فاطمة الزهراء المنصوري تعلن عن خارطة إصلاح شاملة.. ميزانية 2026 تدشن أكبر تحول في تاريخ التعمير والسكن بالمغرب
قدمت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، عرضا مفصلا أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية بمجلس المستشارين، كشفت من خلاله معالم أكبر تحول تعرفه السياسة الترابية والسكنية بالمغرب في إطار مشروع الميزانية الفرعية لسنة 2026.
وقد استند العرض إلى المرجعيات الدستورية، والبرنامج الحكومي، ومخرجات الحوار الوطني حول التعمير والإسكان، مقدما تشخيصا دقيقا لواقع القطاع وتحدياته، إلى جانب خطة إصلاحية واضحة ذات أبعاد اجتماعية ومجالية واقتصادية.
رؤية جديدة لإعداد التراب وتعميم الرقمنة
وأكدت السيدة المنصوري أن الوزارة تسير وفق رؤية جديدة لإعداد التراب الوطني تقوم على تعزيز التخطيط المجالي، وتجويد الحكامة الترابية، وتقليص الفوارق بين الجهات، مع رقمنة شاملة للوثائق والمساطر الإدارية، وتبسيط إجراءات البناء والتعمير، خاصة في العالم القروي.
كما شددت على ضرورة اعتماد آليات تمويلية وتحفيزية جديدة موجهة لتشجيع الاستثمار الخاص ورفع جاذبية المجالات الترابية.

تشخيص واقعي.. وتحديات قائمة
وسجل العرض استمرار عدد من الإشكالات، أبرزها تشتت وثائق التعمير في المدن الكبرى، نقص الأراضي الصالحة للبناء، ضعف التمويل، وتفاوت مستوى التدبير بين المركز والجهات.
في المقابل، أبرزت الوزيرة تقدما مهما خلال السنوات الأخيرة من خلال المصادقة على مئات وثائق التهيئة، ومعالجة السكن الهش، وتطوير مشاريع التجديد الحضري.

برامج ميدانية واسعة لسنة 2026
وكشفت المسؤولة الحكومية أن برنامج عمل سنة 2026 سيعرف إطلاق مجموعة واسعة من المشاريع الميدانية التي تعكس توجه الوزارة نحو تعزيز التخطيط العمراني وتطوير البنيات الترابية.
وفي هذا الإطار، تعمل الوزارة على تعميم وثائق التعمير على المستوى الوطني، مع استكمال المصادقة على أزيد من 400 تصميم تهيئة، بما يسمح بإرساء رؤية عمرانية واضحة وملائمة لمتطلبات التنمية، كما تم إطلاق البوابة الرقمية taamir.gov.ma التي تمثل نقلة نوعية في رقمنة القطاع، من خلال تمكين المواطنين والمهنيين من الولوج السريع إلى وثائق التعمير والمساطر الإدارية، واعتماد مسار إلكتروني أكثر شفافية ونجاعة.
وفي العالم القروي، تعتزم الوزارة تبسيط مساطر البناء وتعميم برامج التهيئة الترابية، خاصة في المناطق الجبلية والهشة، بهدف ضمان عدالة مجالية وتحسين ظروف العيش في المناطق الأقل استفادة.
ويأتي كذلك برنامج دعم المراكز القروية الصاعدة كأحد المحاور الأساسية للبرنامج، حيث سيتم تنزيله عبر اتفاقيات تمويل وشراكات موجهة لخلق أقطاب محلية دينامية وقادرة على استقطاب الاستثمار والخدمات الأساسية.
ولم تغفل الوزارة الشق الاجتماعي، إذ تعمل على توسيع برنامج “مدن بدون صفيح” ومعالجة السكن غير اللائق في إطار البرنامج الخماسي 2024- 2028، عبر مقاربات جديدة تستجيب لتزايد الطلب على السكن اللائق وتحسين ظروف عيش مئات الآلاف من الأسر.
وتواصل الوزارة تعزيز آليات الولوج إلى السكن، من خلال برنامج الدعم المباشر للسكن الموجه للشباب والنساء والأسر المؤهلة، اعتمادا على منصة رقمية تضمن الشفافية وتبسيط مساطر الاستفادة بشكل غير مسبوق.
وفي سياق مواز، يتم تنفيذ برامج تثمين القصور والقصبات التاريخية عبر تخصيص ميزانيات مهمة لإعادة تأهيل هذا التراث العمراني، في إطار مقاربة تربط بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الذاكرة التاريخية للمجالات الترابية.

حصيلة قوية 2021- 2025
وفي استعراضها لحصيلة الولاية 2021–2025، شددت الوزيرة المنصوري على أن القطاع عرف دينامية غير مسبوقة على مستوى التخطيط والإسكان وسياسة المدينة، وقد افتتحت الحصيلة بالإشارة إلى إطلاق الحوار الوطني حول التعمير والإسكان، الذي شكل محطة تأسيسية لإعادة بناء توجهات السياسة الترابية والسكنية على أسس تشاركية ورؤية متجددة.
كما أبرزت الوزيرة التقدم الكبير المسجل في برنامج “مدن بدون صفيح”، الذي مكن من معالجة أوضاع أكثر من 370 ألف أسرة عبر مختلف جهات المملكة، مما ساهم في الحد من السكن الهش وتحسين ظروف العيش داخل المجالات الحضرية.
وفي سياق التدخلات ذات الطابع الاستعجالي، توقفت المسؤولة الحكومية عند برنامج إعادة إعمار وتأهيل المساكن المتضررة من زلزال الحوز، مشيرة إلى أنه من بين البرامج التي عرفت تسريعا في وتيرة الإنجاز، حيث تم الشروع في بناء وتأهيل ما يفوق 58 ألف مسكن في خمس أقاليم متضررة.
أما بخصوص الولوج إلى السكن، فقد كشفت أن برنامج الدعم المباشر للسكن سجل نتائج مهمة، إذ استفاد منه أكثر من 70 ألف مواطن داخل المغرب وخارجه، ما يؤكد فعالية هذه الآلية الجديدة في دعم الاستقرار السكني وتعزيز القدرة الشرائية للأسر.
وفي جانب سياسة المدينة، أشارت إلى توقيع أكثر من 475 اتفاقية منذ سنة 2015، وهي اتفاقيات شملت مشاريع مهيكلة لتحسين الفضاءات الحضرية، وتعزيز البنيات الأساسية، وتطوير خدمات القرب بعدد من المدن والمراكز القروية.

انتقال نحو عدالة مجالية حقيقية
وختمت الوزيرة عرضها بالتأكيد على أن مشروع ميزانية 2026 يكرس انتقالا نوعيا نحو سياسة ترابية وإسكانية أكثر عدالة ونجاعة، قوامها الرقمنة، وتحفيز الاستثمار، وتعزيز التنمية المستدامة، بهدف مركزي يتمثل في تحسين جودة العيش في المجالات الحضرية والقروية على حد سواء.





مواكبة إعلامية: سارة الرمشي/ ياسين الزهراوي