الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة يفكك “الأعطاب” التي حالت دون تحقيق الإصلاح المنشود على مستوى منظومة الاقتصاد المغربي

0 631

عرج، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد عبد اللطيف وهبي، خلال عرض افتتاحي في إطار اللقاء المنظم اليوم الاثنين 09 غشت الجاري، بمدينة الرباط، والمخصص لتقديم مضامين البرنامج الانتخابي للحزب خلال الاستحقاقات القادمة، على مراحل عاشتها بلادنا على مستوى تأهيل الاقتصاد، حيث ذكر أن برنامج تأهيل الاقتصاد المغربي 1993-2002 جاء ليتشكل من سيرورات متعددة ضمن رؤية عامة وشاملة يشترك فيها كل الفاعلون الاقتصاديون والاجتماعيون (أرباب المقاولات النقابات العمالية) إلى جانب الشركاء الدوليين للمغرب.

السيرورة الأولى: هي المتعلقة بالمدة الزمنية التي حددت لعملية تأهيل الاقتصاد المغربي، لقد اعتقد كل الفاعلون أن المغرب قد أضاع وقتا طويلا فصار لزاما على أي إصلاح أن يخضع لآجال محددة لتنفيذه وتقييم مدى نجاحه.

السيرورة الثانية: هي التي تمثلت في جعل عملية تأهيل الاقتصاد المغربي يحمل بعدا اجتماعيا. إن أخذنا بعين الاعتبار لهذه الأبعاد الاجتماعية في عملية تأهيل الاقتصاد المغربي تعني التزام الفاعلين على مستويين اثنين: مستوى الماكرو–اقتصادي، خاصة بالنسبة للمقاولات- ومستوى السياسات العمومية سواء فيما يخص ما هو وطني أو فيما يخص الجماعات الترابية.

السيرورة الثالثة: التي تشكل منها تأهيل الاقتصاد المغربي كمرحلة ثالثة في مسار الإصلاح المغربي، هي التي تمثلت في اعتبار عملية التأهيل شأن كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين سواء الدولة أو أرباب المقاولات أو النقابات العمالية، فهو تأهيل يقوم على بناء تراض اجتماعي وسياسي لكي يترجم في كل مستويات الاقتصاد المغربي.

إلا أنه وعلى أهمية كل هذه السيرورات الإصلاحية التي تضمنها نموذج تأهيل الاقتصاد المغربي 1993-1998، يضيف الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، فإن المبدأ الذي كان يقوم عليه هذا النموذج شكل نقطة ضعفه الكبيرة، فاعتماده على مبدأ تنافسية السوق، الذي كان يعني أن السوق الحرة هي التي سوف تفرض إكراهاتها على المقاولات كي تعيد هيكلة بناها الإنتاجية والبشرية، كان مبدأ يعني تلقائية تحقيق الإصلاحات المرجوة، مما جعل عملية فهم وتطبيق هذه الإصلاحات تختلف وتتضارب بين الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، وبالتالي لم تجد طريقها للتحقق حتى تنتج الثمار المنتظرة منها.

وأمام فشل نموذج تأهيل الاقتصاد المغربي الذي أراد أن يكون امتدادا نوعيا لبرنامج التقويم الهيكلي الذي يسبقه، عاش المغرب فترة اجتماعية واقتصادية هددته بأزمة عبر عنها المغفور له الحسن الثاني ب “السكتة القبلية”.

الأمين العام، أشار بهذا الصدد إلى أنه في البرنامج الإصلاحي لحكومة عبد الرحمان اليوسفي الذي يعد المرحلة الرابعة من مسار تطور السياسة الإصلاحية في المغرب والذي سمي أنداك ببرنامج “حكومة التوافق” نجد الاعتماد على رد الاعتبار لدور الدولة الذي كان ثانويا في “برنامج التقويم الهيكلي” لعقد الثمانينات من القرن الماضي.
أما عودة دور الدولة المركزي في عملية الإصلاح فابتدأت منذ المصادقة على دستور 1996 الذي نص على أهمية التخطيط والبرمجة الاقتصادية.

واعتبر وهبي أن النموذج الإصلاحي الذي اعتمدته حكومة عبد الرحمان اليوسفي تشكل على ضرورتين أساسيتين هما ضرورة إعطاء دور مركزي للدولة من جهة وضرورة التعاطي الايجابي مع المعطيات الجديدة التي جاءت بها العولمة من جهة أخرى. الأمر الذي جعل هذا النموذج يحاول التركيب بين سياسات مختلفة مثل محاولة التوفيق بين الحاجيات الفردية والحاجيات الجماعية. والتشاور حول قواعد اللعبة الاقتصادية والاجتماعية، وكذا تشجيع التعاون بين الفاعلين، وربط الفعالية الاقتصادية بالعدالة الاجتماعية، والتنسيق بين الحاجيات الوطنية والإكراهات الدولية.

إن قيام النموذج التنموي لحكومة عبد الرحمان اليوسفي على سياسة ذات اتجاهات مختلفة ومتضاربة جعلته يعيش مفارقة بين الحاجيات الملحة والآنية للمجتمع المغربي من جهة، وبين منطق الإصلاح الذي يستدعي فترة زمنية طويلة لكي ينتج الأهداف المرجوة منه من جهة ثانية، يسترسل الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة.

ولقد أخذت هذه المفارقة بعدها الصعب عندما طرحت المطالب الاجتماعية من لدن المجتمع المغربي بوجهين مختلفين لكنهما متلازمين وجه أخلاقي رمزي يدعو إلى القطع السياسي مع كل أنماط التدبير العمومي التي سادت من قبل ووجه اقتصادي اجتماعي مرتبط بالاستجابة للحاجيات الأولية لحياة المغاربة والقضاء على اللامساواة الاجتماعية. ولعل هذا ما دفع عبد الرحمان اليوسفي وهو وزير أول للحكومة أن يقول “الإصلاحات الاقتصادية مكلفة والإصلاحات السياسية صعبة التحقيق”.

فالقطع مع السياسات السابقة لم يكن يتماشى مع الطبيعة التوافقية للنموذج الإصلاحي المعتمد والإصلاحات المالية والاقتصادية وجدت نفسها أمام حدود وإكراهات الظرفية الاقتصادية الدولية.

وذكر وهبي أن سياسة الإصلاح وفق النموذج الذي جاءت به حكومة عبد الرحمان اليوسفي استمرت مع حكومة السيد جطو إلى أن جاء دستور 2011 الذي أعطى المزيد من الديمقراطية للحياة السياسية المغربية، خاصة وأنه جاء بمؤسسة رئاسة الحكومة وجعل هذه الأخيرة تحت يد الحزب الحاصل على الأغلبية البرلمانية الأمر الذي أصبحت معه السياسة الاقتصادية والاجتماعية من مسؤولية البرنامج الحكومي الذي يصادق عليه البرلمان المغربي.

مـــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.