الحجيرة: إقليم تاونات يزخر بفرص حقيقية للاستثمار والتنمية والمطلوب تنزيل مقاربة اشتغال جديدة وتثمين المؤهلات الفلاحية والبشرية
قال، محمد الحجيرة، رئيس مجلس جماعة تمزكانة، إن إقليم تاونات ما يزال يزخر بفرص حقيقية وواعدة للاستثمار في مختلف المجالات، وعلى رأسها الفلاحة، والسياحة البيئية، والسياحة القروية والجبلية، مؤكدا أن تحقيق الإقلاع التنموي بالإقليم يقتضي مقاربة جديدة تقوم على التسريع، والاندماج، وتثمين الموارد الطبيعية والبشرية.
وجاء تصريح الحجيرة على هامش أشغال الدورة الخامسة من ملتقى تمزكانة للثقافة والتراث الجبلي، الذي احتضنته جماعة تمزكانة بإقليم تاونات، ونظمته جمعية ملتقى المبادرات للتنمية والتضامن، بشراكة مع عمالة إقليم تاونات، ومجلس جهة فاس- مكناس، والمجلس الإقليمي لتاونات، ووكالة تنمية وإنعاش أقاليم الشمال، ومجلس جماعة تمزكانة، في إطار مقاربة تروم جعل الثقافة والتراث الجبلي رافعة أساسية للتنمية المحلية والمجالية.
وأوضح الحجيرة أن هذا اللقاء يروم فتح نقاش شامل حول موضوع التنمية بالإقليم، من حيث مفاهيمها ومرتكزاتها وأسسها، إضافة إلى الإكراهات والتحديات التي تواجهها، والفرص المتاحة والآفاق المستقبلية، مشددا على أن تاونات ما تزال تتوفر على إمكانيات كبيرة لم تستثمر بعد بالشكل الكافي.
وأكد أن الفلاحة تشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد المحلي، إلى جانب قطاعات واعدة أخرى، من قبيل السياحة البيئية والقروية والجبلية، مبرزا أن الإقليم يتوفر على رأسمال بشري مؤهل، يتمثل في الإنسان التاوناتي الكفء، صاحب الخبرة والعطاء والإرادة القوية لتحدي الصعاب، وهو ما اعتبره أساس أي مسار تنموي ناجح.
وأشار رئيس مجلس جماعة تمزكانة إلى أن المعطيات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية أبرزت توفر الإقليم على ثروة حيوانية مهمة، إذ يبلغ عدد الكسابة حوالي 65 ألف فلاح، بمعدل يتراوح بين 10 و11 رأسا لكل مستغل، معتبرا أن هذه المؤشرات تعكس عمق الارتباط بالأرض والقطاع الفلاحي، وتشكل فرصة لتعزيز الأمن الغذائي.
ودعا الحجيرة المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين، سواء من أبناء الإقليم أو من خارجه، إلى التوجه نحو تاونات، لما تزخر به من مؤهلات طبيعية، خاصة في ما يتعلق بالثروة المائية، التي تسهم في ضمان الأمن المائي، والانسجام مع الرؤية الملكية الرامية إلى تعزيز الأمنين الغذائي والمائي للمملكة.
وفي هذا السياق، استحضر الحجيرة مضامين خطاب العرش وخطاب افتتاح البرلمان، مشيرا إلى حديث الملك محمد السادس عن “مغرب بسرعتين”، ومؤكدا أن الأقاليم التي تسير بوتيرة أبطأ، ومن ضمنها إقليم تاونات، تحتاج إلى مجهود مضاعف ومقاربات جديدة لتسريع وتيرتها التنموية والالتحاق بركب الأقاليم المتقدمة.
وشدد المتحدث على ضرورة اعتماد جيل جديد من التنمية الترابية المندمجة، يقوم على التشاور الواسع على المستويين الإقليمي والوطني، بمشاركة وزارة الداخلية، والجماعات الترابية، والمنتخبين، والفاعلين الاقتصاديين، ومختلف الشركاء، داعيا إلى تحويل المعطيات المتوفرة إلى توصيات عملية تعتمد مستقبلا في السياسات العمومية.
وتوقف الحجيرة عند تقييم برامج التنمية القروية، مؤكدا أن النقاش حول نجاعتها لا ينبغي أن يختزل في حكومة بعينها، مذكرا بأن صندوق تنمية العالم القروي أُحدث سنة 1994، وأن السياسات التنموية هي حصيلة تعاقب حكومات متعددة.
وأشار في هذا الإطار إلى برنامج تنمية العالم القروي والمجالات الجبلية الممتد من 2017 إلى 2023، والذي رصد له غلاف مالي ناهز 50 مليار درهم، بمشاركة عدد من المتدخلين، من بينهم الجماعات الترابية، وصندوق تنمية العالم القروي والمناطق الجبلية، ووزارات الفلاحة والتجهيز، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
واستحضر الحجيرة ما ورد في خطاب العرش، حين عبر جلالة الملك عن عدم رضاه عن مستوى التنمية المحقق، معتبرا أن هذا التقييم شكل منطلقا لإطلاق برامج جديدة للتنمية الترابية المندمجة، باعتبار أن التنمية مسار مستمر لا يرتبط بفترة حكومية محددة.
ويعد ملتقى تمزكانة للثقافة والتراث الجبلي موعدا سنويا قارا بإقليم تاونات، يهدف إلى ترسيخ دور الثقافة والتراث اللامادي كرافعة أساسية للتنمية المحلية والمجالية، من خلال خلق فضاء للحوار بين الفاعلين المؤسساتيين والأكاديميين والمجتمع المدني حول قضايا العالم الجبلي والقروي وإكراهاته التنموية.

وتناولت الدورة الخامسة للملتقى، عبر ندوات فكرية وعلمية متخصصة، قضايا الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتنمية المجالات الجبلية، والعدالة المجالية، حيث أكد المتدخلون، وضمنهم رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس جهة فاس- مكناس عبد الحق أبو سالم، على أهمية هذا القطاع في خلق فرص الشغل، وتشجيع المبادرات المحلية، وتمكين الفئات الهشة، مع التشديد على ضرورة التأطير والتكوين والمواكبة وربط المشاريع بخصوصيات المجال الترابي لإقليم تاونات.
كما تميز الملتقى، إلى جانب بعده العلمي، ببرنامج ثقافي وفني متنوع جسد غنى التراث الجبلي للمنطقة، شمل فقرات للمديح والسماع وعروضا للفلكلور المحلي، ما أسهم في تعزيز الوعي بأهمية صون التراث اللامادي ونقله للأجيال الصاعدة، وترسيخ ارتباط الثقافة بالتنمية المستدامة، باعتبارها أحد مرتكزات الإشعاع الترابي لجماعة تمزكانة وإقليم تاونات.



مراد بنعلي