أخشيشن: نحتاج اليوم إلى التنزيل الجيد للذكاء الجماعي وتفعيل البعد المركزي للجهوية للخروج من الأزمة

0 1٬124

قال، رئيس مجلس جهة مراكش أسفي د.أحمد أخشيشن، خلال حلولـــه ضيفا، مســــاء أمس الخميس 28 ماي الجاري، على الحلقة السادسة -من سلسلة حلقات النقاش- خصصت لمناقشة موضوع: “دور مجالس الجهات في ظل جائحة كورونا”، (قال) إن المجالس الجهويــــة انخرط في الجهود الوطنية لمكافحة جائحة كورونا ضمن الحدود المتفق عليها على اعتبار أن التدخل الرئيسي والأساسي كان للدولة عن طريق مختلف المؤسسات ذات الصلة. وذكر المتحدث بكون جمعية رؤساء الجهات بالمغرب كان من أوائل المساهمين في الصندوق الخاص بمحاربة الجائحة ب 1.5 مليار درهم، كما أن جملة من أشكال المساهمات بهذا الصدد كانت نوعية ومرتفعة حتى تشكل نوعا من التحفيز وإشارة لباقي المؤسسات لكي تساهم في الصندوق المشار إليه.

وأشار أخشيشن، خلال هذه الندوة التي نظمت “عن بعد” بتنسيق وتعاون بين منظمة شباب حزب الأصالة والمعاصرة، منظمة الشبيبة الاستقلاليــــة، والشبيبـــــة الحركيـــــة، (أشار) إلى أن الجهات وحين يطلب منها المساهمة في هكذا مواقف فإنه لا يمكن لها إلا أن تساهم وبكل إمكانياتها المتاحة. كما شملت تدخــــلات مجالس الجهات كذلك مجالات لا يمكن للدولة أن تتدخل فيها بشكل مباشر، ومن ضمنها ضمان شفاء المصابين بشكل جيد سواء من حيث التعقيم والمستلزمات الطبية.

إضافة إلى ذلك تم توفير الدعم الغذائي المباشر للأسر المعوزة والمتضررة من جائحة كورونا مع الإشارة إلى تزامن المرحلة مع شهر رمضان، فكان للجهات أن تدخلت بالنظر إلى أن تدخل الدولة كان يستلزم بعض الوقت، وهو ما أثبت عمليا على أن الجهات لها القدرة على التدخل والمواكبة في الميدان وبوتيرة سريعة. وأوضح أخشيشن بالمقابل أن النقاش حول تدخل أكبر للجهات يحيل على طرح مجموعة من التساؤلات مرتبطة بصلاحيات الجهة؟ انتظارات الساكنة؟، إمكانيات الجهة؟، لكنه لم يفته التأكيد على أن الجهات رغم هذه الحيثيات كانت في الموعد وتدخلت بشكل جيد.

أوضح رئيس مجلس جهة مراكش أسفي أن ما واكب جائحة كورونا من تبعات، سيسرع من وتيرة التحديث الحقيقي للبناء المؤسساتي في الدولة، فعلى مستوى ترتيب الأولويات يتضح أننا سنعيش مستقبلا ترتيبات مغايرة للواقع وما فات خلال العقود الماضية، على اعتبار أنه اليوم هناك إشكاليات حقيقية مرتبطة بطبيعة النسيج الإنتاجي للإقتصاد الوطني وقدرته لعى التجاوب بشكل حقيقي مع انتظارات المجتمع. مضيفا بالقول: “وبدون شك ستكون هناك متغيرات كبيرة تتعلق بشركائنا على المستوى الدولي خصوصا بالنسبة للأولويات التي سيحددونها على مستوى تطور اقتصادياتهم الوطنية، وبالتالي إعادة ترتيب علاقاتهم مع بلدان شريكة (المغرب نموذجا) بمعنى هل سيستمر نفس الدعم الذي يوجهه هؤلاء الشركاء خاصة على مستوى للاستثمارات الخارجية”.

واسترسل المتحدث بالإشارة إلى أن الأزمة الراهنة أبانت عن أنه ليس هناك طرف ضعيف وطرف قوي. وبالتالي يجب تظافر الجهود على المستويات الوطنية والمستويات الجهوية ومختلف المستويات الترابية على أساس أن يكون لكل المتدخلين القدرة والصلاحية -كل حسب صلاحياته واختصاصاته- من أجل تطويق الأزمات وإيجاد الحلول للمضي بشكل جيد نحو المستقبل.

بمعنى آخر أن السؤال الذي سيطرح بعد 10 يونيو 2020، ما هو حجم الفاتورة التي ستؤديها بلادنا؟. وزير الاقتصاد والمالية تحدث في معرض جوابه على سؤال خلال جلسة الأسئلة الشفوية في مجلس النواب، عن تكلفة تقدر ب 1 مليار درهم يوميــــا، وهي تكلفة لن تكون -طبعا- بشكل متساو على جميع الأجهزة الترابية ولن تمس كل القطاعات بنفس الحجم. وبالتالي عندما سنقف على حقيقة المجهود الجماعي (الدولة، المجالس الترابية، مختلف الفاعلين …) الذي يجب أن نقوم به، يقول رئيس جهة مراكش أسفي، مستقبلا من أجل استرجاع النفس والحضور على المستوى الدولي بالحجم الذي تطمح إليه بلادنا.

حينها، يضيف أخشيشن، ستطرح الإشكاليات التي نحن بصددها الآن، ألا وهي ما هو مجال تدخل المجالس الترابية، في ظل الهوة الكبيرة في استجابة الدولة على مستوى الأقاليم والجهات في ما يخص القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم (العدالة الاجتماعية على مستوى الولوج إلى التعلم عن بعد، حيث المناطق النائية تغيب فيها أبسط أشكال التواصل) لفائدة المواطنين. هذا التدخل يحتاج إلى قنوات جديدة مستقبلا يؤكد أخشيشن.

السؤال الذي يطرح في ظل هذا الوضع: ما هي طبيعة الاختصاصات التي يجب تخويلها مستقبلا لصالح مجالس الجهات؟، وطبيعة علاقتها مع مختلف مصالح الدولة مركزيا؟، وطبيعة علاقتها مع مؤسسات الدولة جهويا؟.

فأمام كبر حجم الأزمة اضطرت الدولة إلى استرجاع جزء كبير من صلاحياتها وهذا أمر طبيعي، ولكن للخروج من الأزمة فإن تدبيرها لا يمكن أن يتم بنفس المنطق، فعلى المستوى الاقتصادي، هل ستظل الجهة مكتفية بما هو مخول لها على مستوى تأطير المناخ العام للشأن الاقتصادي جهويا؟ أم أن الجهة ستضطر لإيجاد آليات للتدخل على مستوى المقاولات، المؤسسات الاقتصادية. فكلها أمور مرهونة بالنقاش الدائر حول طبيعة الصلاحيات، يوضح أخشيشن، وطبيعة العلاقة التي سيتم تدبيرها مستقبلا ما بين الدولة والمؤسسات المنتخبة ومختلف المرافق التابعة للدولة.

هذه الأسئلة لا أجوبة لها في الوقت الراهن، لكن ما هو واضح هو أن الأولوية ستوجه لمعالجة الخصاص المهول في القطاعات الاجتماعية، على اعتبار أن مصيرنا المجتمعي مرتبطة بالقدرة على تجاوز هذا الخصاص، بمعنى تدارك الهوة التي كان يعرفها النموذج التنموي لبلادنا سابقا.

ولكن تصريف هذا التصريف لن يكون أمر سهلا على اعتبار أنه ليس مرتبطا بصلاحيات أو إمكانيات مادية، ولكن يرتبط أساسا بالقدرة الجماعية على توفير الموارد الضرورية من أجل الاستجابة لهذه الحاجيات والانتظارات، وبالقدرة كذلك على توزيع هذه الإمكانيات -مجــــــــــاليا- بشكل متساو وعادل لتجاوز الإشكاليات التي يرطحها غياب العدالة المجالية (في وقت سابق كانت مختبرات الكشف عن الإصابة بفيروس كورونا متمركزة في الدار البيضاء والرباط ثم تبين أن هناك حاجة مستعجلة وضرورية لمختبرات تؤدي نفس المهمة في مدن وجهات أخرى).

ومن إيجابيات الأزمة كذلك أن الدولة والمجالس الترابية بمختلف مستوياتها وكذا باقي المتدخلين خلصوا إلى تفعيل “الذكاء الجماعي” لإيجاد الحلول وتقريبها من الساكنة حيث تتواجد جغرافيا. والتفاؤل قائم في أن يستمر هذا الذكاء الجماعي والإرادة الجماعية بنفس آخر ويتم تصريفها بشك عملي على مستوى مجالات التدخل، لنخلص إلى نتيجة إيجابية ونكون قد أجبنا على انتظارات المواطنين.

أخشيشن خلص إلى أنه من إيجابيات الأزمة كذلك أنها خلقت وعيا ومنسوبا كبيرا لإدراك أهمية الجهوية، فتقديم المعطيات الوبائية يتم انطلاقا من الجهات وكذا الشأن بالنسبة لتحديد لانتشار الوباء وحجم الإصابات وغيره. وحتى تحليل هذه المعطيات إعلاميا وعلى مستوى وسائط التواصل الاجتماعي يتم على المستوى الجهوي. هذا يعني أن البعد الجهوي في المخلية وطنية تترسخ كمسألة أساسية ورقما لا يمكن تجاوزه، ويرى أخشيشن أن المضي في البناء على هذا الأساس (البعد الجهوي) ليس مجرد تقطيع ترابي بل هو الواقع الذي يجب الاستثمار فيه بما له وما عليه. وأضاف بالقول: “هذا الواقع يوضح أن الجهوية ليست ترفا فكريا أو مؤسساتيا، بل هي أسلوب من أساليب تدبير الشأن بشكل يستجيب لانتظارات الساكنة على اعتبار التباين المسجل على مستوى الجهات، هذا الواقع يشير إلى أن الجهات لها خصوصيات، ومن هنا يجب دعم الجهات حسب خصوصياتها.

وأضاف المتحدث أن تدخلات الجهات بداية الأزمة كان يتم بشكل تلقائي يصب في اتجاه دعم جهود الدولة، بمعنى أن تطور منظور التدبير الجهوي مسألة لم يعد فيها نقاش. وأساسا نحن اليوم أمام تفكير جماعي للخروج من الأزمة بتفعيل البعد المركزي للجهوية. وبقدر التدخلات التي قامت بها مجالس الجهات فإن “المحدودية” من جهة محدودية الصلاحيات والإمكانيات فإن النقاش يطرح حول نقل الصلاحيات من الدولة إلى الجهة، ولكن كذلك داخليا وضبط الدور الذي تقوم به في علاقتها مع الولاية والأقاليم والعمالات وباقي المؤسسات المنتخبة”. إذن أمام نقاش هام ووازن أشار إلى ما هو إيجابي لكنه لم يغفل النواقص والحاجة أساسية لذكاء جماعي، كما سلف الذكر، لمعالجة هذا الإشكال وكل ما يرتبط به.

مــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.