زاهد: البام تحسب له مواقف تاريخية ومقترحات قانونية مهمة في إطار تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية

0 716

“اليوم نتحدث عن القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وكذلك القانون المرتبط بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية .. ونعتبر أنه، وبفضل بعض المبادرات، وبعد مرور مدة طويلة وهدر زمني كبير، أصبحت اليوم هناك إمكانية للنقاش والتداول في هذا الموضوع والذي عرف مرحلة المصادقة بمجلس النواب في انتظار مروره وتجويده بمجلس المستشارين”، هكذا افتتح عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة السيد أحمد زاهد مشاركته في برنامج “قضايا وآراء” ضمن حلقة بثت يوم الثلاثاء 09 يوليوز الجاري وخصصت لموضوع “اللغة الأمازيغية”.

وأوضح زاهد أنه مبدئيا يجب فهم قيمة القانون المشار إليه سلفا، وهو ما يضعنا أمام سؤال: هل يستحق هذا التأجيل والهدر الزمني والتماطل؟. وقال في نفس السياق إن القانون جاء نتيجة مسار نضالي طويل للحركة الأمازيغية التي تجاوزت عقدها الخامس، وهي التي أنجبت أجيالا وأساتذة وباحثين في الموضوع، وكانت القناعة لدى نسيج جمعوي كبير جدا يضم ما بين 200 و 300 جمعية نشيطة في المغرب (تنسقيات جهوية، تنسقيات محلية، جمعيات وطنية …).

وأشار زاهد إلى تراتبية حضور اللغة الأمازيغية دستوريا وأحال على كونه ورد في المادة الخامسة من دستور 2011، في حين أن حكومة الأغلبية ذهبت إلى وسط الدستور وبحثت عن قوانين أخرى تفيدها بما في ذلك قانون التعيين في المناصب السامية، وأهملت بالمقابل القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية رغم أهميته.

أما المستوى الثالث من النقاش في الموضوع، فيرتبط بالالتزامات الدولية للمغرب فيما يخص حماية التنوع الثقافي واللغوي، يوضح عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، خاصة بعدما تمت المصادقة على اتفاقية “اليونسكو” والتي تلزم بلادنا باحترام وتفعيل مجموعة من المقتضيات تجاه الأمازيغية وتجاه التنوع الثقافي بالمغرب ككل.

إلى ذلك، أشار زاهد أن القانون التنظيمي قيد الحديث ينسجم مع طبيعة المجتمع المغربي وهذه التربة التي يعيش فيها الأمازيغ والعرب واليهود أي أنها تتميز بالغنى على هذا المستوى. ورغم كل ذلك سجل تماطلا في تفعيل القانون، بل الأكثر من ذلك يسترسل زاهد، فالقانون ينسجم مع إرادة ملكية ثابتة ومتميزة، حيث ومنذ اعتلاء جلالته العرش كان هناك اهتمام بالأمازيغية بحجة إنشاء المعهد الملكي للأمازيغية وكذا تدريس اللغة الأمازيغية بالمؤسسات التعليمية ..

كما أن القانون له تراكــــمات قبلية، يشير عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، حيث كانت هناك مبادرة في مجال القضاء لتفعيل الأمازيغية نفس الشيء بالنسبة للإعلام، فإدماج الأمازيغية في المؤسسات التعليمية انطلق سنة 2003 بينما شهدت سنة 1938 أولى مبادرات تفعيل الأمازيغية على المستوى الإعلامي. “وهذا الوطن بالتالي لا خوف عليه أمام التراكمات التي ذكرت، وهاجس التخوف مع ما يطرح أمام القانون من تركيز وتريث وغيره أمر متجاوز .. فنحن بلد عريق ولنا امتداد تاريخي”، والحال أنه كانت هناك إرادة سياسية- إيديولوجية بغرض وضع العصا في طريق التقدم من أجل تفعيل هذا القانون، يقول عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة.

وتحدث زاهد عن ما أسماه بطل تأخير تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية المتمثل في حزب العدالة والتنمية، في حين ذكر زاهد -على سبيل المثال- أن حزبا كالحركة الشعبية مغلوب على أمره بهذا الشأن. وتطرق المتحدث إلى المخطط التشريعي للحزب الأغلبي الذي يتحدث عن السقف الزمني لتفعيل القانون والاشتغال عليه ومرحلة الانتهاء منه مع تكليف وزارة على رأسها حزب الحركة الشعبية للسهر على مشروع القانون، لكن ومع مرور الأيام تم انتزاع المشروع من ذات الوزارة حيث خرج عبد الإله بنكيران حينها برسالة إلكترونية يدعو فيها إلى تقديم مقترحات بشأن تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، في حين أن المقترح لم يأت لا من وزارة الاتصال ومن وزارة الثقافة.

وعرج المتحدث على كون الهدر الزمني في التفعيل التصق كذلك بالنقاش حول الحرف الذي سيعتمد في اللغة الأمازيغية، فحرف “تيفيناغ” تميز مغربي راقي جدا يحسب لبلادنا في كل شمال إفريقيا وفي دول الساحل وفي كل الدول الناطقة بالأمازيغية إلى درجة أن هذا الحرف يحتفى به اليوم كعيد رسمي لإقرار “تيفيناغ”.

وأكد زاهد أن الإرادة الملكية حسمت الأمر ولم يعد هناك مجال للدخول في مزايدات، وأصبحت بلادنا مدرسة لعدة دول من بينها: الجزائر، ليبيا، مالي، النيجر، بوركينا فاسو، جزر الكناري .. إضافة إلى أن التكنولوجيات الحديثة كلها اعتمدت “تيفيناغ” التي كان المغرب رائدا بشأنها. وذكر أن حزب الأصالة والمعاصرة كانت له بصمة تاريخية في المصادقــــة على مشروع القانون، يوم 10 يونيو الماضي بمجلس النواب، هذا الإقرار وهذه البصمة حولها اليوم إجماع وطني. فالبام هو الحزب الوحيد الذي طالب بإدراج حروف “تيفيناغ” في الأوراق المالية.

وأشار زاهد إلى أن دخول مشروع القانون إلى قبة مجلس النواب يوما واحد قبل اقتراع 2016 أمر غير منطقي، كما أن التماطل والتمديد هما مستويات متعددة، قبل أن يجدد الإشارة إلى أن الضغوطات مورست من طرف حزب العدالة والتنمية على حزب الحركة الشعبية وجزء من حزب الاستقلال لاستمرار مسلسل التماطل.

فهل مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية استجاب لمقترحات حزب الأصالة والمعاصرة الذي أناضل داخله، وهل استجاب لقناعاتي النضالية في صفوف الحركة الأمازيغية لسنوات طوال يتسائل زاهد؟. فالبام قدم 38 مقترحا بخصوص مشروع القانون مقارنة مع الأغلبية التي قدمت فقط 22 مقترحا، لكن مقترحات البام في العمق لم تفعل، فعلى مستوى تفعيل الأمازيغية في جهاز القضاء مثلا لم يستجب سوى لمقترح بامي واحد في حين أن الحزب قدم 5 مقترحات تضم أمورا مهمة جدا ك: “العرف الأمازيغي” حيث طالب البام بتفعيل هذا الأمر على مستوى القانون بما ينسجم مع المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، ف “تمازالث” مثلا ( الكد والسعاية) تشكل عرفا قانونيا فيه من الإنصاف والمساواة وغيرها. كنا ننتظر إدراج هذا العرف في مشروع القانون لكن لم يتم ذلك.

كما أنه، ومباشرة بعد المصادقة على مشروع القانون، أعربت العديد من جهات عن عدم رضاها عليه لأنه لا يعكس الطموحات كما هو الحال داخل بيت حزب الأصالة والمعاصرة وكذا الحركة الثقافية الأمازيغية.

التسميات على مستوى الأزقة والشوارع وعلامات التشوير، أخذت نصيبا من النقاش حول الموضوع، حيث ذكر عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، أنه في مدينة -على سبيل المثال- تمارة تم تغيير العديد من أسماء شوارعها بمسميات لا ارتباط لها بالمغرب، إضافة إلى تغيير أسماء عبر كتابتها بالعربية والفرنسية فقط في مدن ك: الرباط، أكادير، يحدث هذا في الوقت الذي نتحدث فيه عن تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالفضاءات العمومية ..

وأكد المتحدث على أن هناك مبدأ دستوري مهم يتمثل في كون الأمازيغية مسؤولية الجميع وهي القناعة التي يجب أن تكون لدى كل الفاعلين السياسيين بدون استثناء، وتطرق إلى وجود هيئة مستقلة تشرف على تفعيل القانون وهي نقطة التي قدمها كمقترح الفاعلون السياسيون: حزب الأصالة والمعاصرة، الحركة الشعبية، التجمع الوطني للأحرار، في حين أن المشروع لا يتضمن الإشارة إلى هذه الهيئة بل يتحدث عن لجنة حكومية، وهذا فيه نوع من الخلل في سياق الحديث عن من مع ومن ضد؟.

“العدالة اللغوية” كانت من ضمن ما اقترحه حزب الأصالة والمعاصرة في إطار مشروع القانون، عدالة ما بين العربية والأمازيغية (خاصة في مجال التقاضي). وفيما يرتبط بالتعليم زمن الإقرار الدستوري للغة الأمازيغية قال زاهد إنه اليوم يسجل كون أطر تعليمية حاصلة على تكوين في اللغة الأمازيغية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، هذه الأطر يفرض عليها التوجه نحو تدريس العربية وهنا يطرح السؤال حول مدى جدية التعامل مع الأمازيغية !

المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كان يملك رؤية واستراتيجية تناقش الآن في مشروع القانون تتعلق بما يسمى ب “تعميم اللغة الأمازيغية” حيث كان الرهان هو 10 سنوات، بينما الرهان يحدد 15 سنة ونحن في سنة 2019 ؟، فلماذا لا تدرج تخصصات في المعاهد العليا باللغة الأمازيغية وننتج بالتالي أطرا مكونة حاصلة على دبلومات بذات اللغة.

وفيما يخص النقطة المتعلقة بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، قال زاهد إن مشروع القانون المرتبط بالمجلس لم يثر ذات الضجة والنقاش التي أثارها مشروع القانون لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية لماذا؟، لأن المجلس احترمت فيه شروط وضوابط المقاربة التشاركية حيث أنشأت لجنة ملكية تنشر كل المداخلات وباقي الأطياف المدنية والسياسية لأشغالها على موقع إلكتروني. في حين غيب قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية المقاربة التشاركية.

واعتبر زاهد أنه من الجيد وجود مؤسسة موحدة تؤطر السياسة اللغوية في المغرب بعدما كان هناك نوع من التشتت بالمؤسسات المتدخلة. كما أن المجلس من مهامه الانفتاح على اللغات الأجنبية والاهتمام بالتراث، في حين نثير النقطة المتعلقة بضرورة الحفاظ على المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالنظر إلى المهام التي قام بها وما قدمه لمسار الأمازيغية منذ 2001.

وختم عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة حديثه مشيرا إلى أن الدستور المغربي لعام 2011 مرآة عكست المجتمع المغربي بمختلف مكوناته، وقانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية قانون مهم لفائدة الأمازيغية كانت فيه حسابات سياسية ضيقة جدا استهلكت من الوقت سنوات طويلة دون جدوى. ورغم ذلك نتفاءل بالخير دائما من أجل إيجاد الأجوبة على كل الأسئلة المثارة والمرتبطة بتفعيل قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكذا تطوير وتجويد مهام المجلس الوطني للغات من أجل تكريس “تمغربيت” لغة وثقافة وممارسة .. فقد نختلف لكن تجمعنا التربة المغربية المشتركة، يقول زاهد.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.