المسعودي مخاطبا العثماني: “أرقامكم حول التنمية مخالفة للواقع.. والإصلاح لا يكون بحكومة مشتتة وهجينة”.

0 2٬296

انتفض فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، في وجه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بسبب التأخير الحاصل في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، آملا أن تتجاوز الجهوية مرحلتها الانتقالية وتتغلب على التأخير في تنزيل إطار القوانين والنصوص التنظيمية المكملة والمتممة للقانون التنظيمي للجهات، والتي من دونها لا يمكن للجهة أن تمارس اختصاصاتها نهائيا.

وطالب النائب البرلماني عبد الواحد المسعودي، في مداخلة ألقاها بإسم فريق البام النيابي خلال الجلسة العمومية المخصصة للأسئلة الشفوية الموجهة للسيد رئيس الحكومة، التي عقدت اليوم الاثنين 22 يوليوز2019، بمجلس النواب، حول موضوع ” البرامج الجهوية في مجال التنمية”، من سعد الدين العثماني التحلي في تصريحاته بالواقعية وتقديم أرقاما حقيقية وليس أرقاما لا علاقة لها بالواقع، معتبرا أن الأرقام التي تم تقديمها خلال الجلسة مخالفة للتقارير الحكومية والدولية وتقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وتقارير المجلس الأعلى للحسابات.

وفيما يتعلق بمحور الجلسة، أكد المسعودي أن الغاية من برامج التنمية الجهوية هو التوصل لنموذج موحد لهذه الوثيقة وتفعيلها، وتمويل المشاريع المتضمنة فيها، والمصادقة على المقتضيات الأساسية لعقود البرامج المبرمة بين المجالس الجهوية والدولة، مبينا أن الملاحظ هو أن هناك العديد من الإشكالات المرتبطة ليس بالتقاطع الذي يطرح بالنسبة للجهات مع المجالس المحلية والإقليمية، بل الإشكال الحقيقي الذي يطرح هو التقاطع الكبير بين اختصاصات الجهات واختصاصات الدولة.

وقال النائب البرلماني في ذات المداخلة، ” إن القراءة المتأنية للقانون التنظيمي للجهات خاصة المادة 82 التي تحدد أهم الاختصاصات الذاتية للجهات، تبين أنها في واقع الأمر اختصاصات تمارسها الدولة، وخير مثال على ذلك: دعم المقاولات، إنعاش الاقتصاد الاجتماعي والمنتجات الجهوية، إحداث مراكز جهوية للتكوين وكذا مراكز جهوية للتشغيل، التكوين المستمر لأعضاء المجالس والموظفين… وغيرها من الاختصاصات الذاتية”، مضيفا، ” كلها اليوم تمارس من طرف الدولة، وتتوفر هذه الأخيرة على هياكل وبنيات إدارية متعددة تمارس هذه الاختصاصات والمهام، وراكمت تجربة كبيرة في هذا الصدد، واكتسبت مهارات ومهنية في كل هذه المجالات، واليوم نجد أنها أصبحت من الاختصاصات الذاتية للجهات وليس الاختصاصات المشتركة”.

وزاد ذات المتحدث مسترسلا في مداخلته: “بالتالي فالسؤال الذي يطرح نفسه، هو كيف ستمارس الجهات هذه الاختصاصات الصعبة والمعقدة؟ خاصة وأن النصوص المنظمة لاختصاصات بعض الوزارات والمؤسسات العمومية التي تمارس هذه الاختصاصات لم تتغير ولم تعدل لتواكب القانون التنظيمي للجهات، بالإضافة إلى أنه ليس للجهات أي خبرات علمية أو كفايات بشرية أو تراكم عملي يمكنها من ممارستها، وهذا هو الاشكال الذي يطرح اليوم ومن المحتمل أن يعيق التجربة الجهوية الجديدة”.

وأكد المسعودي بأن الحديث عن برامج التنمية الجهوية في علاقتها بإشكالات تنزيل مشروع الجهوية كتنظيم هيكلي وإداري تقوم بموجبه السلطة على المستوى المركزي بالتنازل عن بعض الصلاحيات لفائدة الجهات المكونة للوحدة الترابية للدولة المغربية، مستنتجا على أنها تعتبر فرصة لاستحضار معاناة وشكاوى رؤساء الجهات أمام غياب رؤية استراتيجية وطنية قادرة على تجاوز العراقيل التي تفرمل قطار الجهوية ببلادنا وتمنعه من الانطلاق بالوثيرة المطلوبة.

وانتقل ذات النائب البرلماني للقول،” أنه بالرغم من مرور ثلاث سنوات من عمر هذه التجربة، لازالت الجهوية تقبع في الانتقالية والانتظارية، ولازال رؤساء الجهات يشتكون، وهم على حق، من انعدام المخاطب ومن غياب الإطار المؤسساتي والقطاعات الوزارية التي تخاطبها المجالس الجهوية”، طالبا في هذا السياق من رئيس الحكومة تقديم حصيلة الحكومة في ورش الجهوية وتقييم موضوعي عام وشامل، قائم على تشخيص دقيق للوضعية الحالية ولما وصلت إليه جهات المملكة فيما يتعلق بتنفيذ الاختصاصات الموكلة إليها.

وعلاقة بما سبق ذكره، أبرز عبد الواحد المسعودي بأن تنزيل برنامج التنمية الجهوية في الجهات والأقاليم، يعتبر محكا حقيقيا لاختبار قدرة الحكومة على مواكبة وإعداد رؤية تنموية استراتيجية موحدة، توفر الآليات والامكانيات لتفعيلها، محملا الحكومة مسؤولية التأخير في تحويل الاختصاصات المركزية إلى الجهات، وفي تفعيل هذه البرامج وتسريع تنزيلها للاستجابة لمختلف حاجيات المغاربة من بنيات أساسية ومرافق عمومية وتجهيزات سوسيو-اقتصادية، ملفتا إلى أن “أي تأخير في التنزيل سيعمق الاحتقان الاجتماعي وسيقوض القدرات التدبيرية للجماعات الترابية، كما أن نجاح البرامج الجهوية للتنمية مرتبط أشد ارتباط بالإدارة والهيكلة التنظيمية والموارد البشرية اللازمة، وهو ما تفتقر إليه جل الجهات”.

وسجل النائب البرلماني بإسم فريق الأصالة والمعاصرة وجود ارتباك لدى الحكومة في تعاطيها وتفاعلها مع إعمال القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، ويتجلى هذا الارتباك حسب النائب عبد الواحد المسعودي في: ” سرعة الحكومة في إصدار المرسوم المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برامج التنمية الجهوية، وكذا غياب اجتهاد وتجانس وتناغم بين البرامج الجهوية للتنمية، بالإضافة إلى غياب اللاتمركز الإداري، الذي لم يصدر المرسوم المتعلق به”.

وزاد النائب البرلماني قائلا: ” الحكومة أرادت، بفعل بطء أدائها وبطء تفاعلها مع الجماعات الترابية في تنظيمها الجديد، أن تجعل من تجربة الجهوية المتقدمة خلال ولايتها الجارية محطة للتأسيس والتجريب، وليس محطة تنمية وتحسين أوضاع الساكنة في إطار سياسة القرب. وبهذا تكون الحكومة قد أجلت تتبع وتقييم هذه التجربة”.

وختم المسعودي مداخلته مخاطبا رئيس الحكومة بالقول: “إن الإصلاح المنشود بتنفيذ الحكامة الترابية لا يمكن اختزاله في مجرد إصدار نصوص قانونية جديدة مهما كانت متطورة، ولا في وجود هياكل إدارية واختصاصات إضافية، بل الأمر يقتضي أساسا رؤية شمولية ذات أهداف دقيقة، وحكومة منسجمة وقوية لا حكومة متشتتة وهجينة يباعد بين مكوناتها عمق الاختلاف الإيديولوجي والسياسي مع سباق انتخابي لا أخلاقي ضاربة بعرض الحائط المصالح العليا للبلاد”.




خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.