مشروع قانون 22.20 .. المدخل نحو سلب حريات التعبير على مواقع التواصل الإجتماعي

0 952

فتاح أخياط

يتجه الوعي العام في المغرب شيئا فشيئا إلى إعتبار سلطة الحكومة مسألة ثانوية أمام حقيقتها. فبعد الرفض الشعبي الجماهيري الواسع لمشروع القانون 22.20 المتعلق بوسائل التواصل الإجتماعي، هرعت قيادات الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية، الواحدة تلوى الأخرى، إلى إصدار بيانات تستنكر فيها مضامين هذا القانون، وباشرت، في نفس الوقت، تبادل الإتهامات في ما بينها، بشأن تسريب جزء من مسوداته، في تناقض صارخ، وتخبط يعكس التفسخ، والإهتراء الذي حلّ بالإنسجام الحكومي المزعوم. حتى أصبحنا نجهل ما الذي يفصل زيدا عن عمر وما بينهما، وما الذي يبرر إستمرار هذه الحكومة من دون بوصلة. والامرّ أنها أصبحت ساحة فسيحة للحروب الداخلية بين مكوناتها حول المصالح السياسوية الضيقة وحتى الإقتصادية. سلوكيات العمل الحكومي اليوم أدت إلى بروز رأي عام وطني شبه مقتنع بسفالة الطبقة السياسية و تقارب نوازعها، رغم تباين إنتماءاتها المرجعية و الإديولوجية.

وبغض النظر عن شخص وزير العدل وما يعترف له به من حنكة و مؤهلات، لم تفلح الصيغ المتعددة لخرجاته الإعلامية لتبرير الورطة التي وضع فيها حزبه الإتحاد الإشتراكي ونضالات رموزه بشكل خاص، والطبقة السياسية والحقوقية اليسارية بشكل عام.

ولأن السبيل الوحيد لإنتقال ديموقراطي حقيقي قد يتأتى بكل ما راكمته الحركة الحقوقية التقدمية من نضالات وتضحيات، فإن كل هذه المكتسبات اليوم أمام المحك وقد تتعرض للإنتكاس.

لقد كنا نمني النفس أن يكون مشروع القانون 22.20 المتعلق بوسائل التواصل الإجتماعي يستلهم روحه من المراكمة النوعية التي عرفها الإجتهاد القانوني والقضائي الدولي خاصة في ميدان حقوق الإنسان. لأن اليوم، أمر سن قوانين ذات بعد حقوقي لم يعد شأنا داخليا محضا، في ظل ما تفرضه ديناميات العولمة من تحولات ترتبط بإتساع الطابع الكوني للحقوق والحريات والإجتهادات التي تطال القانون الدولي وما يستلزم ذلك من ملائمة مستمرة للمقتضيات الوطنية مع المقتضيات الدولية.

إن الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية تتقاطع في عامل واحد، وهو الفراغ القيادي أو ما يسمى بإنعدام الرمزية القيادية. كل هذا الفراغ الكاريزمي لدى هذه الأحزاب، قد يكون كافيا لتفسير ظاهرة “الفراغ الرّؤيوي” الذي تعاني منه الحكومة اليوم، بل ومنذ سنوات. ما جعلها عاجزة عن تقديم رؤى وسن قوانين تشد إليها قطاعات من الشعب وتحصل على تأييدها. وبالتالي فالحكومة التي لا عقل ولا رؤى لها، لا يمكن أن تنجب غير الفجائع والشعبوية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.