هيئة النزاهة تؤشر على فشل الحكومة في محاربة الفساد
في أول تقرير لها، ذكرت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن المجهودات التي بذلها المغرب من أجل الوقاية من الفساد ومكافحته، على الرغم من أهميتها، لم تثمر النتائج المرجوّة منها
واعتبرت الهيئة أن النتائج المحققة إلى حد الآن في الوقاية من الفساد ومكافحته تبقى مُفتقدة لمستوى النجاعة المطلوبة، القادرة على خلق الأثر الإيجابي المنتظر على حياة المواطنين والفاعلين الاقتصاديين، وبالتالي الانعكاس الفعلي على مستويات النمو الكفيلة بتحقيق سبل العيش الكريم لمختلف الشرائح الاجتماعية.
وأفادت الهيئة، انطلاقا من التحليل المعمق الذي قامت به للمؤشرات والعوامل المؤثرة على الفساد في بلادنا، أن مستويات الفساد في المملكة عرفت خلال سنة 2019 منحنى تصاعديا رسخ الوضع المتراجع للمغرب بخصوص هذه الآفة، معتبرة أن المكانة التي ظلت المملكة تراوحها ضمن الدرجات والتصنيفات الدولية خلال السنوات العشر الأخيرة “غير مرضية”، مضيفة أن هذه المكانة رافقها تكريس لتراجع ثقة المواطنين في السياسات المتبعة في مجال الوقاية ومحاربة الفساد بنسب غير مسبوقة حسب المؤشرات المعتمدة بهذا الخصوص.
وقدم التقرير نظرة مركزة وشاملة حول الدعامات الأساسية للانتقال إلى مرحلة جديدة في مكافحة الفساد، معتبرا أن التوجه الوطني العام يمنح فرصا متينة وسانحة لتحقيق هذه النقلة الحيوية، خاصة الإرادة والعزم المعبر عنهما من طرف أعلى سلطة في البلاد، بضرورة النهوض بالحكامة والوقاية من الفساد ومحاربته، وجعلها في صلب الركائز الأساسية لإرساء معالم النموذج التنموي الجديد، الذي دعا إليه الملك محمد السادس من أجل تجاوز الفتور الاقتصادي وتحجيم الفوارق الاجتماعية والمجالية، في أفق تحقيق الرفاهية والعدالة لكافة المغاربة.
وشددت الهيئة على أن إعادة بناء الثقة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر مجهود وطني قوي ومكثف لتجفيف بؤر الفساد وتحجيم آثاره السلبية على التنمية، وخصوصا انعكاساته على تفاقم الفوارق الاجتماعية والترابية، والنهوض بنموذج تنموي جديد يضع المغرب على سكة نمو متين وشمولي ومستدام، ويضمن شروط الحياة الكريمة ومستوى نوعيا لمعيشة الأجيال الحالية والمستقبلية.
ودعت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، لتجاوز الوضعية الحالية، إلى النهوض بدينامية جديدة في المجهودات المبذولة لمحاربة الفساد لرفع منسوب مفعولها، مشددة على ضرورة تقوية إستراتيجية الدولة في مجال مكافحة الفساد، وفق رؤية شمولية وبأولويات مدققة، لاستهداف البرامج والمشاريع والعمليات الكفيلة بتحقيق الأثر الملموس على المواطنين والمستثمرين وسائر المعنيين.
وينقسم التقرير السنوي للهيئة الوطنية، الصادر في 200 صفحة، إلى قسم يقف على وضع الفساد وتعميق التشخيص والمعرفة الموضوعية بالظاهرة، وقسم يقوم بقراءة وتحليل موضوعي للتراكمات والإكراهات وحدود تجربة الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وقسم يبرز الدور المحوري للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لتعزيز الترسانة المؤسساتية لمكافحة الفساد ولتقوية أسس التنمية.
سارة الرمشي