تجربة البام: مسار حزب ولد من أجل التوازن والتجديد
في مثل هذا الشهر من سنة 2008، ولد حزب الأصالة والمعاصرة من رحم لحظة سياسية دقيقة، حاملة لتطلعات جيل جديد من الفاعلين الطامحين إلى تجديد الفعل الحزبي، وتقديم عرض سياسي بديل، يعيد الثقة بين المواطن والسياسة، ويجسر الهوة بين مؤسسات الدولة وواقع المواطنين. واليوم، وبعد مرور سبعة عشر عاما على هذا التأسيس، يبدو من المفيد والضروري الوقوف لتقييم حصيلة هذا المسار واستشراف رهاناته المستقبلية.
منذ انطلاقته، أثار حزب الأصالة والمعاصرة الكثير من الجدل، سواء بسبب سرعة بروزه في المشهد السياسي أو لطبيعة مشروعه الذي رفع شعار “المصالحة بين المغاربة والسياسة”. لكنه، مع مرور الوقت، أثبت أنه أكثر من مجرد ظاهرة سياسية عابرة، بل أصبح رقما ثابتا في المعادلة الحزبية المغربية، مساهما في إعادة تشكيل التوازنات داخل المؤسسات المنتخبة، ومشاركا بفعالية في النقاش العمومي الوطني.
لقد استطاع الحزب، خلال هذه السنوات، أن يحقق حضوراً وازنا في مختلف الاستحقاقات الانتخابية، وكان له شرف رئاسة عدد من الجهات والجماعات، كما شارك في قيادة الحكومة الحالية، مما شكل انتقالا من دور المعارضة إلى موقع التدبير التنفيذي، بكل ما يحمله ذلك من تحديات ومسؤوليات.
وعلى الرغم من بعض الهزات التنظيمية التي مر بها الحزب، شأنه في ذلك شأن جميع الكيانات السياسية الحية، إلا أنه أبان عن قدرة على التجدد والتكيف، بفضل نخبه التي تجمع بين الخبرة والتنوع، وتمكنه من المحافظة على موقعه في الصفوف الأولى للفاعلين السياسيين.
إن أهمية حزب الأصالة والمعاصرة لا تكمن فقط في نتائجه الانتخابية أو موقعه المؤسساتي، بل تتجلى في كونه منصة لتجديد الخطاب السياسي، وتوسيع دائرة المشاركة، خاصة من خلال انفتاحه على الشباب والنساء، وحرصه على إدماج الكفاءات في العمل الحزبي، وهي رهانات تظل مركزية في أي مشروع إصلاحي حقيقي.
اليوم، وبعد سبعة عشر عاما من التأسيس، يقف الحزب أمام لحظة مفصلية تقتضي المزيد من العمل على تكريس الديمقراطية الداخلية، وتطوير آليات الاشتغال السياسي، وتعزيز الانغراس المجتمعي، حتى يظل وفيا لهويته كحزب وُلد من أجل التجديد، وليس مجرد الاستمرارية الشكلية.
ختاما، فإن مسار حزب الأصالة والمعاصرة خلال هذه المدة ليس فقط تعبيرا عن إرادة فاعلين سياسيين، بل هو مرآة لتحولات المجتمع المغربي، ورغبة أكيدة في بناء عرض سياسي متجدد، يواكب تطلعات المواطن المغربي في الكرامة، والتنمية، والعدالة الاجتماعية.
كوثر الغرفي
عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة