بنسعيد: التنظيم الذاتي للصحافة خيار ديمقراطي لترسيخ الثقة والمهنية
أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، السيد محمد المهدي بنسعيد، أن مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يشكل منعطفا ديمقراطيا جديدا في مسار تعزيز حرية الإعلام وترسيخ مبدأ التنظيم الذاتي للمهنة، باعتباره أحد أعمدة المجتمع الديمقراطي الحديث، وضمانة لترسيخ الثقة بين المواطن ووسائل الإعلام.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الوزير خلال أشغال يوم دراسي نظمته لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، اليوم الإثنين 13 أكتوبر الجاري حول مشروع قانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، بحضور مختلف الفاعلين في المجال الصحافي، وممثلي الهيئات المهنية والمؤسسات المنتخبة.
نحو تنظيم ذاتي حقيقي ومستقل
أبرز السيد بنسعيد أن بلادنا اختارت منذ سنوات طريق التنظيم الذاتي في تدبير الشأن الإعلامي، من خلال إحداث المجلس الوطني للصحافة، مؤكدا أن التجربة الأولى للمجلس، رغم ما حققته من مكاسب، أظهرت بعض النواقص القانونية التي استوجبت تحيين الإطار التشريعي المنظم له.
وأوضح الوزير أن مشروع القانون
الجديد، الذي صادق عليه مجلس النواب، جاء لتصحيح تلك الاختلالات ومنح المجلس صلاحيات أوضح وأكثر فعالية، تمكنه من أداء مهامه في تأطير المهنة وضمان الشفافية في منح البطاقة المهنية ومعالجة الشكايات.
الإعلام في مواجهة التحديات الرقمية والاقتصادية
وشدد وزير الشباب والثقافة والتواصل على أن التحدي اليوم لا يقتصر على تنظيم المهنة تقليديا، بل يمتد إلى مواكبة التحولات الرقمية الكبرى، مشيرا إلى أن الفضاء الرقمي أصبح الساحة الرئيسية للتداول الإخباري، وأن المشروع يجب أن يراعي خصوصيات المقاولات الصحفية الرقمية وتحديات الذكاء الاصطناعي.
كما أكد على ضرورة حماية النموذج الاقتصادي للصحافة الجادة من المنافسة غير المشروعة، معتبرا أن تقوية المجلس الوطني هي في جوهرها تقوية للنموذج الاقتصادي للإعلام الوطني.
الرهان على التكوين والمهنية
واعتبر المسؤول الحكومي أنه لا يمكن الحديث عن إعلام قوي دون صحفيين مؤهلين ومواكبين للتطور التكنولوجي، داعيا إلى جعل المجلس الوطني شريكا في تكوين الصحفيين بالتعاون مع الجامعات والمعاهد، لضمان كفاءة مهنية عالية، قادرة على التصدي للأخبار الزائفة وصون أخلاقيات المهنة.
فلسفة الحرية والمسؤولية
وشدد المتحدث ذاته على أن فلسفة التنظيم الذاتي تقوم على الحرية والمسؤولية، كما نص على ذلك الدستور المغربي في فصله 28، مؤكدا أن الحكومة لم تتدخل في إعداد تصور المشروع، بل اعتمدت على المقترحات التي بلورتها اللجنة المؤقتة الممثلة للمهنيين، في تكريس حقيقي لاستقلالية الجسم الصحفي.
وأوضح أن هذه المقاربة تختلف جذريا عن ما كان معمولا به في الحكومات السابقة، التي لم تعرف تنظيماً ذاتيا للمهنة بهذا الشكل المؤسسي.
شراكة جماعية لبناء إعلام المستقبل
وختم الوزير كلمته بالتأكيد على أن هذا اليوم الدراسي يشكل فرصة جماعية لتبادل الرؤى وإغناء النقاش حول النصوص القانونية المؤطرة للمجلس الوطني، بعيدا عن أي مزايدات، بهدف الوصول إلى صيغة متوازنة تضمن حقوق الصحفيين وتخدم المصلحة العامة.
كما عبر عن شكره لرئيس مجلس المستشارين ورؤساء اللجان والفرق البرلمانية على انخراطهم الإيجابي في هذا الورش الوطني، مؤكدا أن الحكومة تظل في إنصات دائم لكل الآراء والمقترحات من أجل بناء إعلام وطني قوي، مستقل، ومسؤول.
تحرير: سارة الرمشي- تصوير: ياسين الزهراوي