التهامي: إنجاح النموذج التنموي يقتضي وجود كفاءات تشتغل على أساس تفعيل الحكامة والرهان على خدمة المواطن.

0 574

قال، عضو المكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع الدكتور أحمد التهامي، خلال حلوله ضيفا على برنامج “قضايا وآراء” لمناقشة موضوع “أهم رهانات الدخول السياسي والاجتماعي”، مساء أمس الثلاثاء 08 أكتوبر الجاري، (قال) إن الدخول السياسي الراهن يندرج في إطار دخول آخر أهم وهو الدخول في العشرية من مرحلة حكم الملك محمد السادس، وبالتالي فخطاب العرش ل 30 يوليوز وخطاب ذكرى ثورة الملك والشعب ل 20 غشت حددا المبادئ الكبرى لهذه المرحلة الجديدة وأن على الجميع من حكومة ومؤسسات أن ينخرطوا من أجل الوصول إلى تحقيق السقف العالي ديمقراطيا وتنمويا.

واعتبر التهامي أن الخطاب الملكي كشف عن مكامن الداء التي أصابت “التدبير العمومي” من طرف الحكومة بشكل أساسي، وفي نفس الوقت قدم الخطاب وصفة علاجية للداء وتتمثل في “نموذج تنموي جديد”.

وبالمقابل، عبر عضو المكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة عن أسفه العميق لكون الحكومة تأخرت طويلا في إنجاز التعديل الثالث (التعديل الحكومي) فلقد مرت 68 يوما منذ خطاب العرش ل 30 يوليوز إلى يومنا هذا ولم تخرج الحكومة الجديدة إلى حيز الوجود، مضيفا: “فحكومة مشكلة من 6 أحزاب منذ انطلاقتها لا يمكن تصور نجاعتها من حيث الأداء، تشكيلة حكومية بهذا العدد تجلى فشلها في العديد من التمظهرات”.

واسترسل التهامي موضحا أن الملك محمد السادس طلب من رئيس الحكومة تقديم برنامج يهم تشغيل الشباب بحيث تم رفض المبادرة الأولى في هذا السياق لأنها غير فعالة كما تم رفض المبادرة الثانية لذات السبب، إلى حين قبول المبادرة الثالثة. وبخصوص النموذج التنموي الجديد، فالملك يدعو الحكومة أولا والأحزاب ثانيا والقوى الحية ثالثا لتقديم تصورات حول النموذج، ولحد الساعة ليس هناك أي نموذج !، مما جعل الملك في خطابه السامي يعين لجنة لتتولى الأمر على غرار اللجنة التي تكونت لصياغة دستور 2011، يوضح التهامي.

إلى ذلك، تطرق عضو المكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة إلى النقطة المتعلقة بعدم النجاعة الحكومية وغياب الحكامة، وأشار إلى أنه حتى الحليف الحكومي كشف عن هذا الخلل المتمثل في عدم الانسجام وسيادة المنطق الانتخابي (تشريعيات 2021) والحال أن استقرار الوطن وضمان مصالحه فوق كل اعتبار انتخابي أو غير انتخابي.

التهامي عرج على العديد من الأمثلة التي تؤشر على فشل الحكومة، حيث شهدت فترة فصل الصيف حدوث كوارث طبيعية تمثلت في فيضانات وحرائق غابات بعدة مناطق وما ترتب عنها من خسائر بشرية ومادية لكن الحكومة لم تحرك ساكنا بشأن ذلك فلا تواجد بعين المكان ولا تقديم للدعم لضحايا هذه الكوارث … كما أن مديونية البلاد في ارتفاع متواصل كما هو الشأن بالنسبة لعجز الميزانية، إضافة إلى أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات قدم كشفا دقيقا وموضوعيا يوضح مدى ضعف الحكامة إن لم يكن غيابها على مستوى السياسات العمومية كاختصاص حكومي بامتياز.

وأكد عضو المكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة على أن انتظارات الشعب المغربي تتجلى في “العدالة الاجتماعية” و”العدالة المجالية”، وأضاف أن التحدي الأكبر المنتظر هو وجود حكومة ذات كفاءة وإدارة ومؤسسات بنفس المستوى.

وعاد المتحدث للإشارة مجددا للتأكيد على أن الخطاب الملكي السامي وضع وصفا للحالة السلبية وحدد الأهداف والآليات حينما أكد على الكفاءات في الحكومة والإدارة وهي إشارة على غياب الكفاءات ووجود أشخاص لا يتحملون المسؤوليات الملقاة على عاتقهم بالشكل المطلوب. إذن فالتحدي الأكبر المنتظر من طرف الشعب المغربي هو وجود حكومة كفأة وإدارة ومؤسسات بنفس المستوى من الكفاءة. وشدد على أنه بالنسبة لخطاب الملك فيما يتعلق بالنموذج التنموي، فهناك إرادة حقيقية لتنزيل إقلاع حقيقي وتدشين مرحلة نوعية (العشرية الثالثة) من خلال التقويم والاستباقية والاستشراف.

وفي هذا السياق قال التهامي إن التنمية لا يمكن إنجازها في غياب الكفاءات، فالفرص والإمكانيات متاحة، ولكن الإشكال يتمثل في تفعيل الحكامة وحسن التدبير. ودعا في سياق متصل إلى إعادة قراءة جزء من تقرير المجلس الأعلى للحسابات في الجانب المتعلق بتنفيذ ميزانيتي 2016 و2017 حيث سيكتشف المطلع على ذلك مدى الهدر التدبير والمالي في أداء الحكومة والإدارة الموضوعة بين أيدي هذه الأخيرة.

وأمام هذا الوضع يسترسل التهامي، فأمر طبيعي جدا أن يفقد الشعب المغربي ثقته في الحكومة وفي عدد من المؤسسات، فقطاعات واسعة تتخذ فيها قرارات لا شعبية تضرب الطبقة المتوسطة (عماد الاستقرار) في العمق، وقدم التهامي كمثال على ذلك: عندما وقعت عدة كوارث مؤخرا فرضت الحكومة “ضريبة التضامن” و “واجب التأمين ضد الكوارث الطبيعية” فهل هذا هو رد الفعل !، فالضحايا في حاجة إلى الدعم والمساعدة وليس إلى تحمل ضرائب جديدة.

ونوه التهامي إلى أن الاحتقان الاجتماعي هم عدة مناطق وهو مسؤولية الحكومة، والقروض التي جلبتها الحكومة الجزء الأكبر منها موجه إلى الاستهلاك وليس إلى الاستثمار وهذا غير مقبول. الملاحظ اليوم وعند تأمل وضعية الطبقة المتوسطة، هناك بوادر لعودة الاحتقان الاجتماعي وهو ما تمظهر من خلال احتجاجات الأطباء والأساتذة وهذا مؤشر على أن الحكومة لا تتوفر على الحلول المناسبة لمعالجة المعضلات المطروحة، الأمر الذي يهدد الاستقرار الاجتماعي، يقول التهامي.

واعتبر في نفس الإطار أن النموذج التنموي الجديد هو الذي سيخلق هامشا من التفاؤل وهي دعوة لانخراط المواطن في هذا المشروع المجتمعي الكبير بالتصويت و”التصويت النافع” خاصة فيما يهم مصالح الطبقة المتوسطة.

وعاب التهامي على الحكومة محاولاتها الهيمنة على التشريع، وأوضح أنه اليوم هناك ما يقارب 28 مشروع قانون قدمته الحكومة ينتظر التأشير البرلماني، بالمقابل هناك 129 مقترح قانون وضعه البرلمانيون والحكومة لا تريد الانخراط بهذا الشأن من أجل مناقشته والتصويت عليه، لأنها تريد أن تكون وحدها “المشرعة” بينما الدستور أعطى السلطة التشريعية للبرلمان. هناك كذلك فراغ تشريعي فيما يتعلق بالقانون المنظم لمسطرة المساءلة الجنائية لأعضاء الحكومة مما أفرز لنا “حصانة واقعية” لفائدة الحكومة غير منصوص عليها دستوريا في الوقت الذي رفع فيه الدستور الحصانة عن البرلمانيين.

وأكد عضو المكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة على أن الإشكال الراهن في بلادنا تدبيريا وتنمويا مرتبط بغياب “الحكامة الحكومية”، واستشهد المتحدث بتعطيل الحكومة لمجموعة من مشاريع القوانين، وهو ما دفع فرق المعارضة وعلى رأسها فريق الأصالة والمعاصرة إلى تحمل المسؤولية من أجل إخراج مشاريع القوانين إلى حيز الوجود خدمة للصالح العام.

واستشهد المتحدث في هذا السياق بالقانون الإطار المتعلق بالتعليم والتكوين المهني، فرئيس الحكومة دعا إلى دورة برلمانية “استثنائية” للتصويت على مشروع القانون المذكور ولم يستطع لم الأغلبية فانتهت الدورة ولم يتم التصويت. فالقانون الإطار المشار إليه كان لفريق الأصالة والمعاصرة دور مهم في إخراجه إلى حيز الوجود من خانة الانتظارية (البلوكاج)، ونفس الشيء بالنسبة للقانون التنظييمي للأمازيغية .. فالأغلبية ارتأت تأجيل النقاش إلى ما لا نهاية بخصوص هذه القضايا ورفضت تحمل المسؤولية، وبالتالي تحملت فرق المعارضة مسؤوليتها وأخرجت مشاريع القوانين إلى الوجود.

وخلص التهامي إلى أن الشعب المغربي ينتظر تدابير ملموسة وسياسات عمومية تحسن الشروط المادية والموضوعية للعيش ومن ذلك تفعيل ما جاء في مضامين تقرير المجلس الأعلى للحسابات وإحالة كل من ثبت تقصيره أو إخلاله على القضاء واسترداد المالية العمومية التي لم تدبر بشكل جيد. وعبر عن تفاؤله في أن يقول القضاء كلمته بخصوص ما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات.

وأشار بالمقابل إلى أن البام كان سباقا إلى القول أن النموذج التنموي الذي كان معمولا به ببلادنا لن يحقق الأهداف المرجوة وذلك من خلال تنظيم ملتقيات وطنية ودولية في هذا الإطار وصلت إلى نسختها الثالثة وفي كل نسخة تكون هناك رسالة ملكية ذات ارتباط بالموضوع. فالبام ينطلق أساسا من العدالة الاجتماعية والعدالة المجالية، الحريات الأساسية، التضامن، .. تحريك العجلة الاقتصادية فبدون تشغيل لن يتحقق الأهداف المتوخاة، المقاولة الاجتماعية لفائدة اليد العاملة نحن مع حرية المبادرة المعقلنة ذات البعد الاجتماعي وتفعيل المناصفة والحفاظ على مستوى جيد ومقبول من الخدمات الاجتماعية العمومية.

واعتبر عضو المكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة إلى أنه لا ديمقراطية بدون أحزاب منفتحة وماضية في تفعيل الممارسة الديمقراطية الداخلية أساسا، وقال إن البناء الديمقراطي يتم عن طريق الفاعل الحزبي الذي يمتلك التصورات والاستراتيجيات على عكس التقنوقراط المنحصر اشتغاله فقط على ما هو تقني.

ودعا التهامي في الأخير إلى قبول النقد كمدخل للتطور، فخطاب الملك ل 20 غشت استحضر الثورة ومواصلة الجهاد الأكبر بمعنى أن تصور النموذج التنموي الجديد ليس بالأمر البسيط وإنما هو عملية استثنائية والمطلوب هو بذل مجهود كبير واستثنائي للارتقاء إلى السقف الاستراتيجي الذي وضعه الملك.

مراد بنــــــــــعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.