بعدما تجاوزنا 100 ألف إصابة بكورونا المغاربة يتساءلون: هل نحن في الموجة الثانية أم الثالثة أم الله أعلم؟

0 480

لم يكن أحد يتصور قبل أشهر قليلة أن الوضع الوبائي المرتبط بتفشي فيروس كورونا سيتطور بهذا الشكل “المرعب”، ولم ننتظر أن يسير إيقاع الإصابات بهذه السرعة المهولة، حتى صرنا نعيش على عتبات الموجة الثانيـــة وربما الثالثة للوباء أو الله أعلم، مع تعداد يومي للإصابات يتجاوز ال 1500 وتسجيل عشرات الوفيات.

ولا بأس في هذا الصدد من التمعن لبضع لحظات في كرونونولوجيا تطور الوضعية ببلادنا، ففي الثاني من شهر مارس الماضي سيعلن عن أول إصابة ببلادنا (الدار البيضاء) وفي الأسبوع الثاني من نفس الشهر سنتجاوز 100 إصابة، ليرتفع العدد في شهر أبريل إلى 1000.

وستسجل 10000 إصابة شهر يوليوز الذي للإشارة كان شهد بعض التخفيف في تدابير الحجر الصحي، ثم سيتضاعف العدد 10 مرات لنتجاوز عتبة ال 100000 إصابة في الأسبوع الثالث من شهر شتنبر 2020 (21 شتنبر- 103119 حالة إصابة)، ومجموع 1855 حالة وفـــــــــــاة منذ ظهور الوباء في المغرب.
ارتفاع في الأرقام يوازيه الكثير من “الارتباك” على مستوى تدبير الحكومــــة للجائحة، فالوصول إلى 100000 إصابة كان يفترض في الأصل عقد اجتماع حكومي طـــــــــــارئ لتدارس كل الحيثيات المرتبطة بهذا الرقم، والحسم في مكامن حلول واقعية “غير ترقيعية” للتخفيف من تبعات الرقم من جهة، والعمل من أجل مواجهة وضع ينبئ بما هو أسوء إن استمر الحال على ما هو عليه.

المتتبع سيلاحظ أن الحكومة التي يترأسها سعد الدين العثماني، اختفت فجأة، وتركت أمر المعركة، معركة مواجهة الوباء للقوات والسلطات العمومية، والمواطن حين سؤاله عن الأمر يجيبك أن التركيبة الحكومية أشبه بأجزاء منفصلة عن بعضها البعض وكل قطاع وزاري يشتغل بشكل منفرد، وحتى تنزيل القرارات يصطدم مع تعدد “المخرجات” التي تصب كل واحدة منها في اتجاه، حتى أن ذات المواطن يقابل قرارا معينا وفي نفس اليوم يلقى قرارا آخر وهكذا ….

الملاحظ أيضا أن ذات الحكومة صارت متخصصة فقط في إصدار بلاغات مساء كل نهاية أسبوع ثم ما تلبث أن تصدر قرارات مناقضة بعد برهة من الزمن، تغلق مناطق وتهمل أخرى وتنسى إعادة النظر في تصنيف المناطق حسب تحسن- تطور الوضعية الوبائية، تجبر المواطنين على ارتداء الكمامات وتمدد حالة الطوارئ الصحيــــة (أعلن عنها أول مرة يوم 19 مارس وأصبحت سارية يوم 20 مارس 2020) وهي لا تدرك أعماق عواقب هذا الإجراء على المعيش اليومي للمواطنات والمواطنين، الذين صبروا وتحملوا أشهرا من الحجر الصحي وانخرطوا في تنفيذه بكل التزام ومسؤولية (رغم تسجيل بعض التهاون في هذا السياق)، ومازالوا ينتظرون انفراج الأفق ليعودوا إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

العشوائية الحكومية مستمرة منذ فترة، والتدابير التي تتخذ لا تجدي نفعا وغير فعالة، وحتى تصريحات رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بشأن تنزيل ما يلزم لعدم دخول المغرب الموجة الثانية ومواصلة مواجهة تفشي الوباء، تظل بعيدة كل البعد عن الواقع. فتسجيل ما بين 1500 و2000 حالة يوميا يناقض ما قاله العثماني بكون الحكومة ستعمل على رفع القدرة على المراقبة الفعالة وتتبع جميع الحالات المؤكدة ومخالطيهم بطريقة ناجعة وسريعة، هذا دون الحديث عن اقتراب عدد الوفيات المسجلة من عتبة ال 2000.

كما أن حديث العثماني عن توفير مخزون كاف من المستلزمات الطبية ومعدات الحماية الشخصية وخاصة الكمامات والمطهرات لمواجهة أي ارتفاع محتمل لحالات الإصابة بعد تخفيف الحجر الصحي تفاديا لوقوع احتمال الموجة الثانية، (حديث) غير واقعي لأن 100000 إصابة رقم كبير جدا في انتظار إيجاد اللقاح المناسب، وبمناسبة الحديث عن اللقاح فلا بد من التذكير كون الحكومة فتحت خط التواصل مع شركة صينية من أجل اختبارات سريرية للقاح وعادت مجددا لفتح مجال التفاوض مع شركة روسية لنفس الغرض أي اللقاح، وكأن المواطن المغربي عليه أن يتحمل تعبات الأزمة المرتبطة بتفشي كورونا ونتائج العبث الحكومي.

الموجه الثانية حالة ليست بالبعيدة، فحتى من داخل “المختبر الحكومي” فقد سبق لوزير الصحة أن حذر من الموجة الثانية للوباء لمرحلة ما بعد فصل الصيف، وها نحن اليوم على أبواب الخريف والأرقام مفتوحة على كل الاحتمالات.

نحن اليوم كذلك، على أبواب الدخول المدرسي، والتمدرس يشكل قطاعا حيويا أساسيا، وما تزال الوزارة الوصية على القطاع لم تستقر بعد على القرار المناسب بشأن نوع التمدرس الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال الموسم 2020-2021.

ففي وقت سابق، ارتأت عبر قرارات نهاية الأسبوع كما سلف الذكر اللجوء إلى التعليم “الحضوري”، ثم تغير الرأي إلى التعليم “عن بعد”، لكن لا هي وفرت اللوجيستيك المطلوب ولا مكنت الأستاذ والتلميذ من الظروف المناسبة لإنجاح العملية، وحدها الشعارات الفضفاضة تملأ الفضاء ضجيجا وحديثا عن إعمال التكنولوجيا وتوفير الصبيب و.. و … بينما المئات من المؤسسات التعليمية لا تتوفر حتى على المراحيض فما بالك بالصبيب والحواسيب ويزداد الأمر سواء كلما توغلنا في العالم القروي. ثم سمعنا بعد ذلك حديثا عن التعليم ب”التناوب” وغدا سنسمع عن أشياء أخرى.

إلى جانب الحكومة، يتضح أن ما سمي ب “لجنة اليقظة” المحدثة في 11 مارس 2020 من من أجل التنبؤ بالانعكاسات التي ستطال الاقتصاد المغربي بسبب جائحة كورونا، (اللجنة) دخلت من جانبها موجة مختلف عنوانها السبات، فالأخيرة لم نكد نسمع لها إلا عقد اجتماعات نادرة، على الرغم من أن مهمتها تتطلب عقد اجتماعات متواصلة كل 48 و24 ساعة لأن مهمتها شديدة الحساسية وبالغة الأهمية.

فاليقظة تحيل على الاستعداد والجاهزية القصوى للتعاطي مع وضعية معنية، والوضعية الراهنة ليست بالهينة وتتطلب فعلا اليقظة بما لها وما عليها، فنحن نعيش على إيقاع استمرار فرض حالة الطوارئ الصحية بكل تبعاتها على عدة أصعدة ومستويات، بالمقابل، هناك استمرار لتفشي الوباء وتضاعف عدد الإصابات 10 مرات ما بين يوليوز وشتنبر 2020.

فهل ستتعظ اللجنة قريبا وتقوم بواجبها وتتحمل المسؤولية المنوطة بها؟، وهل ستقدم لنا الخطة الكفيلة التي من خلالها يمكن لبلادنا أن تكسب الرهان ونخرج بأقل الخسائر مقارنة مع المجهود الوطني- الجماعي الذي بذل في سبيل مواجهة الوباء منذ المراحل الأولى للانتشار؟.

هل ستستيقظ الحكومة هي الأخرى من سباتها وخلافات أعضاءها وتفعل على أرض الواقع ما يتم الحديث عنه في كل مناسبة عن تدابير وإجراءات سريعة وذات نجاعة في مواجهة تفشي الفيروس؟، هل سندخل موجهات أخرى؟، وهل سيستمر الارتفاع المهول للإصابات على نفس الإيقاعات؟، هل تملك الحكومة فعلا الحــــــــــــــل أم أنه لا حلول لها في الوقت الحالي سوى “الترقيع” وقرارات غير مجدية وبطيئة في المدى والمفعول؟.

إن التزام المواطنات والمواطنين المغاربة بما فرضته السلطات العمومية من حجر صحي وحالة طوارئ صحية، ومنهم من ضحى بلقمة عيشه وتحمل تبعات بطالة ممتدة من أشهر، ومنهم من توقف نشاطه المهني أو الحرفي، ومنهم الكثير ممن ساهم ماديا في المجهود الوطني لمواجهة تفشي الوباء .. إن كل ذلك يجب أن يقابله إدراك ووعي الحكومـــــة بحجم التضحيات التي قدمها المغاربة خلال الأزمة، إدراك ووعي بحجم المسؤولية وهول الموقف، إدراك ووعي بضرورة يقظة اللجنة المشار إليها سلفا، ويقظة الضميــــر، ضمير المسؤول الموكل إليه مهمة يجب عليه القيام بها خدمة للمواطن والصالح العام.

مـــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.