الممارسة السياسية للشباب بين نضال الشارع والنضال من داخل المؤسسات .

0 153

لا شك أن الشباب المغربي يشكل اليوم قوة أساسية في أي تحول سياسي أو اجتماعي يعرفه المغرب. غير أن السؤال المطروح دائماً هو: أين يجب أن يمارس الشباب نضالهم؟ هل في الشارع عبر الوقفات والمسيرات والاحتجاجات، أم من داخل المؤسسات عبر الانخراط في الأحزاب والجماعات المنتخبة والبرلمان؟

من وجهة نظري، لا يمكن أن نضع الخيارين في موقع التعارض التام، لكن لا بد أن ندرك أن لكل أسلوب حدوده وفعاليته.

فالشارع المغربي شهد عبر سنوات طويلة حضوراً قوياً للشباب، سواء في حركة 20 فبراير التي رفعت مطالب الإصلاح السياسي والدستوري، أو في الاحتجاجات الاجتماعية مثل حراك الريف أو حملة المقاطعة الاقتصادية سنة 2018. هذه الحركات بينت أن صوت الشارع قادر على تحريك النقاش العمومي ولفت انتباه الدولة إلى قضايا أساسية، لكنه في نفس الوقت يبقى صوتاً غير منظم، وقد لا يترجم دائماً إلى قرارات سياسية عملية.

في المقابل، نجد أن الانخراط داخل المؤسسات يفتح مجالاً أكبر للتأثير المباشر في السياسات العمومية. هناك تجارب شبابية في المجالس الجماعية والبرلمان أثبتت أن الشباب عندما يُمنح الفرصة يمكن أن يقدم حلولاً واقعية. مثال ذلك بروز وجوه شابة في الانتخابات الأخيرة (2021) تولت رئاسة جماعات وشاركت في نقاشات وطنية كبرى. كما أن منظمات شبابية للأحزاب السياسية لعبت دوراً في تكوين جيل جديد أكثر وعياً بالعمل السياسي المنظم.

لكن الإشكال يكمن في ضعف ثقة الشباب في الأحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة، وهو ما يجعل الكثير منهم يفضلون النضال من خارجها. وهذا تحدٍ كبير يجب تجاوزه عبر إصلاح الحياة الحزبية وجعلها أكثر ديمقراطية وارتباطاً بمطالب المواطنين.

إذن، من وجهة نظري، الحل ليس في الاكتفاء بالشارع ولا الاكتفاء بالمؤسسات، بل في الجمع بينهما:
الشارع يذكّر دائماً بأن هناك مطالب ملحة لا يجب التغاضي عنها.

المؤسسات تمثل الإطار الشرعي لتحويل هذه المطالب إلى سياسات وبرامج واقعية.
وبهذا المعنى، فإن مستقبل الممارسة السياسية للشباب المغربي لن يكون إلا بمزج قوة الشارع مع فعالية المؤسسات، حتى ننتقل من مجرد رفع الشعارات إلى صناعة القرارات.

نبيل الزير

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.