سؤال ” الشباب والعمل السياسي بالوسط القروي ؟” يجيب عنه نشطاء باميون في ندوتهم الرقمية الخامسة

1 1٬309

” النزعة القبيلة، سطوة الأعيان، غياب التكوين والفقرة والهشاشة..” جملة من المعيقات التي تحول دون تجويد العمل السياسي بالعالم القروي، وكانت محور نقاش شباب الأصالة والمعاصرة خلال الندوة الرقمية الخامسة، مساء يوم الخميس الـ23 من أبريل الجاري، وتم بثها على المباشر بالصفحة الرسمية للمنظمة الشبابية.
هذه الندوة الرقمية كانت من تأطير نخبة من شباب الحزب، بينهم مستشار جماعي ويتعلق الأمر بـ رضوان الحميدي، والأمين الإقليمي بتزنيت، عبد الواحد العسري، وكذا عضوة المجلس الوطني للحزب صفاء تنكوين، فيما أوكل لتسيير الندوة للشابة إيمان الماجي بتعاون مع القيادي هشام عيروض.
واستفاض مؤطرو الندوة الرقمية الخامسة لشباب الأصالة والمعاصرة في فتح نقاش جاد ومسؤول ورفع توصيات تدعو شباب بالعالم القروي إلى الإقبال على العمل السياسي لخدمة الصالح العام وخلق تغيير ملموس لتنمية الحياة اليومية للمواطني القرى والمداشر مستقبلا.

العسري: هذه تجربتي في الممارسة السياسية
رسم عبد الواحد العسري عضو المجلس الوطني للحزب صورة قاتمة على واقع الممارسة السياسية بالمداشر والقرى بمناطق المغرب العميق، هذا الموقف تبناه نفس المتحدث الذي يشغل صفة الأمين الإقليمي لحزب الجرار بتزينت، بناء على ما عايشه من تجارب مريرة وتمرسه الميداني خلال مختلف الاستحقاقات الانتخابية بالوسط القروي.

إلى جانب ذلك، طرح عبد الواحد العسري إشكالية البعد الجغرافي، على غرار إقليم تزنيت الممتدة على مساحة جغرافية واسعة، مقارنة مع أقاليم أخرى من المملكة نظير إقليم ابن امسيك سيدي عثمان
كما أفاد الأمين الإقليمي للحزب بتزنيت، أن الانتماء القبيلي عامل مهم في توجيه الأصوات وكسب ثقة المواطنين والناخبين، معللا كلامه بالقول :”المواطنون بالعالم القروي لا يكثرثون بالبت المطلق للإنتماء السياسي، واصفا اهتمامهم الأول بالعامل ” الخبزي” أي مقايضتهم لأي مرشح بما سيكسبونه من مدخول مادي آني خلال فترة الانتخابات. كما استطرد عبد الواحد العسري تعليله لهذا الواقع:”كما ان الاهتمام بكاريزما الشخص المرشح غير مرتبط برصيده السياسي بل برصيده البنكي”. إلى ذلك، استوصى عبد الواحد العسري القيادات التنظيمية الوطنية، (استوصى) خيرا بالشباب الطامح للتغيير، بالنظر إلى حاجته إلى التأطير السياسي والتتبع دون ذلك يقول هذا القيادي الشاب المنتمي لأحد أقاليم المغرب العميق ”سنمنح الفرصة للأعيان للسطو على كل المواقع”، مضيفا بأنه على الحزب ان يعمل على تحقيق توازن بين كفة الأعيان وشباب واع ذو حس سياسي عال من خريج المدرسة البامية.

كما دعا إلى الرفع من مشاركة المرأة كفاعلة سياسية وإعادة فتح قنوات الحوار مع الشباب، واستقطاب فعاليات جمعوية في كل منطقة، كما أكد أنه فخور بتجربته الشخصية داخل حزب الأصالة والمعاصرة بالنظر إلى كونه شاب ليس بالغني أو ابن أحد الاعيان، ينتمي إلى أحد مناطق المغرب العميق واستطاع ان يتسلق المراتب ويجد له موقعا داخل التنظيم السياسي إقليما ووطنيا وليس محليا فقط.


صفاء تنكوين تترافع من أجل الناشطات السياسيات بالقرى

ذَكَرَت الناشطة السياسية صفاء تنكوين بالمقتضيات الدستورية لما بعد الربيع السياسي لـ 2011 الداعية إلى تعزيز المشاركة السياسية النسائية، غير أن الأرقام المسجلة تقول عضوة المجلس الوطني للحزب مازالت تحتاج مزيدا من الاجتهاد رغم ارتفاع نسبة تمثيلية النساء بالبرلمان من 30 مقعد إلى 81 مقعد، أي بزيادة بلغت نسبة 4 في المائة فقط. متسائلة في الآن ذاته عن الكيفية التي يمكن من خلالها الرفع من مشاركة المرأة القروية التي تمثل 6 مليون و580 ألف مرأة قروية، ما يفوق تعداد النساء المغربيات حسب أخر إحصاء وطني للمملكة. بالموازاة مع ذلك، قالت صفاة تنكوين ان ارتفاع نسبة الأمية في العالم القروي البالغة 60 في المائة خلفت تهميش المرأة من المشاركة السياسية إلى جانب ضعف التكوين السياسي. وزادت قائلة:” ومن مخلفات هذا الوضع ان القرارات السياسي تبقى ذا طابع رجالي بنسبة مائة بالمائة وتنحصر تمثيليتها داخل المجالس المنتخبة في شكل صوري”. بالموازاة مع ذلك، دعت صفاء تنكوين إلى ضرورة ان يلتفت البام إلى دعم المشاركة السياسية للنساء القرويات عقد ندوات وورشات بالمناطق القروية. كما ترى بأنه إذا كنا كفاعلين سياسيين نطمح ان يكون للمرأة القروية وقع ووزن داخل الوسط السياسي، فمن الضروري العمل على التنمية الذاتية للمرأة بالبادية وتنزيل برامج تنموية مع مراعاة معطيتا سوسيو اقتصادية للمناطق وخصوصياتها وحيثياتها. كما أكدت صفاء تنكوين أن المرأة القروية تجد في طريقها عوائق وصعوبات كثيرة تحول دون ممارستها للعمل السياسي بحرية وسلاسة لتفعيل المشاركة في المشهد السياسي اقليميا وووطنيا.

الحميدي الممارس للسياسة بالقرى ”مهمش سياسيا”
قال المستشار الجماعي رضوان الحميدي في مستهل مداخلته أن مستويات المشاركة السياسية موزعت على أربع مستويات، وهم الممارسون للنشاط السياسي والمهتمون ثم الهامشيون يليهم المتطرفون سياسي، في حين يرى ان ساكنة العالم القروي معظمهما تنتمي للمستوى الثالث أي المهمشون سياسيا مرد ذلك حسب تصور رضوان الحميدي ان المعيقات التي يوجهها الفاعل الحزبي في العالم القروي مختلفة تمام عن من يمارسها في الحواضر، وتساهم عدة عوامل في هذا المعطى وفق منظور ذات المتحدث، بينها الصورة النمطية السلبية المترسخة لدى المواطن اتجاه العمل السياسي، كما ان التراكم التاريخي في ذهن عدد من سكان القرى الذي يربط العمل السياسي بالقمع والاعتقالات التعسفية، مما يخلق حالة نفور اتجاه الممارسة السياسية يؤكد رضوان الحميدي. ومن جانب آخر، يعزى هذا النفور وفق ما أفاد به الحميدي إلى غياب الديمقراطية الداخلية ومركزية القرار السياسي لدى عدد من الأحزاب يزيد من تعميق الهوة وحالة النفور اتجاه العمل السياسي لدى العددي من الكفاءات الشابة بالمناطق القروية.

هذا وعرج الحميدي للتطرق إلى مسألة انه وبحكم ممارسته للعمل السياسي تبلورت لديه رؤية واضحة للممارسة السياسية من موقع المتمرس أن معيار الاختيار يتحكم فيه الوازع القبلي أكثر من الانتماء الحزبي، كما أن العائق الاقتصادي وانعدام الاستقرار الاجتماعي وهجرة الشباب نحو المدينة واغتراب عدد من الشباب عن المجال الحضري ومواكبة وتتبع المستجدات السياسية يؤدي الى التطرف، منبها إلى ان عددا من المناطق بالمغرب العميق أضحت حقلا خصب لدعاة التطرفـ بل أصبحت بعض القرى بؤر للتطرف. إلى ذلك، دعا رضوان الحميدي المؤسسة الحزبية إلى تجويد الخطاب السياسي الموجه لساكنة القرى، مطالبا وسائل الإعلام إلى تنوير الرأي العام أكثر وأن العمل السياسي جزء لا يتجزأ من المواطنة والعمل على تحفيز الشباب لأنه ثروة يجب العمل على تأهيلها وتكوينها للمستقبل.
تساؤلات ومخرجات النقاش

تعدد الآراء والتساؤلات التي طرحها المشاركون في إغناء النقاش حول سؤال ” الشباب والعمل السياسي بالوسط القروي”، إذ دعت زينب جنين إلى منح المرأة القروية مساحات أرحب في تسيير الشأن العام، استنادا إلى كون المرأة القروية أبانت عن حنكتها السياسية على مستوى التدبير بالجماعات الترابية القروية. كما اعتبرت انه الممارس للعمل السياسي بالقرية لم يعد الشاب ذلك الكائن المستلب بقدر ما أصبح فاعلا واعيا بالقوة والفعل… يعي دواليب و مفاتيح الممارسة السياسية من خلال التخطيط والتدبير والتكوين والتأطير.

فيما أوصى جمال مكماني بالعمل على تنظيم “اللقاء الوطني الأول لشباب العالم القروي” وينبغي تنظيمه داخل العالم القروي
وذكر مفتاح الحسين بنظرية نظرية المحيط والمركز للمفكر السياسي سمير أمين، مفيدا بأنها ستساعد كثيرا في فهم ما ينبغي القيام به للنهوض بالوضعية السياسية، والرموز الكلاسيكية في المركز، والشباب في المحيط، على أساس أنهما فريقين يعملان في تكامل وانسجام، وهكذا سيحصل تنافس بين الفاعلين ليس في المستوى الضيق ولكن تنافس شريف في مستوى خدمة المناطق، على حد قول المتدخل.

حسن بوهوش تطرق إلى ظاهرة الترحال السياسي المنتشرة على نطاق واسع بالوسط القروي، وعزى هذه الظاهرة إلى إشكالية غياب التكوين والتأطير والتتبع للشباب المؤطر سياسيا بالعالم القروي، ناصحا القيمين على التنظيم السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة إلى الاستثمار أكثر في الكفاءات الشابة لإعداد نخبة من الشباب من خريجي مدرسة الأصالة والمعاصرة.

فيصل امشاشتو تساءل عن مدى توفر الحزب عن استراتيجية لتكوين الشباب بالمداشر والقرى، بالنظر إلى أن هذه الشريحة المجتمعية تتمتع بالحماسة والجرأة واستقلالية القرار السياسي. معاذ دليل وفق وجهة نظره فإن سلطة المال قد أفسدت العملية الانتخابية خصوصا في الأوساط القروية مبرزا انه ومن منطلق تجربته الشخصية عقب ترشحه للانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة أكادير إداوتنان عانى الأمرين مع عدد من الناخبين بالعالم القروي الذين سيطر منطق المقابل المادي عن نظرتهم للعمل السياسي. ياسر اليعقوبي طرح اشكالية الموازنة المالية للجماعات القروية، التي لا تتوفر على مداخل مادية للتنمية المحلية، مما ينفر الشباب من العمل السياسي. المهدي ثابث دعا إلى تسويق الإعلامي الجيد لنماذج ناجحة للكفاءات البارزة في الهوامش، واستطاعت تسلق المراتب، لتصبح أمثلة يحتذى بها لتشجيع الشباب على الممارسة السياسية. في حين، طالب فيصل بن طرطو باستغلال الظرفية الحالية وتغيير منهجية العمل السياسي وتفعيل برنامج لدعم العمل السياسي بالعالم القروي وفق مقاربة جديدة. المشاركة السياسية في الوسط القروي تقتضي منا جميعا تعديل النظام الداخلي و خاصة التمثيلية من أجل عقلنة الحركة والفعل السياسي.

هذا وخلصت الإجابات التقييمية للمؤطرين إلى ضرورة إعادة تقييم حصيلة الممارسة السياسية بالعالم القروي، والتخلص من فكرة أن الشاب المنخرط حزبيا ليس عبارة عن صوت انتخابي تملأ به الصناديق الانتخابية، ودعم التأطير والتكوين العمل الجمعوي كواجهة تقوية العمل السياسي، بالنظر إلى تغيير الصورة النمطية للممارسة السياسية بالعالم القروي، كما شددوا على الدعوة إلى احداث لوائح جهوية بديلة عن اللوائح الوطنية للرفع من منسوب الثقة للشباب اتجاه العملية السياسية للحد من الريع السياسي و للرفع من حظوظ للشباب لبلوغ المناصب التمثيلية في مراكز القرار السياسي. ولما لا التفكير في خلق احزاب ذات بعد جهوي تحت إدارة الحزب المركزي. كما دعوا إلى ضرورة إعادة النظر إلى النساء القرويات كناشطات سياسيات وليس مجرد ديكور لتأثيث المشهد السياسي، كما طالبوا بإدراج برامج التعليمية داخل المقرات الدراسية تحفز على المشاركة السياسية.

يوسف العمادي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تعليق 1
  1. رضوان لحميدي مستشار جماعي بزاكورة يقول

    المشاركة السياسية في أي مجتمع هي محصلة نهائية لجملة من العوامل الاجتماعية الاقتصادية والمعرفية والثقافية والسياسية والأخلاقية؛ تتضافر في تحديد بنية المجتمع المعني ونظامه السياسي وسماتهما وآليات اشتغالهما، وتحدد نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية ومدى توافقها مع مبدأ المشاركة الذي بات معلماً رئيسياً من معالم المجتمعات المدنية الحديثة، المجتمعات التي أعاد العمل الصناعي وتقدم العلوم والتقانة والمعرفة الموضوعية والثقافة الحديثة بناء حياتها العامة وعلاقاتها الداخلية، على أساس العمل الخلاق، والمبادرة الحرة، والمنفعة والجدوى والإنجاز، وحكم القانون، في إطار دولة وطنية حديثة. دولة الحق والقانون والمؤسسات