حزب الاصالة والمعاصرة وحكاية الطائر المنشد
لحسن خليل
امام الحملة المشبوهة التي يتعرض لها حزب الاصالة والمعاصرة الهادفة للتشهير برموز قيادته الحزبية والحكومية، خاصة السيدة فاطمة الزهراء المنصوري منسقة القيادة الجماعية ووزيرة الإسكان والاعداد الترابي، والسيد عبد اللطيف وهبي الأمين العام السابق للحزب ووزير العدل. حضرتني قصة (الطائر المنشد والغراب) التي تحكي عن نزاع طائر منشد مع غراب حول من منهما له صوت عذب وجميل. وفي خضم نزاعهما مر امامهما خنزير تائه وقررا الاحتكام لرايه، ليفصل فيما بينهما حول من الأفضل في الغناء، ولما انتهيا، اخذ الخنزير لحظة للتفكير وأصدر حكمه القاضي بان صوت الغراب أعذب وأجمل من صوت الطائر المنشد. انطلق هذا الأخير غاضبا يبكي وقال له الخنزير من الطبيعي ان تبكي فانت انهزمت امام الغراب، فرد عليه الطائر المنشد قائلا: انا لا ابكي لأنك فضلت صوت الغراب عن صوتي. انا ابكي لأنني ارتضيتك حكما على صوتي.
اعتقد ان مغزى هذه الحكاية، مع احترامنا لأصدقائنا الحيوانات، يعبر عن الوضع الذي يعيشه حزب الاصالة والمعاصرة وعلى راسه وزرائه داخل الحكومة امام هده الحملة المشبوهة. فبالقدر الذي يعبر فيه هؤلاء الوزراء على دينامية خلاقة في التعاطي مع الإصلاحات التي تقتضيها قطاعاتهم من اجل المساهمة في تنمية وتقدم بلادهم. نجد بعض الأصوات في الفضاء الأزرق، تشن حملة دعائية ضدهم تصل الى حد نشر اشاعات تمس بذممهم واعراضهم وشخصيتهم. فاذا كان السيد الأمين العام السابق ووزير العدل قد ظل يشكل مادة مربحة للتشهير وصلت الى حد المساس بشخصيته وبعض افراد عائلته، فان نفس الحملة المشبوهة تعرضت لها منسقة القيادة الجماعية لمجرد ما تسلمت مسؤوليتها على قيادة الحزب، اذ تم استهدافها في شخصيتها وعائلتها بإشاعات مغرضة، وهي نفس الحملة المسعورة التي سبق ان تعرض لها عضو القيادة الجماعية ووزير الثقافة والشباب السيد المهدي بن سعيد الذي تم التشكيك في كفاءته قبل ان يفتح أي من ملفات قطاعه، فقط لأنه شاب نال ثقة حزبه وناخبيه. وها هو اليوم وجه جديد للديمقراطية المغربية.
نفس الحملة المشبوهة تعرضت لها السيدة وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بن علي ووزير التعليم العالي السابق السيد عبد اللطيف ميراوي.
ولم يسلم من هذه الحملة المشبوهة حتى مناضلو الحزب في المؤسسات والجماعات الترابية، اذ يتم استغلال ابسط حدث مفتعل لكي يتم ذكر أسماء قيادات حزب الاصالة والمعاصرة في خطاب مشبوه وفي سياقات الكيد والتشكيك.
والواقع ان هذه الحملة التي يسترزق منها بعض المؤثرين في شبكات التواصل الاجتماعي هي حملة تستهدف في العمق حزب الاصالة والمعاصرة كتجربة سياسية، وكفكرة ديمقراطية وكتوجه مستقبلي للتحديث والتنمية. اذ لا يمكن تفسير كل هذا السعار عند البعض ضد قيادة ورموز هذا الحزب الا بالنجاح التنظيمي والسياسي الذي حققه امام العديد من الاستحقاقات التي تلاحقت في زمن وجيز واستطاعت نخبة الحزب ان تجتازها بنجاح يضمن انبعاث الحزب من جديد بوحدة تنظيمية قوية وبخطاب ديمقراطي نال ثقة الناخب المغربي ليفوز الحزب بالرتبة الثانية في الانتخابات ويشارك في الحكومة ببرنامج تنموي اثبت نجاعته في كل القطاعات وفتح البلاد على افاق تنموية غير مسبوقة.
ان نجاح حزب الاصالة والمعاصرة هذا استفز خصوم الديمقراطية وأدخلهم في هيستيريا خطابية ضده املا في تحجيم نجاحاته وتقزيم اشعاعه وتبخيس منجزاته.
ولعل هذا ما جعل الحملة المشبوهة ضد وزراء الحزب القياديين إشتد سعارها مع منتصف الولاية الحكومية واحتفاظ الحزب بتذبير نفس القطاعات الهامة التي شارك بها في الحكومة عشية الانتخابات الأخيرة. فليس بريء ان يعيش الحزب هذا الهجوم على ذمم واعراض قيادته ورموزه في نهاية الولاية الحكومية التي اثبتت كفاءة وزرائه في تطبيق البرنامج المتوافق عليه مع أحزاب الأغلبية، باجتهاد وابداع, واضطلاعهم بإصلاحات استراتيجية في تنمية الوطن.
اذ لماذا يتم افتعال اشباه القضايا ضد قيادات الحزب واحداث ضجيج بالإشعاعات والظنون المريضة، ولا يتم مناقشة اصلاحاتهم سياسيا وفكريا. خاصة وان الجهات التي تقوم بهذه الحملة المشبوهة تقدم نفسها انها أصوات تتشدق بالديمقراطية.
ان السياق الذي تجري فيه هذه الحملة المشبوهة ضد حزب الاصالة والمعاصرة، الذي هو سياق مشارف نهاية الولاية الحكومية، وطبيعة الأسماء القيادية المستهدفة، يوضحان انها حملة يراد منها تهريب النقاش حتى لا ينصب على المنجزات التي حققتها نخبة الحزب داخل الحكومة لفائدة قضايا الشعب المغربي.
فاذا كانت هذه المرحلة تعد مناسبة سياسية تتوجه فيها انظار المغاربة للحصيلة الحكومية, و الوقوف على المكتسبات الاجتماعية و الاقتصادية التي ربحها المغاربة و الافاق التنموية التي فتحت امام التطور الاجتماعي, فان خصوم الحزب, الذين يقتاتون من مشاكل المغاربة, لا يريدون نقاشا سياسيا عقلانيا ينصب على المنجز الحكومي, خاصة في القطاعات التي يتراسها حزب الاصالة و المعاصرة , بل يريدون اثارة اشباه القضايا التي تضغضغ عواطف البعض و يسترزقون من عدد المتابعين و المشاهدين, غير بهين بمواضيع التطور الديمقراطي والاجتماعي للمغاربة.
فعند أصحاب هده الحملات المشبوهة، لا يهم ان تسن سياسة لدعم السكن واصلاح إدارة المحافظة العقارية وإقرار قوانين شفافة لتجويد سوق العقار. لا يهم الإصلاحات التاريخية لمنظومة العدالة بالمغرب، لاتهم البنيات التحتية للثقافة الوطنية التي سوف تتطور مع سياسة الصناعات الثقافية، لا تهم سياسة توسيع رقمنة الإدارة المغربية، او سياسة الانتقال للطاقات الخضراء النظيفة والعمل على استقرار الأسواق الوطنية في مجال الطاقة في عالم جيوسياسي معقد ودائم التحولات.
لا تهمهم سياسات خلق مناصب الشغل التي تتطلب امدا متوسطا وطويلا لكي تعطي نتائج. لاتهم كل هذه الإصلاحات الحكومية. همهم الوحيد هو افتعال مواضيع أخلاقوية بأسلوب يستجدي المتتبع، وبدون اعتبار للديمقراطية التي تقتضي الاستقصاء والحيادية والتمييز بين الخبر والراي، لتتم الاساءة للصحافة وتصويرها –عن غير حق- على انها مهنة الكسالى.
ان الهجوم الفج واللاأخلاقي على حزب الاصالة والمعاصرة هو هجوم يراد له ان يكون ضد النقاش الجاد الديمقراطي المنشغل بقضايا الإصلاح بالمغرب.
فمن المعروف ان وزراء حزب الاصالة والمعاصرة يحرصون على تقديم مشاريع الإصلاح في قطاعاتهم للمناقشة العمومية داخل الراي العام الوطني، حتى يشارك المواطن ويشكل رايه بأهميتها. وهم بهذا السلوك السياسي يساهمون في توسيع قاعدة الوعي الديمقراطي داخل المجتمع. مما يعد استفزازا لخصوم الديمقراطية بالمغرب ويدفعهم لتجنيد ابواق بعض الصحافة لافتعال أجواء الشك والتشكيك في السياسة ومن يمثلها من الديمقراطيين في الأحزاب المغربية.
ثم ان الهجوم على قيادات حزب الاصالة والمعاصرة، بمهاترات بئيسة يراد له ان يستهدف المرأة المغربية التي استطاعت ان تعبر عن نجاح المسار الديمقراطي بالمغرب الذي مكن امرأة من جنوب الوطن ان تشيد نجاحها السياسي محليا وجهويا قبل ان تدخل العاصمة بمسؤوليات وطنية حزبية وحكومية هامة.
فعلى عكس النموذج الذي اعتدناه لم تفرض السيدة منسقة القيادة الجماعية على أهلها لأنها قادمة من العاصمة، بل فرضها أهلها المحليين مثمنين اخلاصها ووفاءها لخدمة مدينتهم. لهذا فان العداء المجاني لهكذا شخصية قيمة وقامة، هو تشكيك بقدرة المرأة المغربية على الصعود في السلم الاجتماعي.
كما ان الهجوم الفاشل على حزب الاصالة والمعاصرة هو هجوم على حيوية الحركية الاجتماعية التي تفتح المجال امام الشباب لاحتلال مناصب عليا في وطنهم. فالتشكيك في نزاهة وكفاءة وزير الثقافة والشباب والتواصل لمجرد انه شاب، وبنية نسيان تجربته داخل البرلمان وقبلها داخل الحزب وفي أوساط المجتمع المدني، هو في الواقع تعبير عن ثقافة رجعية تختفي في لبوسات عصرية.
والهجوم الاعمى على حزب الاصالة والمعاصرة، هو كذلك هجوم على الكفاءة المغربية التي تجترح إصلاحات تاريخية تهم السجون والعقوبات البديلة كما تهم النهوض بالموارد البشرية لقطاع العدل وتحديث المنظومة القانونية القضائية.
ان الهجوم على قيادات ورموز حزب الاصالة والمعاصرة هو هجوم على تجربة متميزة لنخبة فتية صاعدة تقدم وجوه جديدة تواقة لخدمة وطنها بأسلوب ديمقراطي تشاركي محليا ووطنيا.
لعل حزب الاصالة والمعاصرة يتمنى بكل جوارحه ان يكون الحكم على منجزاته السياسية الحكومية من ذوي الذكاء الوطني الوقاد، والغيرة الديمقراطية الصادقة، والمعرفة الدقيقة بالواقع المغربي، وهم في بلادنا كثر ولله الحمد، لكن للأسف الشديد الصراخ العالي للسطحية يخفي الصوت الراشد والمفيد. يخفيه أحيانا لكن لن يخفيه دائما. وسيبقى الطائر المنشد يغرد ضدا على الرداءة.