أسماء علالي: المرحلة الراهنة تشكل محطة للتفكير الاستراتيجي لبناء مغرب المستقبل قويا في العديد من المجالات

0 3٬620

أكدت، المستشارة بمجلس جهة سوس ماســـة السيدة أسماء علالي، في معرض حديثها خلال الندوة التي نظمها المنبر الرقمي “الوسيط بريس”، حول موضوع: “آثار كورونا على جهة سوس ماسة في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي”، (أكدت) على أهمية الندوة التي تأتي في وقت يطرح فيه المواطن بالمنطقة الكثير من التساؤلات، خاصة منها تلك المرتبطة بالتبعات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة لم تكن موقعة سواء بالنسبة لبلادنا أو باقي دول العالم.

بالمقابل اعتبرت المتحدثة أن الجهة لم تتأثر كثيرا بسبب الجائحة صحيا واقتصاديا، فعلى المستوى الصحي لم تسجل إلا حالات قليلة تعافت، في حين أن الوضع الاقتصادي ظل مستقرا في المنطقة بالنظر إلى تنوع تمفصلاتها (جهة سوس ماسة) الاقتصادية على عكس جهات أخرى التي ترتبط ديناميتها الاقتصادية بقطاع واحد كما هو حال جهة مراكش أسفي مع قطاع السياحة.

التنوع الاقتصادي في جهة سوس ماسة مبني على 6 أسس، وعلى رأسها 3 قطاعات أولها قطاع الفلاحة بحكم مساهمته الهامة في الناتج الداخلي للبلاد، وكذلك قطاع الصيد البحري الذي له مساهمته الكبيرة في ذات الناتج، كما أنهما قطاعان يشغلان يدا عاملة واسعة في الجهة. وينضاف إلى الفلاحة والصيد البحري قطاع السياحة، قطاع التجارة، قطاع الصناعة/ الصناعة التقليدية ثم القطاع السادس الذي يهم كل نشاط غير مهيكل. فالفلاحة والصيد البحري لم يتأثران بالجائحة، تقول علالي، لأن سلسلة الإنتاج ظلت مستمرة إضافة إلى الحفاظ على مناصب الشغل ذات الصلة. أما قطاع السياحة وقطاع الصناعة التقليدية فقد تضررا بشكل كبير ومباشر بسبب منع التنقل الناجم عن فرض حالة الطوارئ الصحية في كل أرجاء البلاد.

على مستوى الصناعة وفي ارتباط بكل ما هو منتوج غذائي، الصيد البحري وكذا البناء، فإن الحركة الإنتاجية لم تتوقف فيها بشكل كلي. في حين أن قطاع التجارة تضرر بشكل أو بآخر بسبب فرض حالة الطوارئ الصحيــــة، أما القطاع غير المهيكل فالحديث عنه له أهميته وخصوصيته والملاحظ أن هو الآخر تضرر بسبب جائحة كورونا. وعموما القطاعات التي تشكل الكتلة الكبيرة في اقتصاد الجهة لم تتأثر وظلت صامدة بينما القطاعات الأخرى سجلت تضررا بين الجزئي والكلي.

المستشارة مجلس جهة سوس ماسة، أضافت في نفس السياق على أن الجهة ساهمت بشكل واضح وفعال في ضمان الأمن الغذائي للمغرب، وهذا الشأن المتعلق بالأمن الغذائي أصبحت بلادنا يضرب بها المثل دوليا لتنضاف إلى باقي التدابير والإجراءات المتخذة في مواجهة الجائحة.

علالي، أكدت أن الظرفيــــة الحالية ألغت ما يسمى ب “المعارضة” و”الأغلبية” داخل المجالس المنتخبة وضمنها مجلس سوس ماسة، فالأهم هو الوطن وصحة المواطن ولا شيء غير ذلك، حيث أن أي اختلاف بين مكونات المجلس يجب تجاوزه في الوقت الراهن والاعتبار الوحيد هو “الاعتبار الوطني”.

المتحدثة أوضحت أن الفترة التي تمر بلادنا حاليا إلى حين رفع حالة الطوارئ الصحيـــة وما بعدها (الفترة على المدى القريب الممتدة ما بين 2020 و2021) يصطلح عليها ب “اقتصاد الحرب” حيث أن الدولة تتحمل كل الثقل على اعتبار أن القطاعات الاقتصادية والاجتماعية شبه محلول. والحديث عن مبادرات يقوم بها مجلس الجهة فإن هذا الأخير يشكل جزءا بسيطا من منظومة الدولة التي هي من يأخذ بزمام الأمور بالنظر إلى كبر حجم الإشكاليات المطروحة، والدولة برهنت على أن كل مبادراتها كانت في الصميم وأثبتت نجاعتها.

وبعد انقضاء الفترة على المدى القريب، سيتعين الاستعداد إلى فترة المدى المتوسط الممتدة ما بين 2023 و2025، وهي التي تشكل مرحلة للتفكير في بناء البلاد من أجل مغرب 2035 ومغرب 2040.

إلـــى ذلك، أوضحت علالي أن القطاعات التي يرتكز عليها اقتصاد جهة سوس ماسة (الفلاحة، الصيد البحري، السياحة والصناعة التقليدية) كلها مرتبطة بالاتحاد الأوربي داخل عالم اليوم يشهد الكثير من التجاذبات. حيث أن الخريطة الاستراتيجية الدولية لعالم ما بعد كورومنا لم تتضح بعد، وهذا سؤال جوهري وله أهميته القصوى ويجب على مجلس جهة سوس ماسة أن يشتغل عليه، حيث أن اقتصاد الجهة مرتبط بشكل كبير بالتحولات الجذرية المحتمل وقوعها.

فما دام الحديث اليوم عن توجه قوي للدول نحو تكريس “السيادة الاقتصادية” والتخلص من التبعية (الاستيراد)، تقول علالي، فإن الأمر يطرح الكثير من التساؤلات على مستوى اقتصاد جهة سوس ماسة التي تعول كثيرا على عملية التصدير نحو الخارج، خصوصا وأن الاتحاد الأوربي هو الزبون رقم 1 بالنسبة لبلادنا بشكل عام ولجهة سوس ماسة بشكل خاص في: الفلاحة، الصيد البحري، السياحة والصناعة التقليدية. وللتعاطي مع هذا الوضع هناك 3 سيناريوهات محتملة:

السيناريو الأول أن تواصل بلادنا كسب ثقة الاتحاد الأوربي، وتستمر الدينامية بين الطرفين (تصدير، استيراد ..) ومعاملات مختلفة بشكل طبيعي دون أي تراجع أو توقف. ليظل المغرب هو الشريك الاقتصادي القوي للاتحاد والأوربي ويستمر هذا الأخير في موقع الزبون الأول لبلادنا. وهنا يكون ميزان القوى في صالح المغرب عموما وجهة سوس ماسة خصوصا، وبالتالي يمكن الحديث عن فتح المجال مجددا للنقاش حول الاتفاقيات التي تجمع بين الطرفين.

السيناريو الثاني، هو أن يتجه الاتحاد الأوربي نحو تكريس “السيادة الاقتصادية” داخل منظومة أوربية صرفة، يعني أن يحقق هذا الأخير “ككتلـــة” السيادة في المجالات التي يتم الحديث عنها، أي التوجه نحو الجنوب الأوربي ودعم الاقتصاديات الفلاحية كما هو الحال بالنسبة إلى إسبانيا وإيطاليا، وهذا التوجه ستكون له تبعاته المختلفة على القطاع الأساس في جهة سوس ماسة ألا وهو الفلاحة. وفي هذا السياق دعت علالي إلى أن يكون لمجلس الجهة قدرة أكبر في التحليل والاستباق للتعاطي مع كل النتائج المحتملة، خصوصا وأنه أي المجلس هو أكثر إدراكا ووعيا بحجم قوة المبادلات المختلفة ما بين الجهة والاتحاد الأوربي.

السيناريو الثالث، هو أن يستمر الاتحاد الأوربي في خيار “السيادة الاقتصادية” ولكن بشكل “انفرادي” أي أن كل دولة ستنطلق في تنزيل اختيارات ضمانا لأمنها الغذائي كقطاع سيادي، مما قد يحيل على ما يمكن وصفه بشبه التفكك لمنظومة الاتحاد الأوربي. وأما هذا الواقع تطرح علالي العديد من التساؤلات المرتبطة بمدى مواصلة الجهة ارتباطها بالاتحاد الأوربي؟ أو الانفتاح على السوق الآسيوي؟، حيث سجل على سبيل المثال تضاعف للطلب الآسيوي مؤخرا على المنتوج السمكي بالجهة في حين أن الطلب من الاتحاد الأوربي مستمر كذلك.

الإشكالية اليوم، تسترسل، المستشارة الجهوية بجهة سوس ماسة، توجد على مستويات مختلفة، فالدولة تتحمل عبئا كبيرا بسبب ثقل تبعات الجائحة خصوصا في ظل قلة الموارد، فعلى سبيل المثال يسجل تراجع على مستوى احتياطي البلاد من العملة الصعبة، إضافة إلى تذبذب أسواق النفط في العالم .. كلها أمور تؤثر على اقتصاد البلاد ككل والجهة بشكل خاص. وفي المستوى الثاني فإن المقاولة تعاني على مستوى الإنتاج والتسويق والاستمرارية للوقاية من الإفلاس بسبب توقف عملية الإنتاج في العديد من الوحدات الصناعية لفترة طويلة. أما المستوى الثالث من الإشكالية فيرتبط بالمواطن الذي يظل معنيا بشكل مؤكد بتبعات الأزمة.

مــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.