المجلس الأعلى للماء والمناخ.. هل يكون إطارا للحل؟

0 1٬239

بقلم: حنان أتركين”

صادمة هي الأرقام التي يقدمها وزير التجهيز والماء، في أي مناسبة تتاح له (يوم دراسي، جواب على سؤال شفوي، اجتماع باللجنة المعنية..) عن قطاع الماء، وعن ما أوصلتنا إليه “اللاسياسة” في هذا القطاع، الذي ظل مجالا “لحروب صغيرة” حول تنازع الاختصاص ما بين الوزير الوصي وكتابة الدولة به، وحول تفقيره من الأطر التي كانت رافعة للقطاع، وحول اللاتجاوب مع منطلقات وخلاصات الجلسة الملكية المخصصة لإشكالية الماء (المنعقدة بتاريخ 19 ماي 2019).. والنتيجة عشر سنوات عجاف، من التدبير، اقترنت بزواج سياسة “غرغري أو لا تغرغري” مع تغيرات مناخية غير مسبوقة، أوصلت بلادنا، مع الأسف، إلى أزمة غير مسبوقة في تدبير مواردها المائية..

جفاف دائم، وتدبير غير حكيم للموارد، واستغلال عشوائي لجزء كبير من مصادرها، سدود تعاني من ظاهرة الوحل، هشاشة مسجلة في منظومة الماء.. في مقابل غياب سياسة مائية مندمجمة، توعي بعقلنة الموارد المالية وبضرورية تدبير معقلن لها، وانعدام تصور للاستثمار بإمكانه الإجابة على طلبات التزود بالماء الشروب، إضافة إلى وجود صورة نمطية-ثقافية على مسألة تدوير المياه واستعمال المياه العادمة المعالجة.. إضافة إلى أن التصور الملكي لإدماج المكتبين الوطنيين للماء والكهرباء في مؤسسة واحدة، لاقتران مسألة الطاقة بالماء، لم تؤخذ بعد بعين الاعتبار كضرورة، وكمنطلق للتفكير في مسألة الماء والطاقة، المسألتين الأكثر أهمية في عالمنا اليوم والآن..

وهو ما يطرح إشكالية البدائل، التي يمكن اعتمادها، بدل الاكتفاء بانتظار “رحمة السماء”، عبر التفكير في تطوير البحث العلمي والتكنولوجي والاستفادة من خبرات دولية، لدول جعلت مقاومة الجفاف والتصحر أولوية أولوياتها، ثم الانتباه إلى المخزون المائي الكبير الذي توفره الواجهتين المتوسطية والأطلسية، والتي عبر مشاريع للتحلية، وسوف تجعلنا في حل من التبعية للمياه السطحية والجوفية الآخذة كمياتها في التراجع والأفول..

لكن، ككل سياسة، وككل تدبير في حاجة إلى إطار مؤسساتي جامع ودامج، بإمكانه أن يفكر، أن يتداول، أن يقترح، أن يوصي.. خارج تعقيدات الزمن السياسي، وحساباته الضيقة في بعض الأحيان، والتي لا تستحضر “الوطن”، ومآله، والعيش المشترك به، والسبل الكمينة لتحقيق ذلك.. لذا، تظهر ضرورة تفعيل المجلس الأعلى للماء والمناخ.. هذا التفعيل المرتبط بمراجعة إطاره القانوني، والدفع بالكفاءات إلى عضويته، وتحديد أولويات لعمله لا سيما على المدى القصير، فبلادنا في حاجة إلى نظرة مؤسساتي أخرى بخصوص هذا القطاع.. لا يعني ذلك تطاولا على الاختصاص التنفيذي للحكومة، ولا لإقتطاع جزء من صلاحيتها، كما نظر البعض في الماضي القريب إلى مؤسسات وهيئات الحكامة الدستورية، أبدا.. إنه مجلس تتيح تركيبته أوسع التمثيل الممكن للمتدخلين والمعنيين في القطاع، وتعين خبرة أعضائه على تقديم الخبرة المؤسساتية الضرورية في التدبير، لكن الحكومة هي التي تتخذ القرار، وفق منطق للتفضيل وحسابات الربح والخسارة، وهي التي تتحمل في النهاية وزر وتبعات ذلك..

لكنها في كل هذا المسلسل تتوفر على مؤسسة إلى جانبها لن تجد فيها سوى النصح والمؤازة، والمشورة السديدة.. ولهذا خلقت المؤسسات الاستشارية، وبهذه الغاية، تتأسس جدواها ومبرر عملها..

 

” دة/ حنان أتركين، عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.