القـــــــراصنة على حدود ســــواحل مراكش:
كم يكون الوهم ســـــاحرا ومغريا حين يتحول إلى مقر إقـامة أو فندق فوق الســـحاب، حيث يتحدث الشعراء عن ” اللاشيء ” بكل مدلولات الفراغ و الخواء. الكراهية مهنة، البؤس مهنة و”الإدعـــاء” لعبة قذرة تنسج خيوطها أيادٍ تنبعث من ظلام شديد تنعدم فيه الرؤية و تتشابك داخله الخيوط. تتكاثر الأصوات وهي تحمل “قميص عثمان” ليس لصون ذمته أو لمروءة أصيلة بل للمقايضة بدم مسفوك تفوح منه رائـــحة الغدر والخوف؛ من الخائـــــــــف ؟ بكل تأكيد الأيادي المرتعشة التي تبحث عن فضيحة لتعيـــش أو زلة لتجدد أحقادها وأمراضها وتموه النقاش الحقيقي بنقاش مزيف لربح الوقت القصة كل القصة عن : الوهم،الخوف والحقد.
دعونا أيها الأصدقاء أكثر حرصا ولباقة في سرد قراءتنا أو محاولتنا فهم ما يجري مؤخرا من “حروب صغيرة” حول شخص الأخت فاطمة الزهراء المنصوري، بما تتضمنه من استهداف شخصي مباشر، ولتكن بدايتنا بالوهم، ذلك الظن الفاسد الذي تصادفه في بعض الأدبيات مقرونا بجموح أخرق من الجنون والانفلات، مثل ما يعرف المغاربة عن ادعاء الفروسية فوق العصا أو القصبة “اللي شفتيه راكب فوق القصبة قولوا امبارك العود”.
الوهم مُلهم إذا اعتصم به الأديب أو الشاعر أما السياسي فصداقة الوهم بالنسبة إليه اختيار فادح ومقلق، فحتى حين تواجهه بالمعطيات والحقائق والوقــــائع، يظل مصمما على نفس الأسئلة. إن المتوهم شخص عُصَابي، تقلقه الحقيقة وتتعبه في نفس الوقت، حين يقف أمامك يصم أذنيه، يتطــــــاير لُعابه و لا يدور في خلده سوى الهروب من الحقيقة. كيف الهروب من الحقيقة وهي كالشمس تضيء كل الشوارع ؟ أم تعتقد أنك أكثر دهاء من ميشيــــل فوكو و هو يتحدث إلى الحقيقة باستحياء وتردد ولنقل بصراحة ووضوح، لقد تحول بعض الاصوات إلى ما تحدث عنه محمود درويش قائلا ” قضاة منهكون من الحقيقة ” وهم يداعبون خيوط الوهم ومعهم من استلطفوا هذا الوهم، خصوصا حين تحول إلى “مهنة” وبرقم تأجير. ضوضاء تحاول أن تزعج، الحكاية كلها لا تتعلق بالوطن، ولا بالشرف أو الديمقراطية والنقد البناء بقدر ما تتعلق بـ ” فيك فيك ” وبخلط الأوراق و بمواجهة بعيدة عن الشمس ومتاخمة لمستنقع قد لا يكون الجميع مؤهلا للنزول إليه أو الاقتراب منه خصوصا حين نتحدث عن وزيرة لم تتورط في صفقات مشبوهة لصالح مشاريع ذاتية، ولم تضعف أمام إغراءات تضارب المصالح بل نأت بنفسها من وحل المستنقعات، فالظلام حين تنأى
عنه .يحمل نفسه ويقترب منك
الخوف عدو الحياة والتملص منه مهارة يمتلكها الشجعان، لأن الخائف شخص تعيس ومتهور ويملك غريزة الهجوم لكون نظرته القبلية للجميع تنطلق من اعتبارهم تهديدا. حين نستحضر توقيت وزمنية “جبروت” ندرك شروط اللعبة و انتظاراتها: لماذا الآن ؟ هل فاطمة الزهراء المنصوري فاعل اقتصادي مهيمن و ممتد داخل وطننا ؟ هل فاطمة الزهراء المنصوري هي التي تمتلك البر والبحر والزيت والغازوال …؟ لماذا هناك توجه انتقائي واضح و مفضوح؟ يبدو أن للسياسة عمقا التهاميا بائسا، يلفظ الأسئلة الكبرى و الأكثر إلحاحا ويحتفظ وسط أحشائه بأعشاب البحـــر الضارة و السامة، ومن ذلك اختزال السؤال العام في سؤال خاص جدا مثل تحويل النقاش حول ملكية شخصية وذاتية ليس أحد معنيا بحجمها ما دامت خاضعة للمساءلة الضريبية ومرتبطة بتصريحات قانونية و مؤطرة بحدود ما يسمح به القانون، إلى نقاش حول الفساد؛ وهو نــــقاش مطلوب و صحي ونرى أنه نواة كل التحول المؤسساتي والدستوري في بلادنا،خصوصا مع التطور الأولي لآليات الرقابة والتتبع وشفافية الأبحاث والتحريات، لكــــن دفاعا عن مقدرات هذا الشعب وكرامته وصونا للمكتسبات التاريخيـــة للوطن وليس باسم ” التصفيــة السياسية ” وتسليع الأصوات والأبواق وجعل المباني والمؤسسات سجلات تجارية. الآن والآن فقط نطلب من بعض أصدقائنــــا أن يتأملوا معنا شذرات هيراقليـــطس حول الحب والحرب، عن التغير و الجريان الدائم ولأننا كرماء قليلا، سنذلل أمامهم عقبات امتحان فلسفي قاس ونقول لهم ” دوام الحــــــال من المحال ” .
الحـــقد وجبة التمـــــاسيح وعدو “الصحة العمومية” ينبع من النقص والضعف دائما. الأقوياء يملكون قلوبا لا تستشعر الحقد أبدا وعلى النقيض من ذلك، لكي تكون موضوع حقد، ينبغي أن تكون قويا أما حيــــن تكون امرأة تُجَاســـر الرجال، حينئذ يتحول الحقد إلى خطة، مصيدة وفخ وتنبعث محاكمات القرون الوسطــى وميلها الخانق حيث يقتلون “الأنقياء” أحيــــاء، حين يعبرون بأرواحهم إلى الخراب، عطفا على هذا الماضي، تعود حروب الإشاعة المغرضة وتعود المواجهة القديمة/الجديدة بين : المكــــر والشرف. إنها حرب ضد شابة اعتنقت السياسة وأمنت بها كمدخل للإسهام في معركة بناء الوطن وما ادراك ما بناء الوطن، وهي معركة ضد السواد والبؤس والظلام وليست معركة ضد احد، عفويتها النابعة من فؤاد ينبض بالخير والحب والعمل، أحرج أولئك المقبولين من طرف المواطنين.. فباسم الأسرار، الوشايات، الأكاذيب لا يمكن تفسير هذه الحرب على أرضية وقائع موضوعية قائمة بل في النطاق الذي نقترحه هنا؛ تحولات نفسية وسياسوية مريضة لا تعلـــم أن الطرق لأبواب مراكش برية ووعرة و لاســـــاحل لدينا في مراكش لنستضيف حفلة التفاهة أيها القراصنة…فارحلوا بعيدا
جمال مكماني