بوعزة: نطالب الحكومة بالتعاطي الجاد والمستعجل مع مختلف الإكراهات التي يعيشها إقليم شفشاون في كل المجالات

0 1٬067

قال رئيس المجلس الإقليمي لشفشاون السيد عبد الرحيم بوعزة، إن اللقاء التواصلي الوازن، المنعقد بحضور رئيس الحكومة والوفد الوزاري المرافق له، صباح يوم السبت 19 يناير الجاري، بمقر عمالة الفحص أنجرة، ليس مجرد لحظة لتكريس فضيلة الانفتاح بين المركز والمجال وليس فقط للإنصات والإصغاء بين أعضاء الحكومة ومنتخبي الجماعات الترابية، وإنما “جئنا إلى عاصمة جهتنا وكلنا يحذونا الأمل في بناء علاقة مؤسساتية جادة ومسؤولة وفق مقاربات تعاقدية وتشاركية تضمن حق الوحدات الترابية في التموقع الحقيقي ضمن مسار اللامركزية والجهوية المتقدمة، وفي المساهمة الفعالة لخدمة مصالح الساكنة المحلية كما ارتضاها لها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله”، يقول رئيس مجلس إقليم شفشاون.

وأوضح بوعزة في نفس السياق أن الواقع التنظيمي الذي نحياه يصطدم بهذه الطموحات، بشكل يجعلها تتحول أحيانا إلى احباطات وانتكاسات، وبطريقة تدفع إلى التساؤل اليومي عن موقع المنتخب من الإعراب القانوني، وعن الجدوى من زخم النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة لاختصاصات المجالس المنتخبة في مجال التنمية إذا كانت مجرد إطارات نظرية لا تسمن ولا تغني من جوع المواطن البسيط والفقير الذي يعاني في صمت بالمجالات شبه الحضرية وبالمناطق النائية وبأعالي الجبال؟.

وفي حديثه عن المجال إذ يتشرف برئاسة المجلس الإقليمي، اعتبر بوعزة أن شفشاون نموذج صارخ لفشل التدبير المركزي لأوراش التنمية منذ الاستقلال، وحالة مثل نظيراتها بالعديد من أقاليم الجهة تجسد محدودية و نسبية السياسات الحكومية المتعلقة بتأهيل وتنمية الجماعات الترابية، “ونحن كمنتخبون نقف يوميا عاجزين عن إيجاد أجوبة حاسمة ومقنعة للمواطنين حول تحديات التنمية الاجتماعية المندمجة والمستدامة، ليس تقصيرا أو خذلانا منا، بل لأسباب خيوطها مترابطة تقود لا محالة في رحلة البحث عن ناسجها إلى الفاعل الحكومي القابع بالعاصمة، الذي يظل مسؤولا على توزيع الاعتمادات المالية للتنمية بالجماعات الترابية”، يقول رئيس مجلس إقليم شفشاون.

واعتبر المتحدث أن الزيارة التي يقوم به رئيس الحكومة والوفد الوزاري المرافق له إلى جهة طنجة تطوان الحسيمة، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، وانسجاما مع خيار الجهوية المتقدمة، وفي إطار برنامج الحكومة الخاص بالتواصل مع مختلف جهات المملكة، (اعتبر) أن النقاش العمومي الذي يؤتي أكله يتطلب أولا وقبل كل شيء الابتعاد عن لغة الخشب، تجنب ترديد شعارات ”العام الزين” قدر الإمكان. وسجل بوعزة أن تسليط الضوء على نقائص ومعيقات التنمية بإقليم شفشاون هو في نفس الوقت تشخيص لحاجيات ومتطلبات هذا الإقليم من التنمية، وهي أمور متفق عليها يتقاسمها سائر المنتخبين الشفشاونيين.

رئيس مجلس إقليم شفشاون اعتبر في نفس الكلمة، أن هناك واقعا سوسيواقتصاديا وثقافيا مترديا للغاية بحاضرة الإقليم، وبالمراكز المحددة وبالجماعات القروية، وبوجود ضعف بين في تدبير المنظومة المحلية للتربية والتكوين (نقص حاد في الأطر والمؤسسات التربوية وخصاص هائل في التجهيزات الديداكتيكية وتدهور مستمر للبناءات المدرسية وتكدس التلاميذ في آليات النقل المدرسي وفي دور الطالب والطالبة). دون إغفال وجود شلل وظيفي لمرفق الصحة العمومية (إقليم شفشاون يتوفر على مستشفى واحد وعلى دور للولادة بتعداد الأصابع، وغياب دائم للأطر الصحية وخدمات صحية عقيمة واعتراف رسمي بتقادم مستودع الأموات وظهور حالات جديدة للأمراض المعدية وضعف الاستشفاء بمصلحة الطب النفسي لغلاء الأدوية).

وعبر بوعزة عن أسفه لغياب مندوبية إقليمية للثقافة ترعى المنتوج والتراث المحلي الغني، الأمر الذي يحيل على معاناة الواقع الثقافي بالإقليم، “كما أن شبابنا وأطفالنا تواقون لملاعب القرب و لدور الشباب ولفضاءات الترفيه (إقليم شفشاون لا يعرف معنى المركب الثقافي المندمج)”، يوضح رئيس مجلس إقليم شفشاون.

وأضاف بوعزة بالقول: “نواجه اقتصادا محليا ميتا يعاني من الآثار السلبية لزراعة الممنوعات وسيادة العقلية التقليدية في الإنتاج مقابل غياب تثمين وترويج المنتوجات الفلاحية البديلة، ومن عدم هيكلة القطاع التجاري بالمدينة والمراكز الصاعدة (الجبهة وباب تازة وباب برد نموذجا) وفوضى الأسواق الأسبوعية وغياب مجازر عمومية تستجيب لمواصفات السلامة الصحية، والافتقار إلى بنيات صناعية قادرة على امتصاص البطالة التي تضرب بقوة في هذا الإقليم”. وقال رئيس مجلس إقليم شفشاون في نفس الإطار أن تطوير الاقتصاد البحري يتطلب إعادة تهيئة محمية البوران للأسماك المتوسطية كما يتطلب إحداث معهد للتكوين والتأطير البحري على غرار الحسيمة والعرائش ويستدعي تشجيع الاستثمار لخلق وحدات التصبير، وتظل بنيات الاستقبال السياحي غير مؤهلة وفي حاجة إلى سياسة جادة لربط منتج بمجال التكوين المهني وبمجال الحرف التقليدية وبتشجيع الأصناف الجديدة للسياحة من قبيل سياحة الجبال والمغارات والسياحة الروحية”.

وقال بوعزة إن التشخيص لا يقف هنا، بل يمتد إلى تردي وضعف البنيات التحتية الأساسية، فطرق الإقليم هي مسالك للموت وعبورها مغامرة في حد ذاته، (دواوير معزولة خلال فصل الشتاء، وطريق ساحلية ذات انقطاعات متتالية في السير، منعرجات خطيرة بدون تشوير وبدون منشآت فنية (مقطع باب برد، إساكن…).

على مستوى التزود بالماء الصالح للشرب، خاطب بوعزة رئيس الحكومة والوفد الوزاري المرافق له، بقوله : “شفشاون هو أحد أقاليم ظاهرة العطش خلال فصل الصيف بالرغم من جواره لسد الوحدة الذي طالت عملية تزويد جماعات دائرة بني احمد منه بشكل غير معقول، وبالرغم من جواره لسد مولاي بوشتى الذي أصبح متحفا للماء أبعد ما يكون لمفهوم المنشأة المائية التي تنتظر مدينة شفشاون وجماعات دائرة باب تازة الربط المائي بها منذ سنوات خلت وفي ظل غياب تام لحكامة مؤسساتية لقطاع الماء”. وهي مناسبة للمطالبة بتمثيلية رسمية لإقليم شفشاون ضمن المجلس الإداري لوكالة الحوض المائي “سبو”، إقليمنا يعاني من استفحال ظاهرة الثقوب المائية ومن انتشار الأحواض المائية.

أما على مستوى الربط بالشبكة الكهربائية، يوضح بوعزة، فإقليمنا يعاني من ظاهرة الشتات ومن ضعف التيار الكهربائي ومن تدهور حالة التجهيزات الكهربائية إلى حد يمس بالسلامة الجسدية للأشخاص وبالممتلكات، من جانب آخر فمجالنا الترابي يظل في حاجة ماسة إلى دعم عمومي لوضع أنظمة خاصة بالصرف الصحي وبالتطهير الصلب. ويعاني الإقليم من تدهور المجال البيئي، حيث الاستنزاف الفظيع للثروات الطبيعية بفعل القنص الجائر للثروة الحيوانية والصيد البحري عير المرخص وحيث اجتثاث الغابة لغايات غير مشروعة ، والقضاء على الغطاء النباتي وجودة التربة بفعل مخلفات معاصر الزيتون (مادة المرجان السامة)، والأدهى في الأمر هو أن تظل الإمكانات العمومية ضعيفة وناقصة في إقليم يعاني من شبح الكوارث الطبيعية.

وفي الختام، جدد بوعزة الملتمس الذي رفعه المجلس الإقليمي لشفشاون إلى الحكومة تحديدا في شخص وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر لتشييد كلية متعددة التخصصات بالإقليم وللرفع من حصة المنح الجامعية لفائدة طلبته، وملتمس التسريع من وتيرة إحداث مستشفى متعدد الاختصاصات بمركز باب برد.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.