الذي اعتبر المبادرة تعبيرا عن نضج سياسي حقيقي في التعاطي مع الأمازيغية، مثمنا توجه الحزب نحو تحويل التزامات دستورية إلى ممارسات مؤسساتية حقيقية، والنضال النوعي لأعضائه ولجنة الأمازيغية.

وفي ختام اللقاء، أكد السيد بوهدوز أن اللجنة ليست مجرد إطار شكلي، بل ضمير نقدي وميداني حي، يواكب الأداء الحزبي ويشتغل من الداخل بروح مسؤولة.

وأعرب عن اعتزازه الكبير بالتجاوب الإيجابي لقيادة الحزب مع مقترحات اللجنة وديناميتها، معتبرا أن قابلية الحزب للنقد والانفتاح على الملاحظات تعكس تميزه عن العديد من التنظيمات السياسية الأخرى، مثمنا عاليا الدعم الذي عبرت عنه السيدة نجوى ككوس، رئيسة المجلس الوطني، والتي اعتبرت وجود حركة أمازيغية قوية داخل الحزب مصدر غنى وقوة.

وشدد بوهدوز على أن قيادة حزب الأصالة والمعاصرة للحكومة المقبلة ستكون فرصة تاريخية لفتح ورش تفعيل الأمازيغية بالجدية التي تستحقها، وتحقيق طموحات ورؤى المناضلات والمناضلين من أجل مستقبل اللغة والهوية، مشيرا إلى أن هذا ليس مجرد مطلب فئوي، بل هو اختبار حقيقي لنضج المشروع الوطني الديمقراطي والتعددي الذي تأسس عليه الحزب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.