العرائش .. إجمــــاع في ندوة حزبية “عن بعد” على ضرورة تغيير الأحزاب لطرق تواصلها وآليات تدبيرها لكل القضايا التي تهم الشباب

0 1٬740

نظم، شباب الأصالة والمعاصرة بالعرائش، أشغال ندوة تواصلية “عن بعد” حول موضوع: “الشباب والعمل السياسي”، سير أشغالها المناضل الشاب أشرف البوعمري، وأطرها كل من عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة وعضو لجنة العدل والتشريع السيدة زهور الوهابي، وعضو المجلس الوطني وعضو الأمانة الإقليمية للحزب بالعرائش السيد محمد المتوكي، والأمين المحلي للحزب وكاتب المجلس الإقليمي بالعرائش السيد محمد هلال، وعضو الأمانة الإقليمية للحزب بالعرائش ورئيس جماعة عياشة السيد عبد العالم لهنا، وعضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني لمنظمة شباب حزب الأصالة والمعاصرة السيد عزيز الحساني، والأستاذ الباحث بالكلية المتعددة التخصصات- العرائش د.نور الدين الداودي.

– زهور الوهابي: نحتاج إلى مزيد من الثقة والصدق في التعامل مع كل القضايا التي تهم الشباب

وفي كلمتها بالمناسبة، قدمت زهور الوهابي شكرها لشبيبة البام على تنظيمها هذا اللقاء، معتبرة أن موضوع الندوة هام وله راهنيه، مضيفة أن من حسنات الجائحة أنها أتاحت فرصة الحديث والنقاش المشترك بين الشباب أكانوا فاعلين سياسيين أم مدنيين، ولعل الوسائل التكنولوجية الحديثة ساهمت إلى حد كبير في الرفع من مستوى النقاش وبالتالي الانفتاح أكثر على مواضيع ذات أهمية.

الوهابي، اعتبرت أن المشهد الوطني العام لا يشهد عزوفا “سياسيا” وخاصة لدى فئة الشباب بل إن الأمر يتعلق بعزوف “انتخابي”، فالواقع يثبت أن الشباب على اطلاع مستمر بكل ما يجري في البلاد من أحداث مختلف وفي مجالات متعددة مستخدمين في ذلك مختلف الوسائل. وأوضحت الوهابي أن الإكراهات التي يعيشها المشهد السياسي- الحزبي في المغرب وغياب الديمقراطية داخل الأحزاب وطغيان التنميط، كلها نقاط تنعكس بشكل مباشر على الفعل الحزبي لدى الشباب. ولعل التعاطي الجاد والمسؤول في معالجة الإشكاليات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها بلادنا من شأنه أن يصحح نظرة الشباب ويعيد ثقتهم أكثر قوة في العمل السياسي- الحزبي، والمساهمة بشكل أو بآخر في مواصلة بناء كل الأوراش الإصلاحية خاصة وأن بلادنا مقبلة على تنزيل نموذج تنموي جديد. والديمقراطية تستوجب بالضرورة وجود الأحزاب، ولا نجاح للأداء الحزبي في غياب الشباب (القوة الاقتراحية)، تقول الوهابي.

إلى ذلك دعت عضو لجنة العدل والتشريع، إلى إسهام كبير للأحزاب فيما يتعلق بتأطير المناضلات والمناضلين وعموم المواطنين –بالنظر إلى التغيرات المجتمعية المتسارعة بما لها وما عليها-، وتجاوز الأساليب التقليدية في ذلك واعتمادات الأدوات الحديثة. والمشهد السياسي يجب أن ينفتح في ممارسته وتواصله وتأطيره على هذه الأدوات (الندوات التواصلية عن بعد نموذجا). وأضافت بالقول: “نحتاج إلى مزيد من الثقــــــــــــة والصدق لأننا نتعامل مع شباب أكثر معرفة وتملكا للمعلومة، شباب له مطالب مختلفة يعبر عنها عبر مختلف وسائط التواصل الاجتماعي كقوة تأثيرية. نحتاج إذن إلى الاستثمار في الطاقات الشبابية لبلادنا من خلال تمكينها من كل الفرص الممكنة وفتح المجال أمامها من أجل التعبير عن رأيها لمعرفة مكامن الخلل، وعلى الإعلام العمومي أن يساهم بدوره في تحقيق هذا الطموح”.

الوهابي جددت التأكيد في الأخير على أن حزب الأصالة والمعاصرة أولى ويولي اهتماما كبيرا للشباب تنظيميا وسياسيا، وسنمضي في تنزيل كل الأوراق التي يعتمدها الحزب مترافعين عن المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي.

– محمد المتوكي: عملية التنمية الحقيقية يجب أن يمثل فيها الشباب ركيزة أساسية

من موقعه، أشار محمد المتوكي إلى أن مسيرة البناء والتغيير المنشود وكل عملية تنمية حقيقية بأبعادها المختلفة يجب أن يمثل فيها الشباب ركيزة أساسية. كما أن حزب الأصالة والمعاصرة بالعرائش يؤكد من خلال تنظيم هذه الندوة الانفتاح على جميع المشاهدات والمشاهدين وعموم المواطنات والمواطنين في طرح أي تساؤل يشغل بالهم.

وأضاف المتحدث أن النمطية التي ترسخت في الأذهان تعيق انخراط الشباب في الأحزاب، نمطية تتأسس على أن الفاعل السياسي من مختلف تموقعاته الحزبية يجب أن يكون كبير السن وصاحب نفوذ وغير ذلك في حين أن دور الشباب ينحصر في تأثيث الدور الانتخابي وفقط. وأكد المتوكي في هذا السياق على أهمية وضرورة المشاركة الإيجابية والواعية للشباب لدعم تجربة المغرب الديمقراطية، باعتبارهم قطب الرحى وأساس أي مجتمع ومصدر قوته ونهضته، ولكونه أيضا أمل الوطن ومستقبله و النبراس الذي ينير له عتمة الأزمات.

وعرج المتوكي بعد ذلك إلى تقييم السياسات العمومية التي استهدفت الشباب منذ الاستقلال، وخلص إلى أنها ظلت مسكونة بهواجس سياسية وإيديولوجيا ضيقة تروم بالأساس احتواء الديناميات الشبابية واستيعابها، وأكد على أنه آن الأوان للإقرار بأن المقاربات القطاعية العمودية قد أثبتت فشلها ومحدوديتها ، وبأنها افتقدت في الغالب الشمولية والاندماج والتنسيق، بالموازاة مع تراكم المعضلات والتحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية …إلخ. وأكد المتوكي أن الشباب المغربي اليوم في أمس الحاجة إلى منظور ورؤية استراتيجية مندمجة وبنفس تشاركي قادرة على الإجابة على التحديات والإكراهات التي تؤرق الشباب المغربي من قضايا الفقر والبطالة والهجرة والإرهاب …

وفي إطار تعزيز تقوية حضور و مشاركة الشباب في المشهد السياسي المغربي طرح المتوكي وصفة متكاملة ترتكز على دور المؤسسات الحزبية في تجويد وتجديد استراتيجياتها التواصلية والتأطيرية وأدوات اشتغالها، وباسترجاع أدوارها ومهامها الدستورية في تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم وتطوير مشاركتهم في الحياة الوطنية وإدارة الشأن العام، معرجا على تجربة حزب الأصالة و المعاصرة في هذا الباب، وعلى تعاقدات المؤتمر الوطني الرابع للحزب الذي رفع رهان كسب رهان استنهاض الوعي والمشاركة السياسية للمواطنات والمواطنين وترسيخ وإشاعة قيم الثقافة الديمقراطية على مستوى المجتمع.

– محمد هلال: يجب الابتعاد عن الخطاب التيئيسي لدعم الشباب في دخول المجال السياسي

محمد هلال، ذكر في معرض كلمته أن الشباب المغربي غير عازف عن السياسة ولكنه يقاطع العمل الحزبي وهو ما يتجلى بالخصوص في محطة الاستحقاقات الانتخابية. فعدم عزوف الشباب يتجلى في متابعته للشأن العام، متابعة تزايد منسوبها خلال فترة الجائحة لما تقوم به كل المؤسسات والمتدخلين على مستوى تدبير الأزمة، والحال أن الشباب المغربي كان دائما هو الفاعل منذ لحظة الاستقلال إلى يومنا هذا، وكل ورش إصلاحي تم عن طريق الشباب الذين يساهمون لا محالة في بناء المستقبل، يقول هلال.

وصحيح أن هناك العديد من الأعطاب التي تجعل الشاب مقاطعا للعمل الحزبي من بينها انعدام الثقة فيما هو حزبي نتيجة تراكم الخطاب التيئيسي العدمي إضافة إلى طغيان تلك النظرة النمطية حول الشباب بكونه مندفعا جريئا ولا يمتلك بعد النظر إضافة إلى “التلاسن” الذي يصيب المشهد الحزبي بين الفينة والأخرى، إضافة إلى التبخيس الذي يشهده العمل السياسي حيث مثلا أن الجائحة برز فيها فقط دور الفاعل المؤسساتي (مختلف المتدخلين) وكأن الفاعل السياسي- الحزبي لا يمكنه القيام بأي شيء في مثل هذه المواقف، بحيث لا يعقل أن الأحزاب تشتغل ويكون لها دور خلال الأيام العادية، في حين خلال المرحلة الراهنة يتم استبعادها وثم حصر المجالس المنتخبة على سبيل المثال في جزئية بسيطة.

فإذا كانت نسبة الانخراط في الممارسة السياسية تتأرجح ما بين 1 و2 في المائة، علما أن الشباب المغربي يشكل أزيد من 60 في المائة من المنظومة الديمغرافية لبلادنا، فهذا معطى ج سلبي، يقول هلال، وعلى هذا الأساس فإن تفعيل وتنزيل مضامين البرامج التنموية والمخططات الاستراتيجية المرتبطة بالشباب من شأنها أن تساهم في مصالحة هذا الأخير مع السياسة والعمل الحزبي، كما أن الحاجة ملحة لعدم الاكتفاء بالتسويق لدى الخارج فكرة مفادها أن الشباب حاضر وفاعل على شتى المستويات (المجالس المنتخبة، المجالس الاستشارية للشباب …). بالمقابل على الشباب أن يبادر بطرق أبواب الأحزاب وأن لا يرضخ للغة “المتاريس” و”الولاءات” ..

وأوضح كاتب المجلس الإقليمي للعرائش، أن حضور الشباب على مستوى تدبير الشأن الجماعي وقع على حضور وفعل قويين، حيث كان البام سباقا إلى تقديم وجوه شابة على مستوى تدبير مجلس مدينة العرائش ونفس الشيء بالنسبة للمجلس الإقليمي إضافة إلى رؤساء الجماعات القروية : سوق الطلبة، عياشة، بوجديان، تازروت. وأكد هلال من باب الختم على أن المطلوب اليوم هو الابتعاد عن الخطاب التيئيسي لدعم الشباب في دخول المجال السياسي.

– عزيز الحساني: شباب البام في جهة طنجة تطوان الحسيمة يبصم على حضور وفعل قويين ومبادرات متواصلة

عزيز الحساني، أوضح في حديثه أن هناك أزمة في تعاطي الشباب مع العمل الحزبي، أزمة انخراط في الأحزاب السياسية رغم أن الشباب يتعاطى ما هو سياسي بشكل كبير. وأزمة الانخراط ناتجة عن البنيوية الحزبية وما يتعلق بالقوانين الأساسية والداخلية وغياب الديمقراطية الداخلية وطبيعة الفئة العمرية للشباب التي تتميز دائما بالاندفاع وردود الفعل، وكذا بعض التصورات النمطية من كون انخراط الشباب مرتبط بالبحث عن المناصب والمسؤوليات، وتكاد تغيب الصورة الحقيقية لانخراط الشباب في العمل الحزبي من حيث الأهداف النبيلة جدا في الترافع الشأن المحلي وقضايا الوطن وكذا الدفاع عن قضايا التراب واقتراح أفكار وتصورات والمساهمة في صياغة برامج …

وقال الحساني في سياق متصل إن شباب البام كان دائما منخرطا وفاعلا منذ 2008 وخلال المؤتمر التأسيسي لسنة 2009، وعلى مستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة وخلال المؤتمر الجهوي الأول الذي كان جاء إبان دينامية وحراك 2011 كان للشباب دور وانخراط كبير (حوالي 3000 شابة وشاب). وهناك مرحلة 2015 حيث تأسيس منظمة شباب حزب الأصالة والمعاصرة والتي شهدت انخراطا لشباب الحزب من إقليم العرائش وباقي أقاليم الجهة، وفعلا كانت للشباب بصمة قوية وحتى اللائحة الخاصة بالشباب في تشريعيات 2016 كان العنصر النسوي هو الغالب فيها وعلى رأسهن الشابة زهور الوهابي مثال للكفاءات العرائشية بحضورها وتواصلها وترافعها الدائم عن مختلف القضايا المحلية والوطنية وديناميتها المتميزة. وصولا إلى تنصيب اللجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني لنفس المنظمة شهر مارس المنصرم، اللجنة التي اشتغلت تحت الإشراف الشخصي للسيد الأمين العام، وكان هناك أفق في الاتجاه نحو مؤتمر وطني ثاني للمنظمة لكن ظروف الجائحة حالت دون ذلك، في حين أن اللجنة تواصل مهامها في النقاش مع مختلف الشباب بالجهات والأقاليم من خلال تواصلية عن بعد، في انتظار برمجة لقاء قريب على مستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة.

الحساني أكد على أن الشباب المغربي يتعاطى العمل السياسي، وهناك تعبير عن المواقف السياسية في مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعل مع جميع القرارات والتعبير عن الموقف، الشباب على المستوى المحلي يتفاعل كذلك بنفس الإيقاع. وسجل المتحدث كون المؤتمر الوطني الأخير للحزب كان أغلب شباب، معتبرا أن العمل الحزبي- السياسي ما بعد كورونا سيتغير لأن الظروف ستتغير، ففي المشهد الحزبي هناك نداءات وتفاعل ومطالب بضرورة الإشراك لصوت الشباب ومطالبهم المختلفة ولما لا تخصيص كوطا لفتح المجال أمامهم ليس فقط على مستوى الحضور البرلماني ولكن كذلك على مستوى تدبير الشأن المحلي.

– عبد العالم الهنا: الشباب في العالم القروي يقدمون نماذج واعدة للمساهمة في تدبير الشأن المحلي

اعتبر عبد العالم الهنا أن التواصل عن بعد من حسنات الجائحة، منوها بمشاركة أيقونة العمل النسائي والشبابي ممثلة إقليم العرائش في القبة البرلمانية السيدة زهور الوهابي.

واعتبر الهنا أنه لا يختلف اثنان في كون الشباب هو الرصيد الاستراتيجي لأي بلد، نستحضر بعض الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط بحيث أن الشباب يمثلون ما نسبته 65 في المائة من ساكنة المغرب. وضمنهم 5-حسب تقارير المندوبية السامية للتخطيط- في المائة من الذين يؤمنون بالعمل الحزبي بينما 1 في المائة فقط فقط يمارسون العمل الحزبي داخل الهيئات السياسية، و70 في المائة لا يثقون في جدوى العمل السياسي .

وهذه الأرقام المخيفة، يقول الهنا، لأنها تعود بالأساس إلى أعطاب بنيوية في الممارسة السياسية، والأحزاب المغربية يجب الاعتراف كونها تشهد شيخوخة مهولة وخاصة على مستوى القيادة وهذا مرده غياب الديمقراطية الداخلية في الأحزاب وزيف العناوين التي ترفعها الأحزاب على مستوى الارتقاء بدور الشباب ومكانتهم. إضافة إلى التعامل الانتهازي للأحزاب مع الشباب حيث يتم استحضار القضايا التي تعنى بهذه الفئة عند الاستحقاقات الانتخابية فقط. وهذه السلوكات تصيب الشباب بالاحباط ويجد نفسه أمام انسداد سياسي. وللحقيقة وجب الاعتراف أن لا شيء يغري الشباب المغربي اليوم من غير العبور إلى الضفة الأخرى، رغم المضامين القوية التي ما فتئت تتضمنها الخطب الملكية بخصوص الاهتمام بالشباب، ورغم التنصيص الدستوري على إيلاء العناية المؤسساتية للشباب، فإن المنجزات تظل دون سقف الطموحات.

الهنا وجه في الأخير رسالة خاصة إلى الشباب في العالم القروي وخاصة في جماعة عياشة التي يتشرف بتدبيرها، معتبرا أنهم يبلون البلاء الحسن على مستوى الشراكة مع الجماعة في تدبير مجموعة من القطاعات (المجال الرياضي نموذجا)، ومشاركتهم الفاعلة في تدبير الجائحة على مستوى العديد من التفاصيل المرتبطة بالموضوع.

– نور الدين الداودي: نحتاج إلى إعادة إنتاجنا لفهم الديمقراطية الذي يتجاوز مفهومها الوظيفي والتركيز على مفهومها القيمي الثابت

من جانبه، عبر نور الدين الداودي عن سعادته بالمشاركة رفقة ثلة من الشباب القياديين في هذا اللقاء التواصلي “عن بعد”، واختار التطرق إلى الزاوية المتعلقة بأي ديمقراطية لشبابنا بعد زمن كورونا، مشيرا في البداية إلى أنه غالبا ما تؤثر الأزمات على إعادة إنتاج المفاهيم شأنها في ذلك شأن الأزمات الطبيعية التي تعيد تشكيل الطبيعة كحركة البراكين والزلازل، فأزمة 1929 المالية أفرزت ظهور الدولة المتدخلة على أنقاض الدولة الحارسة، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية ظهر مفهوم الواقعية الدولية على أنقاض المثالية وبعد حرب الخليج ظهر مفهوم العولمة. ومما لا شك فيه أن أزمة كورونا سوف تؤثر على صياغة مجموعة من المفاهيم مستقبلا ومن بينها مفهوم الديمقراطية. فالملاحظ أن أعتى الديمقراطيات (فرنسا، إيطاليا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، إسبانيا …) عاجزة في التصدي لهذه الأزمة. في حين استطاعت دول أخرى لا ترقى إلى الديمقراطيات المذكورة في التعامل مع الأزمة بشكل جيد بفضل عدم ترددها في اتخاذ تدابير جنبتها الكوارث، يقول الداودي.

هذا الوضع جعل المفكرين يشككون في قدرة النموذج الديمقراطي العالمي الحالي على تدبير الأزمات، وهو تشكيك تجسد في عدم القدرة على حل إشكاليات أخرى ظهرت قبل زمن كورونا، وهي أزمات ستؤثر على النموذج الديمقراطي الحالي الذي صار يواجه مؤخرا مجموعة من الانتقادات حيث اتجاه مجموعة من الدول نحو القومية عوض الديمقراطية، هذه التحولات الدولية تدفع الفاعلين السياسيين المغاربة، المفكرين، الفاعلين السياسيين والشباب، يسترسل الداودي، إلى إعادة التفكير في مفهوم الديمقراطية خاصة وأننا مطالبون بإخراج نموذج تنموي جديد يجيب على الإشكاليات المجتمعاتية المطروحة.

فمفهوم الديمقراطية في المغرب متأثر بالمفهوم الغربي ويقوم على أساس اعتبارها طريقة لتدبير الشأن العام، ومعظم النقاشات الفكرية وكذا الاجتهادات السياسية تدور في فلك: “الديمقراطية التمثيلية”، “مقاربة النوع”، إشراك النساء”،” الشباب وتدبير الشأن العمومي”، “الديمقراطية التشاركية” و”الديمقراطية المجالية” وغيرها من المواضيع التي تركز على المفهوم الوظيفي للديمقراطية وتغفل الجانب الأساسي ألا وهو الجانب القيمي للديمقراطية المرتكز على القيم الثقافية والنظام الاجتماعي للمجتمع والتي تجعل المواطن يثق أكثر في نجاعة نظامه السياسي وقوة مؤسساته.

بالأمس كان يسود الاعتقاد بتفرد الأنظمة الديمقراطية في تدبير الأزمات، لكن اليوم وفي ظل النجاح السياسي المغربي في تدبير الجائحة وباعتراف دولي، أصبحت هناك ضرورة للإمعان في إعادة إنجاح نموذجنا السياسي يجمع بين الديمقراطية وقوة الدولة. فهذا النموذج السياسي ذو الخصوصية المغربية بما يعتريه من نقص أثبت عبر التاريخ قدرته على تخطي الأزمات. وما نحتاجه اليوم يضيف الداودي يتجسد في الاستثمار في نموذجنا السياسي والمدخل نحو هذا النجاح يتمثل في إعادة إنتاجنا لفهم الديمقراطية الذي يتجاوز مفهومها الوظيفي والتركيز على مفهومها القيمي الثابت، يختم الداودي.

مــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.