علي لطفي: نحتفي بمرور 12 سنة من عمر “البـام” في خدمة قضايا المجتمع والوطن

0 1٬811

يحتفي حزب الأصالة والمعاصرة بالذكرى الثانية عشر لتأسيس في سياق وطني متسم بتسارع انتشار جائحة فيروس “كوفيد 19” المستجد، وما خلفه ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية وصحية وسياحية وتنموية، إضافة إلى إعادة تشكل ملامح مشهد سياسي يحرص الحزب، منذ مؤتمره الوطني الرابع، على إعادة رسم حدود العلاقة بين الأحزاب السياسية التي يريدها مبنية، من جهة، على قاعدة الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للهيئات السياسية، ومن جهة ثانية على التنسيق والتعاون بما يحقق ويعزز الإقلاع الاقتصادي والصناعي والاجتماعي خلال مرحلة ما بعد كورونا.

ومن أجل تسليط الضوء أكثر على خصوصية احتفالية الحزب هذه السنة بذكرى تأسيسه، نستضيف في هذا الحوار السيد علي لطفي، الكاتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للشغل، والذي حدثنا عن سياق التأسيس والقيمة المضافة لحزب الأصالة والمعاصرة للمشهد السياسي الوطني، وطبيعة التحديات التي يرفعها الحزب حاضرا ومستقبلا، كما جدد السيد لطفي خلال هذا الحوار الذي خص به البوابة الرسمية لحزب الأصالة والمعاصرة طبيعة العلاقة التي تربط المنظمة بالحزب، والقيمة المضافة لهكذا تنسيق سياسي-نقابي على القضايا ذات الصلة بتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمختلف الفئات المجتمعية.

ما هو تقييمكم لتجربة “البـام” وحصيلته السياسية ونحن نحتفل بالذكرى الثانية عشر لتأسيسه؟

مما لا شك فيه أن حزب الأصالة والمعاصرة حقق الشيء الكثير وفي ظرف وجيز، رغم تأثيرات البيئة السياسية والمناخ العام وتقلباته على المستوى الوطني والدولي، ورغم بعض الاختلالات التنظيمية، فيمكن القول إننا أمام 12 سنة من البناء الفكري والتنظيمي والنضال الديمقراطي لحزب وطني وُلِد كضرورة تاريخية موضوعية من أجل أهداف نبيلة، شعاره الدفاع عن مصالح الشعب المغربي والمصالح العليا للوطن، وشكل بذلك نقطة تحول في المشهد السياسي الوطني.

نوقد اليوم الشمعة الـ12 لمسيرة سياسية ناجحة بكل المقاييس، رغم قصر المدة التي حملها قادة مناضلون ومناضلات من كل الأعمار أغلبهم من الصف الديمقراطي، عاشوا وخبروا تجارب الصراع الاجتماعي والطبقي والسياسي في تنظيمات سياسية مختلفة.

ولا يسعنا إلا أن نقف وقفة إجلال وإكبار لكل هؤلاء الذين كانوا وراء بناء هذا الهرم الحزبي، والذين ساهموا في هندسة وصناعة هذا المشروع السياسي الوطني منهم فاعلون سياسيون من مختلف مجالات الحياة العامة، مناضلون سياسيون ونقابيون ومبدعون ومثقفون وجامعيون و مقاولون وتجار وعمال وفلاحون وطلبة ، شباب ونساء، صادقون في أهدافهم، مؤمنون برسالتهم السياسية، حاملون للمشروع المجتمعي الحداثي، لهم إرادة حقيقية ورغبة في التغيير لصناعة بيئة سياسية ناجحة في تنمية دور المواطن والقوى الاجتماعية ومستقرة تسهم في تعزيز القيم الديمقراطية والحداثة.

نساء ورجال انطلقوا من أدبيات “الديمقراطية الاجتماعية” كمرجعية والعدالة الاجتماعية والمساواة كخيار تاريخي وكتجربة ناجحة في التقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مسترشدون بأصالتنا وهويتنا المغربية العربية والأمازغية والاسلامية والمصالح العليا للوطن، وبالمبادئ الانسانية الكونية.

ناهيك عن الدفاع عن الديمقراطية والحريات العامة وحقوق المرأة، والشباب كأساس لتحليل الواقع المغربي من أجل بناء المشروع الوطني الديمقراطي الحداثي.

في نظركم، ما هو مستقبل الحزب في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب؟

لقد أثبت حزب الأصالة والمعاصرة منذ تأسيسه ونشأته، وهو يطفئ اليوم شمعته الثانية عشر، على القدرة في التأثير في مجريات الاحداث ومواجهة التحديات، بفضل كفاءة وتجربة وقدرات مناضلات ومناضليه، وقادر على تخطي كل الصعاب ببعد النظر وبالحوار الهادئ، من أجل التطوير المستمر والتحديث الإيجابي في بنياته المؤسساتية التقريرية والتدبيرية وفي تنظيماته الوطنية والجهوية والمحلية، وانفتاحه على كل الطاقات الوطنية وعلى الشباب والمرأة والطبقة العاملة والتنظيمات الحية المجتمع المدني.

فعلى المستوى السياسي، جسد حزب الأصالة والمعاصرة، تنظيرا وممارسة، كل القيم والأخلاق السياسية التي حددتها مرجعتيه الفكرية والسياسية وفي نهجه لتطوير المسلسل الديمقراطي وتعزيز المؤسسات الدستورية، من خلال رؤى سياسية صائبة وعمل دؤوب في الدفاع عن قضايا المواطنات والمواطنين برؤية دقيقة لواقعنا المجتمعي ومستمد من مشروعه السياسي ومرجعتيه الفكرية المبنية على الديمقراطية الاجتماعية بأبعادها الفكرية والانسانية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية وكتجربة سياسية وتدبيرية ناجحة متعددة الأبعاد، واضعة الانسان في قلب معركة التنمية.

وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي، فالحزب يناضل اليوم من أجل إصلاحات حقيقية متعددة الجوانب، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا ومجاليا، ومن أجل ممارسة الشفافية واجتثاث الفساد والريع، ووضع سياسة اقتصادية جديدة تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات المجتمعية والديمغرافية والتكنولوجية والعلاقات الدولية، خلافا لشروط واملاءات صندوق النقد الدولي.

كل هذا مع مراعاة الخصوصية الوطنية المطلقة، ووضع السياسات العمومية كأولوية في مجال التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، والاستثمار في الانسان ودعم المقاولة الوطنية وخلق مناصب الشغل وتحقيق العدالة الضريبية وإعادة النظر في تشريع قوانين للعمل وتعميم الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي الشامل الصحي.

كما أوصى بذلك جلالة الملك في خطاب العرش الأخير وفي إطار نموذج تنموي جديد يؤهل المغرب لمواجهة تحديات المستقبل ومتغيراته في ظل التطور التكنلوجي والرقمنة وفشل الوصفات الجاهزة للعولمة والنيوليبرالية المتوحشة.

ومنذ مؤتمره الوطني الرابع، انطلق الحزب في مسلسل التغيير والبناء القاعدي وتوسيع صلاحيات الجهات من أجل القطع مع يسمى “بالمركزية الديمقراطية” التي أصبحت متجاوزة في ظل الشروط التاريخية والمتغيرات المجتمعية والمجالية المتسارعة الهادفة إلى بناء نموذج تنموي جديد يعتمد الجهوية كآلية متقدمة في التدبير السياسي للشأن العام، مع مراعاة ما تتطلبه سياسة القرب من عناية لازمة وتحيين لطرق ووسائل تدبير شؤون المواطنين اليومية لأنفسهم بأنفسهم وعن طريق ممثليهم الذين يترافعون على مطالبهم واحتياجاتهم اليومية.

لكل هذا، فإن حزب الأصالة والمعاصرة، بقيادته الجديدة وبشبابه ونسائه، قادر على رفع التحدي وإحداث التغيير المنشود من أجل غد أفضل لكل المغاربة، إذا حظي بثقة الناخبين وحملوه مسؤولية وشرف تدبير شؤونهم في مختلف المجالات.

وقد تأكد ذلك خاصة من خلال أدائه البرلماني كقوة سياسية أولى في البلاد والثانية على مستوى البرلمان، ساهمت بشكل كبير في تجويد وتحيين التشريعات والقوانين الوطنية. كما يحمل الحزب على عاتقه هم إيصال صوت المستضعفين والمتضررين من السياسات الحكومية النكوصية، والتي أمعنت في الإضرار بالاقتصاد الوطني وبالمقاولات الوطنية والعمال.

لقد ساهم حزب الأصالة والمعاصرة بقوة وفعالية في تخليق الحياة السياسية المغربية بتنسيق وتعاون مع أحزاب سياسية قريبة وحليفة وضدا على كل من يسعى إلى الهيمنة السياسية والإيدلوجية، أو إلى احتكار الدين ومحاولة تطويعه لتعطيل المسلسل الديمقراطي الحداثي الديمقراطي المنشود.

وبالمحصلة يمكن القول إنه وبالرغم من كل الصعاب، فحزب الأصالة والمعاصرة يواصل اليوم شق طريقه بإصرار لتحقيق أهدافه النبيلة في تعزيز وتقوية المؤسسات الدستورية، والاستعداد الجاد والمسؤول لخوض غمار تجربة جديدة في ظل الاستحقاقات المقبلة، رغم أن هناك أطرافا تعمل على توظيف ظروف وتداعيات انتشار جائحة فيروس “كورونا” لتعطيل الحياة الديمقراطية والسياسية من انتخابات وغيرها.

وعليه، أقول إن الأولوية اليوم تتلخص في مواصلة تفعيل الحياة السياسية المغربية عبر تنظيم مختلف الاستحقاقات الانتخابية في موعدها ومن خلالها كل الممارسات الديمقراطية الوطنية الحقيقية.

حزب الأصالة والمعاصر والمنظمة الديمقراطية للشغل أية علاقة؟

شكرا لك على هذا السؤال القديم الجديد، والذي تتأكد رجاحة العلاقة الاستراتيجية التي تجمع بين الهيئتين. ذلك أن حزب الأصالة والمعاصرة بتركيبته الديمغرافية والاجتماعية، يجسد نموذج الحزب المنفتح على كل الطاقات الوطنية وتنظيمات المجتمع المدني. حزب يدافع عن الطبقة المتوسطة والفقراء وعموم الكادحين والفلاحين والطلبة. كما يدافع بنفس الاستماتة عن حقوق الشباب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كما يدافع عن المرأة وحقها في التواجد في مراكز القرار أسوة بالرجل.

حزب قريب جدا من الطبقة العاملة بما يجسد العلاقة الجدلية بين النقابي والسياسي، وفي احترام تام لاستقلالية المنظمة الديمقراطية للشغل في قراراتها ومواقفها وقناعاتها، وذلك بالرغم من تواجد كوادر وأطر المنظمة في مختلف مؤسسات وأجهزة الحزب وهياكلها التنظيمية وفي مواقع القرار.

ذلك أن المنظمات الجماهرية عموما والطبقة العاملة على وجه التحديد، تشكل العمود الفقري وقطب الرحى لأي تنظيم سياسي حزبي بحكم مكانتها وتواصلها المباشر والدائم مع مختلف مكونات المجتمع، وتسعى إلى بناء قاعدة مجتمعية تؤمن بالتغيير وتسعى اليه.

إن العمل الحزبي الصحيح هو الذي يساند ويدعم الدور الذي تلعبه المنظمات الجماهيرية، ويبني معها أشكالا من العلاقات التنسيقية (مؤسسة مع مؤسسة) في إطار من الانسجام في الرؤى والأهداف، وهو العمل الذي يستثمر نضالات وأنشطة وخدمات المنظمة الجماهيرية بما يحقق شرط خدمة الطبقات والفئات الاجتماعية التي يمثلها، وهي القيم والغايات التي تعاقد عليها الحزب والمنظمة.

وفي الأخير أود أن أؤكد على أن حزب الأصالة والمعاصرة يتميز، بما ليس فيه لبس، بدفاعه الدائم ووقوفه العملي والميداني إلى جانب المقاولة الوطنية وتأهيليها لمواجهة المنافسة الشرسة، ويسعى إلى تنمية وتشجيع الصناعة الوطنية والمنتوج الوطني وخلق مناصب الشغل وفق رؤى واستراتيجية مغربية-مغربية، يبدعها أطر وكوادر الحزب وكل المؤسسات والمنظمات والهيئات المتفرعة عنه.

حاورته: خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.