بن شماش: النظام التمويلي الوطني لا زال يعاني مجموعة من الإشكاليات البنيوية

0 793

قال حكيم بن شماش، رئيس مجلس المستشارين، “إن تمويل الاقتصاد الوطني يشكل عصب الحياة في مسار ضمان التقدم والازدهار، ونجاعته تعتبر العامل المحدد لنجاح الاستراتيجيات الاستثمارية والمبادرات المقاولاتية، وقد عملت بلادنا منذ الاستقلال على تقوية وتعزيز نظام التمويل الوطني، بداية من إحداث صندوق الإيداع والتدبير وإحداث مجموعة أخرى من المؤسسات، من قبيل صندوق التجهيز الجماعي وصندوق الادخار الوطني والبنك الوطني للتنمية الاقتصادية”، مبرزا “المغرب عمل على تشجيع القطاع البنكي وتقوية ترسانته القانونية واكبتها إصلاحات كبيرة ومتعددة مع التطور الطبيعي لنظامنا التمويلي”.

وأضاف بن شماش، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الوطنية حول “تمويل الاقتصاد الوطني: نحو تنمية إدماجية”، المنظمة اليوم الأربعاء 29 يناير 2020 بمجلس النواب، (أضاف) “على الرغم من هذا المجهود التاريخي الكبير، يلاحظ أن النظام التمويلي الوطني لا زال يعاني من مجموعة من الإشكاليات البنيوية، لعل أبرزها تدهور رسملة البورصة الوطنية بحوالي 50 مليار درهم سنة 2018، وبروز محدودية النموذج الاقتصادي للقطاع البنكي الوطني بالإضافة إلى استمرار تأخر بلادنا في اعتماد الجيل الجديد من أساليب التمويل، وهذا المعطى يؤكده كذلك مؤشر “دوين بزنس” حول مناخ الأعمال العالمي الذي يصنف بلادنا في المرتبة 119 عالميا فيما يتعلق بالولوج آلى القروض”.

وفي هذا الإطار، ذكر حكيم بن شماش بمضمون خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة، حيث أكد جلالته أن القطاع “لايزال يعطي أحيانا، انطباعا سلبيا، لعدد من الفئات، وكأنه يبحث فقط عن الربح السريع والمضمون، وهو ما يتجلى مثلا، في صعوبة ولوج المقاولين الشباب للقروض، وضعف مواكبة الخريجين، وإنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة”، وفي نفس السياق حث جلالته، مبرزا أن هذه الدعوة الملكية تعتبر بمثابة توصية للقطاع البنكي من أجل تغيير النموذج الاقتصادي الخاص بعمل الأبناك الوطنية.

وأردف رئيس مجلس المستشارين “إن إصلاح منظومة تمويل الاقتصاد الوطني، يعتبر عاملا محددا لنجاح أجندة التحول التنموي، التي انخرطت فيها بلادنا عبر ورش تجديد النموذج التنموي، وبلادنا مدعوة لإصلاح عميق للقطاع البنكي، بانسجام مع التغيرات التقنية التي يعرفها القطاع على المستوى العالمي وتماشيا مع الدعوة الملكية لتقوية مساهمة القطاع البنكي في الدينامية الاقتصادية الوطنية”، موضحا “هنا ينبغي العمل على إعادة النظر في الإطار القانوني للأبناك ومؤسسات الائتمان والرقي به لمرتبة “مدونة بنكية ومالية”، بجانب العمل على الارتقاء بالعلاقة بين المستثمرين والأبناك من علاقة تجارية بسيطة إلى شراكة عميقة، تمكن الأبناك من المصاحبة التقنية والمالية للاستثمارات، وكذلك تعزيز العرض البنكي الوطني لضمان استمرارية الدينامية الاستهلاكية.

ودعا حكيم بن شماش لخلق منصات خاصة بتمويل وتتبع مشاريع الشباب والمقاولين الذاتيين مع تقوية مكانة الأعمال المصرفية الالكترونية من قبيل “PayPal” والتأسيس لمرحلة العملات الرقمية المشفرة ببلدنا، بالنظر لكونها مصدرا كبيرا للدخل بالنسبة لشريحة عريضة من الشباب المغربي التي تنشط في ميدان التشغيل الذاتي، بالإضافة إلى تسريع مسار إعادة النظر في منظومة الضمانات وتدبير المخاطر، وذلك انسجاما مع مضامين القانون رقم 21.18 المتعلق بالضمانات المنقولة، الذي يهدف إلى تسهيل ولوج المقاولات إلى مختلف مصادر التمويل المتاحة، عبر تقديم الضمانات المنقولة المتوفرة لديها، وتعزيز الحرية التعاقدية في مجال الضمانات المنقولة مع الحرص على تحقيق الأمن القانوني التعاقدي، وتحسين شروط تنافسية المقاولات عبر تأمين عمليات تمويل الاستثمار.

وأفاد بن شماش أن الابتكار المالي سيكون كلمة السر في مسار إصلاح منظومة تمويل الاقتصاد الوطني، خاصة وأن حالة الإشباع الاستراتيجي للاقتصاد الوطني تستلزم أجوبة براغماتية من أجل تحقيق الإقلاع الشامل، والمضي قدما في مشروع الجماعي للالتحاق بركب الدول الصاعدة، داعيا إلى تقوية الصندوق السيادي الوطني انسجاما مع مبادئ “سانتياغو”، ليكون قادرا على المساهمة الفعالة في الدينامية الاقتصادية الداخلية، وأن يكون بمثابة دراع مالي للدبلوماسية الاقتصادية الوطنية، في ظل توجه بلادنا لتقوية حضورها الاقتصادي بالقارة الأفريقية من جهة، وكذلك للاستعداد الجيد للنجاح في الالتزام المتعلق بالمنطقة الحرة الأفريقية من جهة أخرى.

سارة الرمشي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.