“الصحراء المغربية: مسيرة الوحدة” موضوع ندوة من تنظيم المنتدى الجهوي للتعليم العالي بجهة فاس- مكناس

0 190

احتفالا بعيد الوحدة وبمناسبة الذكرى 50 للمسيرة الخضراء والذكرى 70 لعيد الاستقلال، نظم المنتدى الجهوي لأساتذة التعليم العالي، تحت إشراف الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة لجهة فاس- مكناس، ندوة في موضوع: “الصحراء المغربية: مسيرة الوحدة”، وذلك يوم الجمعة 21 نونبر 2025، بفاس، بحضور فعاليات سياسية ومدنية وأكاديميين وإعلاميين.

الندوة وأطرها ذ. المحجوب السالك مناضل حقوقي، ود.محمد الحجيرة الأمين الجهوي للحزب، ود.الحاج ساسيوي رئيس المنتدى الجهوي للتعليم العالي.

وعرفت الندوة حضور النواب البرلمانيين: خديجة حجوبي؛ عزيز اللبار وزكرياء بن وانس؛ ونزهة الصادقي عضو المكتب التنفيذي لمنظمة النساء؛ وأمل أضردور نائب رئيس مجلس جماعة فاس وأسامة بوركيزة نائب رئيس مجلس مقاطعة المرينيين، وعدد من المنتخبين الجماعيين من أقاليم الجهة وأعضاء المجلس الوطني والأمانة الجهوية والأمانات الإقليمية والمحلية بالجهة ذاتها وأعضاء المنتدى الجهوي للتعليم العالي.

الدكتور الحجيرة، ركز في مداخلته على السياق الوطني والدولي الذي جاء فيه تنظيم هذه الندوة، والمتمثل في الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء، والذكرى 70 لعيد الاستقلال، اللتين تزامنتا مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797 يوم 31 أكتوبر 2025، المساند لمغربية الصحراء، والداعي إلى اعتماد الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

كما توقف عند ثمار التعبئة الوطنية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وتوجيهاته السامية التي شكلت خارطة طريق للدبلوماسية، الرسمية والموازية، لتحقيق هذا الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية الجنوبية، كما لم يفت الأمين الجهوي التنويه بالجهود الذي يبذلها حزب الأصالة والمعاصرة في هذا الصدد، وانخراطه الدائم في التعريف بالقضية وطنيا ودوليا.

وخلص إلى أهمية القرار الأممي، مستعرضا بعض جوانبه، ومنها تنصيص مجلس الأمن الدولي على الدعم الذي أعربت عنه العديد من الدول الأعضاء لمقترح الحكم الذاتي المغربي، المقدم في 11 أبريل 2007 إلى الأمين العام، كأساس لحل عادل ودائم ومقبول للطرفين للنزاع؛ … [و]يؤكد أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر جدوى؛ … [و]يرحب كذلك بالتزام أعضاء المجلس بتسهيل التقدم”.

كما ذكر الحجيرة بإعراب مجلس الأمن، وكما جاء في نص القرار، “عن دعمه الكامل للأمين العام ومبعوثه الشخصي في تيسير وإجراء مفاوضات، استنادا إلى مقترح الحكم الذاتي، بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول لطرفي النزاع، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة، ويرحب بأي اقتراحات بناءة من الطرفين استجابة لمقترح الحكم الذاتي”.

من جهته أبرز الدكتور ساسيوي، دور الديبلوماسية الأكاديمية في الدفاع عن الصحراء المغربية، من خلال أهمية التعريف بالقضية تعريفا يوضح الارتباط التاريخي للصحراء بالسلاطين المغاربة، وهو ما كانت محكمة العدل الدولية قد استندت إليه في حكمها الاستشاري في 16 أكتوبر 1975 لما أكدت وجود روابط البيعة بين المغرب والقبائل الصحراوية.

ولفت المتحدث الانتباه إلى الزخم الذي عرفته قضية الصحراء المغربية قاريا ودوليا، بفضل تزايد التمثيليات الديبلوماسية التي تعرف العيون والداخلة فتحها باستمرار، وكما قال جلالة الملك في الخطاب الذي أعقب صدور القرار الأممي يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، فإن ثلثي الدول بالأمم المتحدة، أصبحت تعتبر مبادرة الحكم الذاتي، هي الإطار الوحيد لحل هذا النزاع؛ وهو ما يعكس الدعم الدولي لعدالة مغربية الصحراء، وترجمَه القرار الأممي الأخير، الذي دعا إلى حل لقضية الصحراء دون شروط مسبقة، على أساس مقترح الحكم الذاتي.

وذكّر ساسيوي بمغزى الإجماع الدولي الذي حظي به قرار مجلس الأمن وصداه العالمي، لكونه جاء مدعوما من قبل القوى الكبرى، وأنه حظي بالتصويت من قبل 11 دولة، منها ثلاث دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وبريطانيا)، ولم تبطله روسيا والصين صاحبتا حق الفيتو بما يعد مساندة ضمنية للقرار، واكتفيتا، إلى جانب باكستان، بعدم التصويت، في حين لم تصوت الجزائر التي تجرعت خيبة ديبلوماسية من ذلك.

مداخلة الأستاذ السالك فصل خلالها ملابسات تأسيس جبهة “البوليساريو”، التي كانت غايتها تحرير الصحراء المغربية من الاحتلال الإسباني، غير أن تدخلات ليبيا والجزائر حولا الجبهة من حركة تحرير إلى حركة انفصالية وآلية للصراع السياسي بالمنطقة، وورقة ضغط توظفها الجزائر ضد المغرب، فكان أفراد الجبهة، كما يقول المحاضر، ضحية تلاعب دولي لا يدركون خلفياته الحقيقية، ولا سيما عقب خطاب المغفور له الحسن الثاني عام 1974، الذي دعا فيه إلى تحرير الصحراء، حينها ازداد التدخل الجزائري بتحريك ورقة الانفصال والرغبة في إنشاء جمهورية في الصحراء مما أفقد الجبهة مشروعية القضية التي تأسست من أجلها.

وعرّج المحاضر، وهو الخبير بشؤون قضية الصحراء، على تداعيات معارضة مخطط التقسيم من قبل نشطاء البوليساريو، الذين تم التنكيل بهم بواسطة مختلف أنواع التعذيب والاعتقال؛ فقد كان السالك نفسه عرضة لأقسى أنواع ذلك التعذيب بسبب قضائه ثمان سنوات في سجن أو “قبر”، كما يصفه، تحت الأرض.

واستنتج السالك أن قضية الصحراء في جوهرها معاداة جزائرية للمغرب، الصحراويون هم مجرد ضحية، ولذلك جاء تنويهه بمضمون الخطاب الملكي يوم 31 أكتوبر 2025، الذي ألقاه جلاله الملك عقب صدور القرار الأممي، لما فيه من شجاعة ورغبة ملكية في الوصول إلى حل نهائي، عبر الحكم الذاتي، يمكن المغرب من فرض سيادته على أقاليمه الجنوبية، ويجمع شمل الأسر الصحراوية وينهي معاناة بعضهم في المخيمات بتندوف.

واستشهد السالك ببعض ما جاء في الخطاب الملكي، من قبيل تأكيد جلالته، نصره الله، أنه “بعد خمسين سنة من التضحيات، ها نحن نبدأ، بعون الله وتوفيقه، فتحا جديدا، في مسار ترسيخ مغربية الصحراء، والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل، في إطار حل توافقي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي. وإنه من دواعي الاعتزاز، أن يتزامن هذا التحول التاريخي، مع تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، والذكرى السبعين لاستقلال المغرب”.

كما نبه المحاضر إلى أهمية المرحلة التاريخية الراهنة، استنادا إلى الخطاب الملكي، لما قال جلالة الملك: “إننا نعيش مرحلة فاصلة، ومنعطفا حاسما، في تاريخ المغرب الحديث. فهناك ما قبل 31 أكتوبر 2025، وهناك ما بعده. لقد حان وقت المغرب الموحد، من طنجة إلى لكويرة، الذي لن يتطاول أحد على حقوقه، وعلى حدوده التاريخية”.

وخلص المحاضر إلى أهمية استراتيجية الديبلوماسية التي نهجها المغرب لإحداث ذلك الزخم المشهود به عالميا، والذي اعتبر جلالة الملك بخصوصه: “أننا انتقلنا في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير”.

وبعد ذلك فتح باب المناقشة التي تفاعل معها المحاضر بالتوضيح وإبراز أهمية القرار الأممي على أساس الحكم الذاتي، وأهمية السيادة السياسية والاقتصادية للمغرب على أقاليمه الجنوبية، وشجاعة المغرب بقيادة جلالة الملك في أخذ المبادرة منذ 2007 والدعوة إلى الحكم الذاتي، الذي تنبهت الأمم المتحدة والقوى الدولية لأهميته، فأصدر مجلس الأمن قراره رقم 2797 للحسم النهائي في هذا النزاع المفتعل.

لقد جاء القرار الأممي الأخير ليعكس الدينامية التي تمتعت بها الأقاليم الصحراوية، في ظل السيادة المغربية، حيث كانت الانتقال، من التحرير بالمسيرة، إلى مسيرة الوحدة؛ ومن “التدبير” إلى “التغيير”، كما قال جلالة الملك حفظه الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.