النائب الحجيرة يدعو إلى رؤية وطنية شمولية لمحاربة الأمية ويؤكد أن الأمية حائط يفصل بين مغرب الطموح ومغرب الواقع
أكد النائب البرلماني محمد الحجيرة، في كلمة ألقاها باسم فريق الأصالة والمعاصرة، خلال جلسة مناقشة تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية حول تقييم برامج محاربة الأمية بالمغرب، اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر الجاري، أن ملف الأمية لا يجب أن يتعامل معه كقضية اجتماعية ثانوية، بل كمعركة وطنية كبرى تمس كرامة الإنسان وحقه في التعلم والعيش الكريم.
وأوضح الحجيرة أن الأمية تمثل “عائقا هيكليا يعطل التنمية، ويقيد المشاركة المجتمعية، ويضعف الإنتاج والإدماج في العصر الرقمي والمعرفي الذي نعيشه”، مشيرا إلى أن أكثر من سبعة ملايين مواطن مغربي لا يزالون محرومين من أبسط أدوات المعرفة.
وأضاف أن “كل مواطن أمي هو طاقة معطلة وحق مهضوم، وفرصة ضائعة للتنمية”، مبرزا أن هذه الظاهرة “تضعف الاقتصاد وتؤثر في الصحة العامة وتحد من فعالية البرامج الاجتماعية وتقلص الوعي المدني والسياسي”.
وفي تقييمه للبرامج المعتمدة منذ إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية سنة 2011، شدد النائب البرلماني على أن “النية كانت دائماً موجودة، لكن ضعف الحكامة وتعدد المتدخلين وتشتت الجهود حال دون تحقيق الأثر الميداني المطلوب”، مذكرا بأن “التركيز على الأرقام والكمّ غطّى على ضعف الكيف وجودة البرامج”.
ورغم الإكراهات، أشاد الحجيرة بالمكتسبات التي تحققت، خصوصاً من خلال برامج المساجد ومحو الأمية الوظيفية، مؤكدا أن “إدماج مبدأ التعلم مدى الحياة شكل خطوة مهمة في مسار الاعتراف بالحق في التعلم كحق أساسي من حقوق الإنسان”.
واقترح الحجيرة اعتماد ستة مرتكزات لإصلاح منظومة محاربة الأمية، تشمل: أولا، الحكامة والتنسيق بين القطاعات والجهات المتدخلة، وثانيا، تمويل قار ومستدام عبر صندوق وطني للتعلم مدى الحياة، وثالثا، تأهيل المكونين وتحفيزهم ماديا ومعنويا، ورابعا، العدالة المجالية والاجتماعية عبر استهداف القرى والمناطق الجبلية والأمازيغية، وخامسا، الرقمنة كمدخل أساسي للتعلم غير النظامي، وسادسا، التمكين الاقتصادي بربط التعلم بالمشاريع المنتجة والمبادرات المحلية.
كما قدم الحجيرة مجموعة من التوصيات العملية، من بينها: وضع رؤية وطنية شمولية لمحاربة الأمية ضمن الاستراتيجيات الكبرى للدولة، وإصلاح الإطار القانوني المنظم للوكالة الوطنية لمحاربة الأمية ومنحها استقلالية أكبر، وإحداث مجلس وطني للتعلم مدى الحياة لتنسيق الجهود وتتبع المؤشرات، مع اعتماد تمويل جهوي تنافسي وربط التمويل بالنتائج الفعلية، وكذلك مضاعفة الميزانية المخصصة للبرامج خلال السنوات الخمس المقبلة، وتخصيص برامج موجهة للنساء القرويات والفتيات المنقطعات عن الدراسة تجمع بين محو الأمية والتكوين الحرفي والتثقيف الأسري، استعمال الإعلام العمومي لتشجيع ثقافة التعلم مدى الحياة، وإدماج اللغة الأمازيغية في كل مراحل البرامج، باعتبارها لغة رسمية وشريكا في التنمية الثقافية والمعرفية.
وفي ختام كلمته، شدد الحجيرة على أن “محاربة الأمية مسؤولية جماعية تتقاسمها الدولة والبرلمان والجماعات الترابية والمجتمع المدني والأسرة والإعلام”، داعيا إلى “إرادة سياسية حقيقية تجعل من هذا الورش أولوية وطنية”، وإلى التزام الحكومة بتقديم تقرير سنوي مفصل للبرلمان حول مؤشرات محاربة الأمية والنتائج المحققة.
خديجة الرحالي