الحمود تعدد اختلالات عمل القنصليات المغربية بالخارج وتعاتب على الحكومة إهمالها وتناسيها لمغاربة العالم أثناء فترة الحجر الصحي

0 557

بسط فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، مجموعة من الاختلالات الكثيرة والمتشعبة التي تشوب عمل مجموعة من القنصليات المغربية بالخارج، معاتبا على الحكومة إهمالها وتناسيها مغاربة العالم الذين ظلوا طيلة فترة الحجر الصحي عالقين بالمغرب، بعيدا عن أسرهم وذويهم ومقرات عملهم في بلاد المهجر، دون أن يكون لهم أي مخاطب رسمي، سوى التمثيليات الدبلوماسية لبلدان المهجر التي يعيشون بها.

وأكدت النائبة البرلمانية لطيفة الحمود، عضو فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، في مداخلة له خلال الجلسة العمومية التي عقدت صباح اليوم (الثلاثاء) بمجلس النواب، لمناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة لزيارة بعض قنصليات المملكة المغربية بالخارج، أن المشاكل التي يواجهها أفراد الجالية المغربية في علاقتهم بالخدمات المقدمة من طرف القنصليات كثيرة ومتشعبة، ولعل العامل المشترك الأساسي بين مختلف هذه القنصليات، والذي يزيد من تعميق هذه المشاكل، هو النقص الحاد في الموارد البشرية، مقارنة مع عدد المرتفقين الذين يتوافدون بشكل يومي على المراكز القنصلية، فالمراكز التي قمنا بزيارتها تستقبل مئات المرتفقين بشكل يومي، في حين أن مصلحة الاستقبال المكلفة بتوجيه هؤلاء المرتفقين وتلبية حاجياتهم، تتكون من موظف واحد فقط، وهو ما يؤثر بشكل كبير على جودة الخدمات المقدمة للمرتفقين.

وانتقدت الحمود في مداخلتها باسم فريق البام بمجلس النواب قلة الموارد البشرية، متسائلة في هذا الصدد، كيف يعقل أن تشتغل مصلحة الحسابات بمحاسب واحد مسؤول عن جرد كل المداخيل والنفقات الناتجة عن عمل القنصلية؟، وأن تتوقف هذه المصلحة بشكل كلي حينما يكون المحاسب متغيبا إما اضطرارا أو بسبب عطلته السنوية؟ ناهيك عن كون المساطر الخاصة بمصلحة المحاسبة، خاصة وثائق الإثبات، تبقى معقدة نوعا ما.

فيما يتعلق بمصلحة التوثيق بالقنصلية العامة لميلانو على سبيل المثال، أوضحت النائبة البرلمانية، أن العقود العدلية كتوثيق الزواج أو الوكالات العدلية المتعلقة بالبيع والشراء والتسجيل والتحفيظ، والتي كانت تتم من قبل عرفيا، أصبحت عدلية بعد تعديل المادة الرابعة من القانون رقم 39.08 بمثابة مدونة الحقوق العينية. وهذه الوكالات العدلية تتطلب إمضاء من طرف قاض، وفي الحالة التي نتحدث عنها، أي القنصلية العامة لميلانو، هناك قاض واحد متواجد بالعاصمة الإيطالية روما، علما أن هذا القاضي يغطي سبع مراكز قنصلية. ولكم إذن أن تتخيلوا البطء الذي ستتم به عملية تحرير هذه العقود.

ينضاف إلى الإشكاليات التي تحدثت عنها لطيفة الحمود، إشكالية حقيقية تعيق تحسن جودة الخدمات المقدمة لمرتفقي المراكز القنصلية، وهي عدم اختصاص العديد من الموارد البشرية في مجال المهام الموكولة إليها، والضغط الكبير على مصلحة الحالة المدنية التي تعتبر ركيزة أساسية في العمل القنصلي، وإضافة إلى ذلك، تطرقت النائبة البرلمانية إلى إشكالية المتقاعدين المتواجدين بفرنسا، والذين تشكل لهم مدة الإقامة بفرنسا هاجسا حقيقيا، حيث يلزمهم القانون الفرنسي بضرورة قضاء 8 أشهر في فرنسا كحد أدنى من أجل الحصول على تعويض السكن. ونتمنى من الوزارة الوصية، أن تعمل في هذا الإطار على التنسيق مع نظيرتها الفرنسية، من أجل مراجعة هذه المدة وتمكين المتقاعدين من قضاء المزيد من الوقت في وطنهم الأم.

وفي الشق المتعلق بتعليم اللغة العربية والثقافة المغربية لأبناء الجالية المقيمين في الخارج، لاحظت الحمود في مداخلتها أن هناك نقصا كبيرا في عدد الأساتذة والمعلمين الذين يتم إيفادهم لهذا الغرض بمختلف الدول والمناطق، بل إن هناك بعض المناطق التي تم فيها إنهاء مهمة أعضاء البعثة التعليمية منذ سنوات. وتبقى النتائج المحققة من هذه العملية جد محدودة بالنظر للعديد من العوامل، كعدم ملاءمة منهجية التدريس المعتمدة مع حاجيات أطفال أفراد الجالية، وضعف الحيز الزمني المخصص لتعليمهم، إذ لا يتعدى ساعة ونصف فقط في الأسبوع، إضافة إلى أن المحتوى الذي يتم تلقينه لأبناء الجالية يفتقر إلى حمولة ثقافية تساعدهم على الارتباط ببلدهم الأصلي، فالمتوخى من هذه العملية ليس تعليم هؤلاء الأطفال الحروف الأبجدية، بل الاقتناع والتشبع بالقيم الحميدة التي تزخر بها الثقافة المغربية، ومبادئ التربية الإسلامية السليمة.

كما انتقدت الحمود غياب التأطير الديني الناجع والفعال للأطفال أبناء الجالية المغربية من طرف الجهات المختصة، ما يجعلهم فريسة سهلة أمام الجماعات المتطرفة، محذرة من ارتفاع أعداد المهاجرين القاصرين المغاربة غير المصحوبين بذويهم فتمتد إليهم أيادي عصابات وشبكات إجرامية، ومنهم من يقضون أوقاتهم بين الاعتقال في مخافر الشرطة والتسكع بين الشوارع والأزقة، ويؤمنون عيشهم عن طريق التسول والسرقة، والكثير منهم أدمن على المخدرات، والقليل منهم من استطاع إيجاد عمل وإنقاذ نفسه من هذه الأوضاع المأساوية.

واعتبرت الحمود أن طريقة تعاطي الحكومة، بصفتها المؤسسة التي تسهر على تنزيل التسيير والتدبير وتنزيل السياسات في كافة القطاعات، لا ترقى لمستوى العطاء والسخاء المادي والمعنوي الذي نلمسه لدى مغاربة العالم، مشيرة إلى أن تدبير الوزارة الوصية لهذه الفترة الاستثنائية فاشلا للأسف، فقد عاشت العديد من الأسر المغربية معاناة حقيقية بسبب عدم تمكنها من ترحيل جثامين ذويها ممن وافتهم المنية لأسباب طبيعية، وقد رفضت العديد من الأسر دفن موتاها ببلدان المهجر نزولا عند رغبتهم، وهو ما تسبب في تكدس الجثث في ثلاجات الموتى.

ولم تنسى الحمود التعبير بهذه المناسبة عن فخر واعتزاز فريق الأصالة والمعاصرة بكونه أول فريق برلماني تقدم بطلب القيام بهذه المهمة الاستطلاعية، وذلك بتاريخ 17 أبريل 2018، منوهة في نفس الوقت بالدور الفعال الذي قام بهكل أعضاء المهمة، في كل محطة من محطاتها، والتي شملت خمس بلدان أوروبية (إيطاليا، إسبانيا، فرنسا، بلجيكا وهولندا).

خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.