الوهابي: الإصلاح الإداري يستوجب إرادة “جماعية” واعية بأهمية نقل التشريع من النص إلى التنزيل على أرض الواقع

0 3٬238

قالت، زهور الوهابي، البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، في معرض حديثها عن “آليات تجويد الإدارة العمومية”، خلال الندوة الوطنية المنظمة أمس السبت 29 فبراير 2020 برحاب كلية الحقوق بتطوان، حول موضوع “الإصلاح الإداري ورهان التحديث”؛ (قالت) إن الفترة الفاصلة ما بين 2014 و2016، شكلت مرحلة مهمة للقيام بمجموعة من الإصلاحات على مستوى الإدارة، ركزت بشكل أساسي على الموارد البشرية وتكوينها من جهة، وكذا على تثمين الأداء والتحفيز من جهة ثانية.

لكن النقطة المثارة اليوم للنقاش، هل هناك إرادة سياسية حقيقية للدولة للوقوف على هذه الإصلاحات وتنزيلها؟، تساؤل طرحته الوهابي مخاطبة الأساتذة والطلبة الذي حضروا فعاليات الندوة، لتضيف بالقول: ” إن الإشكال الواقع حاليا في المغرب لا يرتبط بالقوانين، بقدر ما يهم تنزيل هذه القوانين لتتحول إلى أمر ساري المفعول”.

وأوضحت عضو لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، أن التنزيل والتفعيل يفترض إجراءات مصاحبة، لكنها مرتبطة أساسا بالفرد/ المواطن ومنه إدراك الحق والواجب كجدلية قائمة بشكل دائم تحيل على مجموعة من الإشكالات المستمرة داخل الإدارة العمومية والمرافق العمومية كذلك؛ وهي على سبيل المثال، تقول الوهابي، إشكالية الحكامة، أزمة التدبير، إشكالية التخطيط وغياب الرؤية وضعف ثقافة المرفق العام والتقويم، وبالخصوص كل الجوانب المرتبطة بربط المسؤولية بالمحاسبة وهل يتم تطبيق هذا المبدأ الدستوري على أرض الواقع؟.

وأثارت الوهابي في نفس السياق، تسليط التقارير الوطنية والدولية الكثير من الضوء على هذه الإشكالات التي يعرفها المرفق العمومي بشكل عام، والتي تتجلى في ضعف المهنية وتفاوت مستوى الجودة في تقديم الخدمات للمرتفقين، وقصور المنظومة الحالية، إضافة إلى تعدد أصناف المرافق العمومية؛ وكذا وجود نصوص قانونية وتنظيمية تفتقد لنسق منسجم وترابي، وأيضا اختلاف المنظومة التشريعية والتنظيمية المؤطرة لكل صنف من هذه المرافق …

وفي إطار حديثها عن الأوراش الإصلاحية المستجدة ببلادنا، عرجت عضو لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، على مشروع قانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية، والذي صودق عليه داخل اللجنة المذكورة شهر يناير المنصرم، حيث ذكرت أن مشروع القانون يتضمن مجموعة من الأبواب التي فسرت بالتفاصيل الدقيقة كيفية سير المرافق العمومية.

مشروع قانون، يهدف أساسا إلى ترسيخ واعتماد مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة لتمكين المرتفق من الاستفادة من خدمات عمومية تستجيب لحاجياته وتطلعاته المتنامية، كما أنه يهدف إلى تأهيل منظومة سير وتدبير المرفق العمومي وجعل مختلف مكوناته من مسؤولين وأطر وأعوان ملتزمين بهذه المبادئ والقواعد سواء أثناء أداء مهامهم الإدارية أو في علاقتهم بالمرتفقين.

إلى ذلك، أكدت عضو الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، على أن مشروع قانون رقم 54.19، يركز في تصوره على مبادئ الحكامة الجيدة، من خلال احترام المرافق العمومية للقانون في كل أنشطتها، والمساواة بين المرتفقين، والاستمرارية في أداء الخدمات، والملاءمة والجودة، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

إضافة إلى كل ذلك، يشدد مشروع القانون على ترسيخ النزاهة، كإشكال كبير تشهده الإدارة العمومية رغم وجود مؤسسات تحارب الرشوة وترصد الخروقات داخل الإدارة، وهو إشكال سيظل منتشرا بالنظر إلى قلة الوعي المواطناتي وضعف الانفتاح، مما يضرب في الصميم كل ما ننشده من إصلاحات، تقول الوهابي.

كما أن هذا القانون الإصلاحي، يسعى إلى تعزيز القواعد الكفيلة بتقوية نجاعة المرافق العمومية على مستوى التنظيم والتدبير، حيث أشار إلى وضع برامج عمل متعددة السنوات تأخذ بعين الاعتبار حاجيات المرتفقين والخصوصيات الترابية. وبهذا الخصوص، تقول زهور الوهابي، إن كل إدارة ستصبح ملزمة من باب المسؤولية بإعداد برامج من طرف الموظفين بإشراك المواطنات والمواطنين عن طريق “استمارة تقييد الأداء الإداري” بشكل يومي”، ويؤخذ هذا التقييم بعين الاعتبار لتحديث الإدارة وتجويدها، وكذا مواكبة متطلبات التنمية المستدامة، وملاءمة مهام هذه المرافق مع الأهداف العامة التي وجدت من أجلها.

الوهابي، أضافت أن هذا الإصلاح سيحول الإدارة المغربية إلى إدارة حديثة جدا، سيطبق بشكل نهائي خلال السنوات الخمس المقبلة، لكنها بالمقابل تساءلت بالقول: فهل تستجيب القوانين التنظيمية لروح مشروع القانون الذي يمر أولا عبر رأي وملاحظة المشرع كممثل للأمة ومتابع للشأن العام الوطني وكرؤية سياسية ؟.

عضو لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، تابعت مداخلتها باستعراض جوانب من مشروع مشروع القانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية، والذي يحدد المبادئ والقواعد العامة في علاقة الإدارة بالمرتفق، وإعادة تأسيس هذه العلاقة على مرجعية محددة تؤطر عمل المرافق العمومية بناء على مساطر دقيقة وشفافة.

ويركز مشروع القانون المشار إليه على تحديد المبادئ العامة المنظمة للعلاقة الجديدة التي يتوجب أن تجمع الإدارة بالمرتفق، كالثقة والشفافية في المساطر والإجراءات، مع تبسيطها، وتحديد آجال قصوى للرد على طلبات المرتفقين، ومراعاة التناسب بين موضوع القرار الإداري والوثائق المطلوبة للحصول عليها، فضلا عن تقريب الإدارة من المرتفق مع تعليل الإدارة لقراراتها السلبية.

ويلزم مشروع القانون 55.19، الإدارات بجرد وتصنيف وتوثيق وتدوين جميع قراراتها الإدارية من تراخيص ورخص وأذونات وشهادات ومقررات وغيرها من المحررات الإدارية مع نشرها في بوابة وطنية ستحدث لهذا الغرض في أجل لا يتعدى ستة أشهر من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، وتبسيط المساطر الإدارية، وإلزام الإدارات بتحديد آجال للرد على طلبات المرتفقين في أجل أقصاه 60 يوما مع إمكانية تحديد آجال أقل داخل هذه المدة، ويقلص هذا الأجل إلى 30 يوما كحد أقصى بالنسبة للقرارات الإدارية الضرورية لإنجاز مشاريع الاستثمار.

جدير بالذكر، أن هذه الندوة الوطنية، نظمت من طرف ماستر القانون، السياسات العمومية والتنمية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان ومجموعة البحث ومركز الدراسات والأبحاث في المواطنة والحكامة والتنمية، بحضور أساتذة ومسؤولين قضائيين وباحثين، وطالبات وطلبة أبانوا عن مستوى فكري ومعرفي كبير في طرح الإشكالات التي تعرفها الإدارة المغربية و كدا اقتراح حلول عملية سيتم الترافع عنها داخل قبة البرلمان.

مــــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.