الوهابي: التمكين الاقتصادي والحقوقي للمرأة هو السبيل لبلوغ نموذج تنموي ناجح ورائد.

0 1٬161

خلال مشاركتها في أشغال ندوة حول موضوع: “المرأة والنموذج التنموي الجديد”، نظمت بطنجة، مساء السبت 29 دجنبر الجاري، اعتبرت النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة السيدة زهور الوهابي، أن النقاش حول تموقع المرأة في النموذج التنموي الجديد لبلادنا له أهميته وراهنيته، خاصة وأننا على مشارف نهاية سنة 2018 التي كانت سنة تحولات على عدة أصعدة في المغرب، خاصة فيما يتعلق بالمطالب الاجتماعية بما تتضمنه أساسا من حقوق إلى غير ذلك، إضافة إلى النقاش الذي دار طوال الفترة المشار إليها حول كيفية الحفاظ على المكتسبات التي تمت مراكمتها في بلادنا خلال ال 10 سنوات الماضية، ونحن نتجه بثبات نحو بناء دولة المؤسسات والحق والقانون التي نطمح جميعا كمغاربة للعيش فيها في جو تسوده المساواة الحقيقية بين النساء والرجال، تضيف الوهابي.

واعتبرت المتحدثة خلال هذه الندوة المنظمة من طرف مركز شؤون المرأة والفتاة التابع للمعهد المتوسطي الديمقراطي للتنمية والتمكين، بمشاركة فعاليات نسائية، وحضور من الجنسين، (اعتبرت) أن الحديث الدائر حاليا بشأن النموذج التنموي الجديد هو محاولة لإعادة فتح نقاش وطني حول أي نموذج تنموي نريد؟، وكيف نتصور المجتمع والتنمية التي تعني إنتاج الثروة وما يرتبط بها من النقطة المتعلقة بالتوزيع أي “توزيع الثروة”، فهذا هو النقاش الحقيقي الأساسي الذي يجب فتحه اليوم.

وأكدت النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة أنه كان من المفروض في هذا الإطار فتح مجال النقاش مع الشباب ليقدموا تصورهم حول النموذج التنموي المنشود في المغرب، وفتح نفس النقاش مع المرأة، مع الفاعل المدني، مع الفاعل السياسي وجميع المكونات المجتمعية لهذا النموذج، وأن يأخذ النقاش بشأنها في المنابر المختلفة حيزا زمنيا أطول كما هو الشأن بالنسبة لمسودة دستور 2011، والغاية من ذلك الوصول إلى تصور جماعي بمقاربة تشاركية حول النموذج بإسهام الجميع.

النموذج التنموي لا خلاف حول دعائمه الأساسية -تختلف لدى الفرد كل من زاوية نظره-، حيث تعتبر الوهابي من وجهة نظرها أن التعليم دعامة حيث أن الدول الرائدة اليوم عالميا لما أرادت المضي في تجاربها التنموية اتجهت نحو الرقي بتعليمها وتطويره. فهل فشلنا في تطوير تعليمنا؟، وما هي أسباب ذلك؟، هل بسبب نقص الدعم المالي؟ المشتغلون بالمجال التعليم، تجيب الوهابي، يؤكدون أنه ليس لتراجعنا تعليميا علاقة بالشق المالي.

دعامة التعليم تنضاف إلى دعامتي الصحة والثقافة، تقول الوهابي، كأسس لخلق النموذج، لكن النقاش الدائر حاليا (الأحزاب، مؤسسات الحكامة..) بشأن هذا الأخير يتم في ظل غياب تام لإشراك حقيقي للمــــرأة، متسائلة بقولها: هل تم فتح ورش حقيقي أشركنا فيه المرأة وطالبنا إياها من خلال هذا الورش بأن تقدم لنا تصورها حول أي نموذج تنموي تريد بالنظر إلى خصوصيتها وكذا لمساهمتها واشتغالها داخل المجتمع؟، والدليل على ذلك تصاعد نسبة النساء اللواتي يعلن أسرهن في السنين الأخيرة (ففي سنة 2017، سجل في المجال الحضري كون المرأة تعيل ما نسبته 17 في المائة من الأسر المغربية، وما نسبته 11 في المائة بالمجال القروي). إذن هذه المساهمة أو الأدوار المتنامية للمرأة داخل المنظومة المجتمعية لا يعكسها إشراك حقيقي لها بخصوص النقاش حول النموذج التنموي، مع العلم أن موعد تقديم الأحزاب والمجتمع المدني للمسودات حول تصورهم للنموذج لم يتبقى بخصوصه من الناحية الزمنية الكثير للانتقال من مرحلة التنظير إلى التنزيل، تقول النائبة البرلمانية.

وعبرت الوهابي عن أسفها لكون معظم النقاشات المجتمعية التي تفتح حول قضايا هامة لا يتم التركيز فيها على الأسس التي تخص كل قضية، لكنها عبرت بإيجابية عن طموح في أن يكون النقاش اليوم حقيقيا وعميقا حتى تتمكن كل مكونات المجتمع من تحديد نقاط الالتقاء والتوافق حول النموذج التنموي المراد تفعيله على أرض الواقع، خاصة أن بلادنا غابت عنها نماذج تنموية حقيقية، بقدر ما كانت هناك “مخططات للتنمية” تهم مجموعة من القطاعات.

الوهابي طرحت في هذا السياق تساؤلات من قبيل: هل كان للفاعل السياسي إرادة حقيقية -مع توالي الحكومات- إرادة وجرأة للإصلاح وتسطير معالم النموذج المرتقب، وهل تم تحديد الأولويات وكيفية الاشتغال؟، وشددت على أن اللحظة تتطلب تحديد الأولويات وإعادة ثقة المواطن سواء في المؤسسات السياسية (الأحزاب)، المؤسسات المدنية، المؤسسات الدستورية، من أجل التعاطي بشكل أمثل مع الخطابات التي تروج في الآونة الأخيرة والبعيدة عن قيم مجتمعنا، خطابات تنبذ جميع الفاعلين، خطابات التيئيس.

الوهابي خلصت إلى أن تحقيق نموذج تنموي جديد تحضر فيه المرأة بالشكل والدور المطلوبين، يرتكز على 4 آليات، حيث يجب تنزيل فحوى الفصل 19 من الدستور الذي يتحدث عن المساواة الحقيقية بين النساء والرجال، معتبرة أن عدم استحضار الحكومة وباقي الفرقاء والمعنيين للمــــرأة في برامج السياسات العمومية وتغييب المساواة لن يكون له أي وقع إيجابي واقعي بخصوص النموذج، إضافة إلى تفعيل سمو المواثيق الدولية في مجال المساواة بين النساء والرجال لتجسيد مضامين النموذج.

المرتكز الثاني في أن يكون للمرأة حضور من زاوية المقاربة التشاركية، فالمقاربة المعمول بها في جميع المؤسسات تبعد المرأة عن مراكز القرار السياسي ومراكز القرار الإداري، وهي بالمقابل حاضرة في المحطات الانتخابية لكنها غائبة في القرارات السياسية الكبرى للأحزاب بالنظر إلى تمثلات تجعل من المرأة مجرد تأثيث للمشهد عوض أن تساهم جنبا إلى جانب الرجل. واستحضرت الوهابي على النقيض من ذلك التجربة المتميزة لحزب الأصالة والمعاصرة الذي اختار الرفع من مشاركة وتمثيلية النساء (اللائحة الوطنية للشباب في انتخابات 2016).

وشددت المتحدثة فيما يهم الركيزة الثالثة على عنصر السياسات العمومية التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع الاجتماعي، فمشاريع قوانين المالية تغيب عنها تماما ميزانية مخصصة لتفعيل المساواة وتنزيل مقاربة النوع. وأشارت في الأخير أن التمكين الاقتصادي -كعنصر رابع- للمرأة يشكل السبيل نحو الوصول إلى نموذج تنموي ناجح ورائد ببلادنا.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.