أبودرار: قانون المالية 2019 لا يستجيب لطموحات المواطن المغربي ويعمق الأزمة الاجتماعية

0 497

في مدخل حديثه خلال حلوله ضيفا على برنامج “قضايا وآراء”، مساء الثلاثاء 18 دجنبر الجاري، في حلقة ناقشت رهانات وتحديات قانون المالية 2019، اعتبر النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة السيد محمد أبودرار، أن المشروع لا يعكس تطلعات المواطنين وبعيد كل البعد من أن يرفع مستوى معيشتهم، (مع استمرار مسلسل ارتفاع الأسعار وتجميد الرواتب..)، مضيفا بقوله: “الحال أن المواطن لا يجد ذاته في القانون، ونحن كصوت لهذا المواطن نعبر عن نفس رأي هذا الأخير بشأن القانون المذكور”.

لماذا المواطن لا يجد ذاته في مشروع قانون المالية يتساءل أبودرار؟، هو إحساس ليس وليد لحظة مناقشة القانون ولكنه تراكم سنوات، يضيف أبودرار، مسترسلا في كون السياق الوطني العام يوضح هذا التنافر بين المواطن المغربي والمشروع المشار إليه، سياق تميزه الاحتجاجات الاجتماعية بما رافقها من حملة “المقاطعة” وتصاعد منسوب “الحريك” (الهجرة السرية) والإحساس باليأس والتهميش، كتعبير أو بالأحرى تصريف لمواقف تجاه حكومة لم تدبر شؤونه بالشكل المطلوب.

إلى ذلك، اعتبر المتحدث أن الإشكال الراهن في كل القطاعات ببلادنا لا يتعلق ب “ضخ الأموال” بقدر ما يرتبط ب “حسن التدبير” و”الحكامة” وكذا تجليات “الفساد المالي” في تدبير القطاعات وضمنها قطاع الصحة. فما يخصص لهذا القطاع من طرف الحكومة بعيد جدا عن ما يأمله المواطن سواء تعلق الأمر بتشغيل الأطر أو التجهيزات وغير ذلك، يقول أبودرار، ويضرب مثلا على ذلك بسوء التسيير الذي يشوب القطاع بكون العديد من المواطنين يضطرون في إطار “المواعيد” إلى الانتظار 6 أشهر أو أكثر للاستفادة من الفحوص الطبية في الكثير من الحالات، واقع لا يعني تسويق صورة سيئة ببلادنا، بقدر ما هو جس واقعي بلا تنميق، يقول أبودرار.

وسجل أبودرار في معرض حديثه كون الحكومة تكرر نفس الخطاب، وتعيد ترديد البرامج وكثرة الاعتمادات التي تضخ في برامج دون تفعيل، مستحضرا في هذا الإطار “قانون التصفية” (2016) الذي يبين حقيقة مدى تفعيل تلك البرامج.

فماذا استفاد المغاربة من “الراميد” و”تيسير” يتساءل أبودرار؟. ويوضح كون المؤسسات الرقابية الدستورية وضعت تقييما حقيقيا لتدبير الحكومة لعدد من القطاعات، وآخرها المجلس الأعلى للحسابات ومختلف المؤشرات التي جاءت في التقرير الصادر عن المجلس تعبر عن واقع التدبير الحكومي السيء.

وعبر أبودرار عن أسفه كون العديد من الدول تتفوق علينا في مؤشر التنمية رغم أوضاعها الأمنية والاقتصادية اللامستقرة. بالمقابل أوضح المتحدث أن على الحكومة امتلاك الشجاعة والجرأة الكافيتين لمصارحة المغاربة بالعجز في تدبير شؤونهم، فأقرب طريق إلى الإصلاح هي قول الحقيقة وأن يلمس المواطن بشكل عملي البرامج التي تتحدث عنها الحكومة.

أبودرار أضاف في سياق متصل أن الأرقام التي تقدمها الحكومة بشأن منجزاتها عبارة عن “تضليل” للمواطنين المغاربة، حيث وصلت مديونية البلاد إلى 93 في المئة من الناتج الداخلي الخام (100000 مليار سنتيم) وهو رقم لم تصل إليه بلادنا من قبل.

وعرج أبودرار على النقطة المتعلقة بالتعديلات التي قدمها الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة بخصوص مشروع قانون المالية، موضحا أن التعديلات لامست وزواجت بين رفع المستوى المعيشي للمغاربة والبحث عن ضخ موارد مالية ضريبية لصالح الخزينة العامة، عبر 96 تعديلا لم تقبل منها الحكومة سوى 5 تعديلات شكلية، بينما تتحجج الحكومة بالفصل 77 بخصوص التعديلات الحقيقية.

ومن أهم التعديلات التي قدمها فريق البام تلك المتعلقة بالرفع من القدرة الشرائية للمغاربة عبر تخفيض الضريبة على الأجراء، فاليوم المواطن المغربي لم يعد بإمكانه “الإدخار” مع ضعف أو غياب الزيادة في الأجور وارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطن المنتمي الأجير/ الموظف إلى فئة تشكل واحدة من أسس الموارد الضريبية. وبخصوص موضوع المحروقات فجميع المواد الاستهلاكية الأساسية لعيش المواطن ترتبط بالمحروقات، حيث أوضح أبودرار أنه تمت المطالبة بتخفيض الضريبة على المحروقات خدمة للمواطن إلا أن التعديلات قوبلت بالرفض ضمن ما أسماه أبودرار “نفاقا سياسيا”.

نقطة أخرى حظيت بالنقاش والمتعلقة بالتعيين في المناصب العليا، الذي أصبح -على لسان أبودرار- عبارة عن “محاباة ” بين مكونات التحالف الحكومي ويمنع على باقي الأطراف الاستفادة من التعيين المشار إليه، وما ينطبق على التعيين في المناصب العليا ينطبق كذلك على التعيين في الإدارة المركزية، حيث تحولت الوزارات، يقول أبودرار، إلى ملحقات سياسية لأحزابها، وأصبحت التعيينات تحدث خارج إطارها الرسمي، ولهذا السبب دعا فريق البام بمجلس النواب إلى تفعيل عمل لجنة تقصي الحقائق بخصوص موضوع التعيين في المناصب العليا.

ولتجاوز الأزمة الراهنة، دعا أبودرار الحكومة إلى الإبداع في إيجاد الموارد المالية عبر توسيع “الوعاء الضريبي”، وإصلاح وإعادة هيكلة المؤسسات التي تعاني نزيفا ماليا حادا وألا يتم حصرها (المؤسسات المذكورة) كأدوات مالية لحل الأزمة عبر خصخصتها إلخ .. واستغرب أبودرار في نهاية المطاف تضريب المقاولة التي تعيش إكراهات مالية وتقترب من الإفلاس. هو عنوان بسيط لمستوى سوء التدبير الذي يعرفه التدبير الحكومي، قانون شعبي رديء لا يترك مجالا للمواطن من أجل تحسين وضعه، وعلى الحكومة بالمقابل أن تشرك باقي الفرقاء بشأن كل برامجها، يختم أبودرار.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.