ذكــرى فاتــح مـاي.. محطة تخلد لسجل حافل بالعمل النضالي من أجل انتزاع الحقوق

0 733

تخلد الشغيلة المغربية، اليوم الجمعة، عيدها الأممي الذي يصادف الفاتح من ماي من كل سنة، وهي مناسبة للاحتجاج على الأوضاع والقضايا التي تقض مضجع الطبقة العاملة كالكرامة والعدالة الاجتماعية وصون المكتسبات، لكن انتشار فيروس “كورونا” ألقى بظلاله على احتفالات الطبقة العاملة هذه السنة في ظل حالة الطوارئ الصحية المفروضة في المغرب للحد من انتشار الفيروس.

وتعتبر ذكرى فاتح ماي مناسبة لإفصاح العاملات والعمال بمختلف تلاوينهم عن لائحة مطالبهم وتحديد أولوياتها، حيث تتوحد مطالب الشغيلة في التأكيد على ضرورة تحسين الأوضاع المعيشية للطبقة العاملة والذي يمر عبر إقرار العدالة الاجتماعية والضريبية والتوزيع العادل للثروة، وضمان الحق في الشغل والعمل اللائق، إلى جانب الحق في الصحة والتعليم والثقافة، والحق في الإضراب.

هذه السنة تتجه المنظمة الديمقراطية للشغل، ومعها باقي التنظيمات النقابية، إلى الاستعانة بأشكال جديدة من التعبئة والاحتفال “عن بعد” بسبب الفيروس، حيث سطرت المنظمة، في هذا الصدد، برنامجا افتراضيا متنوعا لتغطية هذا الاحتفال السنوي المهم بالنسبة لشريحة كبيرة من المجتمع المغربي، إذ سيلقي علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة، كلمة بهذه المناسبة باسم المكتب التنفيذي في بث مباشر، يوم غد الجمعة، كما ستنظم ندوة الأطر النقابية والاجتماعية عبر تقنية الاجتماع عن بعد، حول موضوع “المغرب والعالم ما بعد كورونا”.. آفاق نموذج تنموي وعقد اجتماعي جديد”.

وكانت الطبقة الشغيلة قد اعتادت في السنوات الماضية أن تنطلق ذكرى تخليد العيد الأممي للعمال، صباح فاتح ماي، بتجمعات خطابية بعدد من المدن والمواقع تعقبها مسيرات تجوب الشوارع الرئيسة، حيث تصدح حناجر المحتجين بشعارات تطالب بالاستجابة الفورية للمطالب المشروعة والعادلة لعموم الأجراء في القطاع الخاص وللموظفين والموظفات بمختلف القطاعات الحكومية والجماعات الترابية والجهات والمؤسسات العمومية والغرف المهنية، وبمختلف فئاتهم.

وتعود قصة الاحتفال بعيد الشغل إلى القرن 19، وتحديدا سنة 1856، فكانت أولى البدايات بأستراليا، قبل أن تنتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث طالب مجموعة من العمال في شيكاغو بتخفيض ساعات العمل اليومي إلى ثمان ساعات، وواصلت المطالبات انتشارها عبر دول العالم لتصل إلى مدينة تورنتو الإيطالية، فعمد حوالي 400 عامل إلى الإضراب عن العمل والخروج في مظاهرات ضخمة، حققت نجاحا كبيرا، فلم يرق ذلك للسلطات وأصحاب المعامل، كون تلك الإضرابات شلت الحركة الاقتصادية في المدينة، وهو ما أثار غضب رجال الشرطة آنذاك، الذين تدخلوا بالقوة وقتلوا عددا من المتظاهرين، فتضامنت إيطاليا والعالم بأسره مع عائلات العمال المغتالين والمتضررين.

وكانت المنظمة الديمقراطية للشغل قد أصدرت، قبيل فاتح ماي، نداء أطلقت عليه “نداء فاتح ماي”، أكدت فيه أن الطبقة الشغيلة تخلد هذه السنة عيدها الأممي في ظل ظرفية استثنائية جدا ناتجة عن جائحة فيروس “كورونا” المستجد، العابر للقارات وللطبقات الاجتماعية، وما خلفته هذه الجائحة من مآسي إنسانية وآثار اقتصادية واجتماعية كبيرة، مما سيحتم إعادة النظر في مسلمات العولمة بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والقطع مع النظام النيوليبرالي المتوحش السائد، والحاجة إلى خلق عالم جديد يأخذ بعين الاعتبار البعد الإنساني، عالم أكثر عدالة وإنصاف.

وذكرت المنظمة، في ذات الوثيقة، أن بلادنا أمام هذه المتغيرات، في حاجة إلى بناء نظام ونموذج تنموي وطني، قائم على العنصر البشري والعدالة الاجتماعية والمجالية، وعلى تكريس قيم العدل والمساواة والتوزيع عادل للخيرات، وتقوية الخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة وسكن وشغل، نموذج وطني تنموي يعزز ويقوي دور الدولة المركزي لتلعب أدورها الرئيسية في التخطيط وتدبير السياسات العمومية والاقتصادية والفلاحية، كل ذلك في إطار عقد اجتماعي جديد، يعتمد قيم ومبادئ الحقوق الانسانية والديمقراطية ويوفر الحماية الاجتماعية، ويضمن الأمن الاقتصادي والاجتماعي والأمن الغذائي والصحي والأمن الثقافي والبيئي، ويحقق التماسك والاستقرار الاجتماعيين والحماية لوحدة الوطن.

سارة الرمشي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.