الغلبزوري: أهمية “القوانين الانتخابية” تكمن في خلق مؤسسات منتخبة قوية

0 726

أكـــــــــــد، الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة السيد عبد اللطيف الغلبزوري، خلال حلوله ضيفا، أول أمس الإثنين 26 أكتوبر الجاري، على الندوة العلمية التي نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني حول موضوع: “المنظومة الانتخابية وقضايا الساعة”، (أكد) أنه وإلى حدود الساعــــة، فإن البام لم يتخذ موقفا رسميا من موضوع “القاسم الانتخابي”، حيث أن هناك رأيان داخل الحزب، رأي أول مع توسيع القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، ورأي ثان يدعــــــو إلى الإبقاء على النمط الحالي.

وأشار الغلبزوري، إلى أنه بخصوص الرأي الأول الذي يتبناه الأخ الأمين العام الوطني السيد عبد اللطيف وهبي، فإنه (رأي) يبني حججه على أساس أن المنظومة الانتخابية المغربية لا بد لها أن تذهب في اتجاه توسيع المشاركة السياسية وأن تعمل على استقطاب مكونات وأطر ونخب جديدة متواجدة في المجتمع المغربي. كما أن هذه المنظومة الانتخابية، يضيف الغلبزوري، يجب أن تحاول أو بالأحرى أن تسير في منحى استيعاب المؤسسات التشريعية، على اعتبار وجود أحزاب نشطة المشهود لها بديناميتها في المشهد السياسي المغربي ولكنها بحكم القوانين الحالية لا تتمكن من الدخول إلى هذه المؤسسات التشريعية.

أما فيما يتعلق بالرأي الثاني بخصوص “القاسم الانتخابي”، وهو الرأي المتبنى من طرف الإخوة أعضاء اللجنة الوطنية للانتخابات، فيفترض الغلبزوري أن هؤلاء، بحكم مسؤوليتهم “التقنية” على تدبير عملية الانتخابات فالأكيد أنهم يحاولون الإبقاء على هذا النمط وذلك حتى لا يفقد الحزب بعض المقاعد البرلمانية.

وأبرز الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، أن البـــــام يدعو، في هذا الخضم، إلى مناقشـــة المنظومة الإنتخابية برمتها وليس جزء منها فقط. “وهو ما جسدناه من خلال المذكرة الثلاثية المشتركة (حزب الأصالة والمعاصرة، حزب الإستقلال، حزب التقدم والإشتراكية) التي وجهناها إلى وزارة الداخلية والمتضمنة للعديد من المقتضيات الهامة جدا التي ستشكل كذلك موضوعا للنقاش ليس فقط بالجوانب المتعلقة بحظوظ حزب أو آخر. ذلك أن المنظومة الانتخابية يجب أن تكون آلية لتحقيق غايات أسمى من اقتسام المقاعد بين الأحزاب”، يضيف الغلبزوري، فالهدف الرئيسي الذي يجب أن تسعى إليه كل “آلية انتخابية” لا يرتبط بربح أو فقدان مقاعد برلمانية، ولكن الأهم هو تمكين المؤسسة التشريعية من طاقات وكفاءات نحن في أمس الحاجة إليها.

وبخصوص النقطة المتعلقة ب “المادة الانتخابية” (تغييرها من عدمه)، اعتبر القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة أن هناك عدد من النماذج والتجارب، فالنموذج الأمريكي ذو نمط انتخابي جامد لم يتغير منذ أول إعلان دستوري، وفي فرنسا يوجد نفس النمط المغربي حيث أنه -من محطة إلى أخرى- يتم مناقشة القوانين الانتخابية أحيانا عن طريق التوافق ما بين الأحزاب وأحيانا أخرى تتم عن طريق الأغلبية. وأوضح الغلبزوري أن المسألة التي لا يجب أن تتغير بهذا الصدد هو ما ورد في نص دستور 2011 أي “الخيار الديمقراطي”، أما فيما يخص القوانين الانتخابية فبلادنا “ديمقراطية ناشئة”، ومن مرحلة إلى أخرى نحتاج إلى تجويد ترسانتنا الانتخابية ومنظومتنا الانتخابية كذلك.

وعليه، فإن لكل مرحلة سياقها المرتبط، وهنا نستحضر النقاش الذي دار -على سبيل المثال- في التسعينيات حول “النمط اللائحي” وحول القوانين التي يمكن أن تساهم في جعل الناخب يصوت على البرنامج الحكومي وأن يكون للأحزاب دور أكبر في العملية الانتخابية بدل الأعيان، وهذا النقاش، يسترسل المتحدث، هو الذي كان قد أفضى إلى “النمط اللائحي” وتبني مجموعة من المقتضيات القانونية بتحفيز الناخب للتصويت على الأحزاب وضمنها برامج هذه الأحزاب.

وأضاف الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، على أن السؤال المطروح حاليا، أنه وبعد مضي أكثر من عقدين من الزمن هل هذه المنظومة الانتخابية التي تم إقرارها مع بداية الألفية الثانية، (هل) أدت إلى هذه النتائج والأهداف المتوخاة؟. والحال أننا نلاحظ بما يوصف ب “الإجماع” على أن الناخبين يصوتون على الأشخاص، بمعنى أن هاته المنظومة لم تنجح في تحقيق تلك النتائج والأهداف التي سعى إليها أولئك الذين نادوا في بداية ذات الألفية. واعتبر الغلبزوري أن النقاش الدائر حول تغيير القوانين الانتخابية والمنظومة الانتخابية له مصداقيته وشرعيته، ذلك أن بلادنا وصلت إلى مرحلة لا بد لها فيها من سن قوانين لتجويد أداء المؤسسة التشريعية.

وتحدث الغلبزوري عن التحديات المنتظرة، وهي تحديات كثيرة جدا، فالسياق الذي تجتازه بلادنا يضع هذه الأخيرة فعلا أمام تحديات كبرى، والاستحقاقات المقبلة لا شك أن المأمول منها كبير جدا، سواء على المستوى الاقتصادي بحيث لا بد من فرض مؤسسات تشريعية قادرة على تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه الملك محمد السادس. وعلى المستوى الاجتماعي فإن الرهان الحالي يستوجب فرز نخب لها القدرة على تنزيل مجمل ما تضمنه الخطاب الملكي الأخير خاصة في الجانب المتعلق بتعميم التغطية الصحية والتقاعد على مستوى مختلف شرائح المجتمع.

وهناك كذلك، التحديات السياسية، فالاستحقاقات المقبلة يجب أن تكون مناسبة لتوسيع “المشاركة السياسية” وفرصة لتجويد “الخطاب السياسي” للأحزاب وكذا تنزيل مقتضيات دستور 2011، فهناك مقتضيات وجدت طريقها إلى التنزيل، وأخرى مازالت تنتظر. فالرهانات إذن في مجملها عديدة ومتنوعة، ونرجو حقا أن تكون المؤسسة التشريعية المقبلة قادرة على ربح هذه الرهانات.

وجدد الغلبزوري التأكيد على أنه ليس هناك نية بتاتا بخصوص النقاش حول “القاسم الانتخابي” لإقصاء أي حزب معين. بالمقابل، استدرك الغلبزوري ما جاء على لسانه في أول مداخلته من كون البام لم يتخذ بعد أي موقف رسمي بخصوص “القاسم الانتخابي”.

واعتبر المتحدث أن النقاش حول هذا الموضوع يظل إيجابيا جدا ذلك أنه يتطرق إلى جملة من النقاط التي وجب طرحها للنقاش، ألا وهي “توسيع المشاركة السياسية”، فعودة إلى الولاية التشريعية الحالية 2016- 2021، فبلادنا عرفت مجموعة من الأحداث التي لكن فيها جميعا -حكومة وأحزابا- في مستوى المجابهة، والعديد من الاحتجاجات الاجتماعية في مناطق مختلفة، عجزت أمامها الحكومة والمؤسسات المنتخبة عن لعب دور “الوساطة” المفترض أن يكون في المواقف المماثلة .. “بصراحة، تركنا المجتمع في مواجهة المؤسسة الملكية”. يضيف الغلبزوري.

فإذا كان هناك قول سائد بكون الحزب المتموقع انتخابيا في الصف الأول، ومعه الحزب المتمركز في الصف الثاني، يمثلان الإرادة الشعبية، فإن هذا القول لم يظهر مجسدا على أرض الواقع طيلة الفترة التشريعية الحالية. فالتحدي اليوم في بلادنا يتعلق بمدى القدرة على جعل الآليات الانتخابية كمدخل لتمكين الأحزاب السياسية من لعب أدوار أساسية وعلى رأسها “الوساطة” بين الدولة والمجتمع وهو رهان (الوساطة) لا يمكن أن ننجح فيه إلا بوجود مؤسسات منتخبة قوية (البرلمان، الجهة، الجماعة، الغرف المهنية).

الغلبزوري سجل ملاحظة تتعلق بكون العديد من الأحزاب السياسية وفاعلين سياسية فرادى حاولوا أن يشكلوا قوة معينة في إطار هذه الحركات الاحتجاجية. هذا الوضع يتطلب التفكير في سبل دمج هذه “التحركات” على مستوى سيرورة العمل السياسي والمؤسسات المنتخبة عن طريق الآليات الانتخابية.

كما أن النقاش حول الآليات الانتخابية، يجب أن ينصب كذلك على إنتاج مؤسسات منتخبة تكون قادرة على صناعة الحلول للإشكاليات العويصة التي يواجهها المجتمع المغربي: اقتصاديا، اجتماعيا، وثقافيا .. مؤسسات منتخبة تقودها كفاءات. ويجب في نفس السياق أن نفكر جديا في استعادة ذلك الوهج الذي كان سائدا داخل مجلس النواب في وقت سابق، بحيث أن هذه المؤسسة التشريعية لم تعد تستقطب المثقفين والكتاب والأدباء ومجموعة من الكفاءات والنخب التي يجب أن تكون ممثلة داخل هذه المؤسسة. وهذا الأمر يسري كذلك على باقي المؤسسات المنتخبة (مجالس الجهات، مجالس الجماعات، الغرف المهنية ..).

مـــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.