المهدي ليمينة: العمل التطوعي رافعة استراتيجية لبناء التنمية والديمقراطية التشاركية

0 68

أكد المهدي ليمينة، عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، أن المرحلة الراهنة تقتضي تجاوز المفهوم التقليدي للمواطنة القائم على التصويت والانخراط الحزبي فقط، نحو مقاربة جديدة تجعل المواطن فاعلا محموريا في صياغة السياسات العمومية والمشاركة في التنمية.

وأوضح ليمينة في ندوة وطنية حول موضوع “نحو سياسة عمومية مندمجة للتطوع من الرؤية الملكية الى التنزيل المؤسساتي”، أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب التحديات البيئية والرقمية، تفرض إعادة النظر في آليات المشاركة المدنية، واعتماد نموذج شامل يتيح للمواطنين الإسهام الفعلي في الحياة العامة، معتبرا أن العمل التطوعي يمثل اليوم رافعة استراتيجية لتحقيق هذه الغاية.

وأشار عضو المجلس الوطني للحزب؛ خلال مشاركته في الندوة التي نظمها المركز الوطني للتطوع والمواطنة اليوم الخميس 06 نونبر 2025 بمدينة الدار البيضاء، إلى أن التطوع لم يعد مجرد مبادرة إنسانية أو اجتماعية، بل أصبح عنصرا فعالا في دعم الإدماج الاقتصادي والاجتماعي، وتمكين الشباب والنساء، وتقليص الفوارق المجالية، وتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، مؤكدا أن التجارب الدولية في هذا المجال أظهرت بوضوح أثر الاستثمار المنهجي في التطوع على التنمية البشرية والمجتمعية.

وأضاف ليمينة أن دولا مثل كندا وألمانيا واليابان طورت سياسات وطنية للتطوع ضمن أطر تشريعية واضحة، مع تخصيص ميزانيات لدعم المبادرات التطوعية وتقديم حوافز للمتطوعين، ما أسهم في بناء مجتمعات أكثر تماسكا وقدرة على مواجهة التحديات، مشددا على أن هذه النماذج تقدم دروسا يمكن الاستفادة منها في السياق المغربي.

وفي السياق الوطني، ذكر ليمينة بأن الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش شكل مرجعية أساسية في ترسيخ هذه الرؤية، حيث دعا جلالة الملك محمد السادس، إلى الانتقال نحو سياسة عمومية متجددة قائمة على العدالة المجالية والتنمية المندمجة، ووضع المواطن في صلبها، مؤكدا أن جلالة الملك شدد على أهمية جعل المجتمع المدني والعمل التطوعي ركيزتين أساسيتين للتنمية، وتمكين المواطن من الإسهام في صنع القرار، لاسيما في ظل المشاريع الوطنية الكبرى المرتقبة مثل استضافة كأس إفريقيا للأمم 2026 وكأس العالم 2030، اللتين ستتطلبان تعبئة ما يقارب أربعين ألف متطوع، وفق تصريح رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.

ورغم هذه الرؤية الملكية المتقدمة، يرى ليمينة أن الواقع العملي لا يزال يواجه تحديات ملموسة، أبرزها التأخر في تفعيل القانون رقم 06.18 المتعلق بالتطوع التعاقدي، الذي يتيح إطارا قانونيا وتنظيميا واضحا من شأنه دعم الاقتصاد الوطني وضمان جودة الممارسة التطوعية، مضيفا أن الأحزاب السياسية لم تستثمر بعد كل الإمكانات التي يوفرها العمل التطوعي، سواء في التأطير المجتمعي أو في تجديد الخطاب السياسي أو في إشراك المواطنين في صياغة السياسات العمومية، مشيرا كذلك إلى أن “العمل التطوعي يجب أن يتحول من نشاط رمزي إلى سياسة حزبية مؤطرة ومندمجة”.

وفي معرض حديثه عن سبل تطوير المنظومة الوطنية للتطوع، شدد ليمينة على ضرورة إدماج العمل التطوعي ضمن البرامج الانتخابية والتكوينية للأحزاب السياسية، مع تعيين منسقين مسؤولين عن استراتيجيات التطوع داخل الهياكل الحزبية، لتقوية الصلة بين المبادرات المدنية والسياسات الحزبية، داعيا إلى إطلاق برامج تكوينية وشهادات معتمدة للمتطوعين تضمن الكفاءة والفعالية، وإلى استثمار التحول الرقمي في إنشاء منصات وطنية وجهوية لتسجيل المتطوعين وربطهم بالمشاريع التنموية، مع تتبع أثر العمل التطوعي عبر مؤشرات دقيقة تعزز الشفافية والمساءلة.

وأكد ليمينة أن تفعيل سياسة وطنية ناجعة في هذا المجال يتطلب شراكة استراتيجية بين الدولة والأحزاب والمجتمع المدني لتأمين التمويل المستدام وضمان المساندة المؤسساتية، إلى جانب إشراك القطاع الخاص في دعم المبادرات التطوعية في إطار مسؤوليته الاجتماعية.

وختم عضو المجلس الوطني للحزب مداخلته بالتأكيد على أن “تحويل العمل التطوعي من نشاط فردي إلى سياسة عمومية مهيكلة يتطلب إرادة سياسية قوية، وقيادة حزبية واعية، وآليات حكامة ذكية وشفافة”، مضيفا أن التطوع، إذا ما أدرج كعنصر استراتيجي ضمن السياسات الوطنية، يمكن أن يشكل أداة فعالة لتجديد الوساطة السياسية وبناء الثقة بين المواطن والمؤسسات، وتسريع وتيرة التنمية الوطنية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.

إبراهيم الصبار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.