سعيد ضور يقدم قراءة نقدية مفصلة في مشروع قانون المالية لسنة 2019

0 1٬659

تشهد المناقشة العامة لمشروع قانون مالية 2019، التي انطلقت أمس الخميس 25 أكتوبر بمجلس النواب، تدخلات قوية لفريق الأصالة والمعاصرة بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية، قدم من خلالها الفريق قراءة نقدية من موقع المعارضة لهذا المشروع، الذي يعتبر الفريق أنه يأتي في ظرفية خاصة تتسم أساسا بالاحتقان الاجتماعي والضبابية في المشهد

السياسي.

هذا الموقف تماهت معه مداخلة النائب البرلماني سعيد ضور، عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية عن فريق البام، الذي أكد أن مشروع قانون المالية لهذه السنة وثيقة جافة تحمل مجموعة من الإجراءات والتدابير، التي لا تولي أهمية قصوى للعمل الاجتماعي، موضحا أن الحكومة حرصت على ضمان التوازنات الماكرواقتصادية والبحث عن الموارد، ولو على حساب المواطن، بما ينسجم مع توجيهات المؤسسات الائتمانية الدولية، كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

واعتبر سعيد ضور أن الظرفية الحالية تتسم بتصاعد نسبة الغضب من السياسات الحكومية، سواء في مجال التعليم أو الصحة، وهما القطاعان اللذان يشهدان نسبا كبيرة من الاحتجاجات، بسبب تدني مستوى الخدمات، وصعوبة الولوج إليها، إذا توفرت، رغم ما يرصد للقطاعين من ميزانيات ضخمة.

وعلى المستوى السياسي، قال ضور “بلادنا تعيش ضبابية في المشهد السياسي غير مسبوقة، يعزز للأسف شعور المواطن بعدم جدوى العمل السياسي، خصوصا أن الأحداث الأخيرة تؤكد فعلا سعي العديد من الفاعلين إلى تبخيس العمل السياسي، وتؤكد أيضا أن بعض الأحزاب تخلت عن أدوارها الحقيقية في التأطير والتنشئة، وصارت تبحث عن مكاسب ظرفية تجعل صورتها لدى المواطن مهزوزة إلى أقصى الحدود، ولا أدل على ذلك أن المواطن البسيط صار يستغل هفوات بعض السياسيين للتشهير بهم وإظهارهم بمظهر الانتهازيين الذين لا يبحثون إلا عن مصالحهم الشخصية”.


الإجراءات المقترحة لا ترقى إلى مستوى طموحات الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين

أكد سعيد ضور أن الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين يراهنون على مشروع قانون المالية من أجل تلبية مطالبهم وانتظاراتهم، أو على الأقل جزء منها، غير أن الإجراءات المقترحة لا ترقى إلى مستوى الطموحات، معتبرا أن مشروع القانون تضمن عددا من المقتضيات الجبائية التي تهدف بالدرجة الأولى إلى توفير الموارد اللازمة للميزانية من أجل تمويل البرامج الحكومية ذات الطابع الاجتماعي، حيث لم تجد بدا من اللجوء إلى رفع الضرائب والخوصصة والاقتراض لتوفير الاعتمادات المالية الضرورية، وهذا دليل آخر على أن الحكومة فشلت في إيجاد صيغ مبتكرة لا تمس جيوب المواطنين.

“نعتقد أن الحكومة مطالبة بالبحث عن حلول أخرى غير رفع وتوسيع وعاء الضرائب التي تفرض على الطبقة المتوسطة والفقيرة، وتساهم في عرقلة نموها”، يقول سعيد ضور، مضيفا أن “عجز الميزانية مستمر والمديونية التي تذهب للاستهلاك متفاقمة، ما جعل المغرب يعاني مشاكل على مستوى أداء الديون وفوائدها، وهي أموال كان من الممكن استثمارها في أمور تنفع البلاد والعباد”. كما أشار المتحدث إلى أن “العديد من المقاولات المغربية تعيش أوضاعا صعبة، وما يزيد من معاناتها هو عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتي وصلت إلى مبالغ قياسية تقدر بالملايير، لذلك نقترح ضرورة التفكير في صيغ توافقية تسمح للمقاولات بإعادة جدولة الديون المترتبة عليها”.

مشروع قانون مالية 2019 لم يراع التحول الجاري في إعادة هيكلة الدولة

قال سعيد ضور إن مشروع القانون المالية لـ 2019، هو إعادة نسخ مشاريع قوانين المالية السابقة، دون الأخذ بعين الاعتبار التحول الجاري في إعادة هيكلة الدولة من خلال التنزيل التدريجي للجهوية المتقدمة، وإعادة تبويب الميزانية بناء على برامج وأهداف محددة، على مدى ثلاث سنوات، ومراجعة توزيع الحصص المالية على القطاعات الوزارية بالارتكاز على تحديد الأولويات، مضيفا أن الحكومة لم تحاول الاجتهاد في إعادة تركيب ميزانية عامة بناء على ما تتطلبه الجهات الاثنتا عشرة، وهذا دليل آخر على أن الحكومة تمارس السياسة من منظور حزبي ضيق، إذ كان عليها صياغة ميزانية عامة لكل جهة، من خلال توقيع عقود برامج، لتنفيذ المشاريع التنموية بتنسيق مع رؤساء الجهات والولاة والعمال ورؤساء المجالس الإقليمية والبلديات.

وأضاف، أن رفض الحكومة إعداد ميزانية خاصة بكل جهة على حدة ليس بسبب إكراهات مالية أو اقتصادية، أو حتى بشرية، بل تمليه أجندات سياسية ضيقة، طالما طالب حزب الأصالة والمعاصرة

بإبعادها عن كل نقاش يهم مشروعا بحجم قانون المالية الذي يهم المواطن والوطن برمته.


مالية 2019 ينبغي أن يفتح آمالا جديدة للشباب المغربي على جميع المستويات

أما بالنسبة لمناصب الشغل، كشف النائب البرلماني عن البام أن الحكومة خصصت 25 ألفا و228 منصبا ماليا في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، وهو ما يؤكد أنها غير قادرة على فتح أكثر من مناصب الشغل المقترحة في مشروع الميزانية لتفادي انتقادات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بالنظر إلى أن كتلة الأجور تعتبر مرتفعة، إذ سيكلفالموظفون، خلال السنة المقبلة أزيد من 112 مليار درهم، ما يمثل 49 في المائة من المداخيل الجبائية المنتظرة.

وكشف ضور أن الحكومة ستلجأ، إضافة إلى المناصب المالية المفتوحة في الميزانية، إلى التشغيل بالتعاقد، الذي تراهن عليه بشكل كبير من أجل التقليص من البطالة، لكن الواقع يؤكد أن هذه الصيغة في التشغيل ليست مجدية وتخلق العديد من المشاكل، مذكرا، في ذات السياق، بنتائج البحث الأخير الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط والذي يشير إلى أن أزيد من 79 في المائة من الأسر تتوقع ارتفاعا في مستوى البطالة، خلال 12 شهرا المقبلة.

وأضاف قائلا “قانون المالية ينبغي أن يفتح آمالا جديدة للشباب المغربي على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في توفير مناصب الشغل لاستيعاب حجم البطالة التي ترتفع في صفوف هذه الشريحة، وبالتحديد حاملي الشهادات”، مضيفا “في الوقت الذي تعتبر فيه الحكومة أن إحداث 25 ألف و228 منصب شغل، إنجازا، وتعتبره هدية حكومية غالية، نرى أن عدد هذه المناصب لا يكفي لاستيعاب بطالة داخل حي من أحياء المدن الكبرى”.

سارة الرمشي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.