تدرج مهني موسع وخريطة قطاعية.. وزارة التشغيل تبحث عن حلول مستدامة لبطالة الشباب

0 113

قدم وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، تصورا جديدا لمعالجة بطالة الشباب، يقوم على إعادة بناء السياسات العمومية من جذورها بدل الاكتفاء بالحلول الظرفية التي أثبتت محدوديتها.

جاء ذلك في عرض قدمه الوزير أمام مجلس المستشارين، خلال جلسة الأسئلة الشفوية اليوم الثلاثاء 2 دجنبر 2025، حيث كشف عن “خارطة طريق” تعتبرها الحكومة مسارا عمليا لمعالجة أعطاب هيكلية تراكمت لسنوات.

وأوضح الوزير أن الحكومة انتقلت من مرحلة التدخلات الآنية إلى اعتماد مقاربة شمولية تستهدف واقعا معقدا، خصوصا فيما يتعلق بالشباب غير الحاصلين على شهادات أو الذين يفتقرون إلى تجربة مهنية تمكنهم من دخول سوق الشغل لأول مرة، لافتا إلى أن المعطيات الرسمية، حسب المندوبية السامية للتخطيط، تشير إلى أن هذه الفئة وحدها تفوق 900 ألف شاب من أصل خزان بطالة يقارب مليونا ونصف، ما يجعلها محور الأزمة الحقيقية.

وشدد المسؤول الحكومي على أن البرامج السابقة لم تكن قادرة على استيعاب هذه الأعداد أو تقديم حلول عملية لها، وهو ما دفعها إلى تعزيز التدرج المهني باعتباره آلية واقعية للدمج في سوق الشغل، إذ يمنح المستفيدين تجربة عملية تغطي 80 في المائة من مدة التكوين، غير أن محدودية عدد المقاولات المنخرطة في هذه البرامج ظلت عائقا بارزا، قبل أن ترتفع الأرقام خلال السنة الماضية إلى 96 ألف مقاولة، لكنها تبقى بعيدة جدا عن مستوى الحاجيات المقدرة بمئات الآلاف.

وفي هذا السياق، أعلن السيد السكوري عن هدف رفع عدد المستفيدين من التدرج المهني إلى 100 ألف سنويا، مع إطلاق مسار تنفيذي بدأ خلال الصيف، وإنشاء لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة لتوزيع مراكز التدرج حسب القطاعات، مضيفا أن المجالات المستهدفة تشمل الصناعة التقليدية، الفلاحة، الصيد البحري، والمسالك الموجهة للفتيات في القرى، إضافة إلى برامج خاصة بالنساء داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية.

وتعمل الوزارة على توسيع لائحة المهن المؤهلة للتدرج لتشمل مجالات التكنولوجيا والتجارة ومهن الخدمات، مع رصد ميزانية تقارب مليار درهم لدعم هذه الاستراتيجية، كما يتم التنسيق مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب لتحديد حاجيات سوق الشغل بدقة، في أفق إدماج 200 مهنة جديدة.

وموازاة مع ذلك، كشف الوزير عن مراجعة طريقة الاستفادة من خدمات الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات “أنابيك” بعد ملاحظات أبانت أن اشتراط التوفر على شهادة كان يحرم آلاف الشباب من الوصول إلى فرص عمل فعلية، رغم توفر عدد من المعامل والمقاولات على مناصب شاغرة.

وبهدف تجاوز هذا الخلل، تعمل الوزارة على فتح الباب أمام فئات أوسع، مع تعبئة دعم جهوي يساعد الشباب على متابعة تكوين يمتد لـ11 شهرا، يشمل النقل والإيواء والتغذية.

وكشفت المعطيات التي قدمها الوزير أن منصة “أنابيك” رصدت 39 ألف منصب شغل بناء على تواصلها مع 12 ألف مقاولة عبر مختلف الجهات، وستتم عملية توزيع هذه المناصب وفق خريطة دقيقة تراعي خصوصية كل منطقة، ومن المرتقب أن يبدأ تقييم هذه البرامج في غضون شهرين، على أن يتم تحيينها تبعا للنتائج.

وأكد الوزير في ختام عرضه أن التكوين المهني يظل المدخل الأكثر واقعية لمعالجة بطالة الشباب، مشيرا إلى دراسة حكومية حديثة أظهرت أن ولوج مسارات التدرج يقلل من معدلات البطالة بشكل ملموس وسط الفئات المستفيدة، وهو ما يكتسي أهمية خاصة في سياق وطني تضخ فيه المدرسة المغربية حوالي 280 ألف شاب كل عام، دون أن تكون لهم دائماً المهارات التي يطلبها سوق الشغل.

تحرير: سارة الرمشي- تصوير: ياسين الزهراوي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.