وزير العدل في لقاء الإيسيسكو: المتغيرات الطارئة على الظاهرة الإرهابية حتمت إيلاء الاهتمام بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المفضية للتطرف

0 362

أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي؛ أن التصدي للجريمة والتطرف يشكل تحديا جماعيا، يتطلب تنسيقا وثيقا بين كافة المكونات المعنية بمعالجة الأسباب المفضية إلى الإجرام.

وأبرز وزير العدل في كلمته الافتتاحية بمناسبة تنظيم الملتقى العلمي الدولي حول موضوع: “الثقافة والفنون ودورها في مكافحة الجريمة والتطرف”، المنعقد يومه الاثنين 17 يوليوز 2023، بمقر الإيسيسكو ــ الرباط، أنه إذا كانت التدابير والإجراءات المتخذة في سياق مكافحة الإرهاب تستجيب لمستلزمات الحفاظ على النظام العام، فإن المتغيرات الطارئة على الظاهرة الإرهابية حتمت إيلاء الاهتمام بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المفضية إلى التطرف، وذلك من خلال مواصلة تنزيل الاستراتيجية الوطنية للوقاية من التطرف.

وقال الوزير إنه، “اقتناعا بأن معالجة هذه الظروف تعتبر قطب الرحى في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وتحتاج إلى مقاربات أخرى غير زجرية تعزز الجهود المبذولة في هذا الإطار، وسيكون من شأن المرصد الوطني للجريمة الذي تم إحداثه على مستوى وزارة العدل الإسهام في تقريب كافة العوامل الإيجابية المؤثرة في السلوك الإجرامي ومن جملتها الثقافة والفنون كحلين لازمين في كل عملية إعادة تأهيل المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب والتطرف”.

وأوضح الوزير أن الثقافة والفنون يعتبران مدخلين أساسيين لتكوين مرجعية ثقافية لدى الإنسان قادرة على تمكينه من تحصين فكره ضد الأفكار والقيم التي تتعارض مع متطلبات العيش المشترك والانتماء إلى مجتمع وطني ودولي يسوده الاستقرار والسلام.

وأشار الوزير إلى أن الوقاية من التطرف من خلال مسلك الثقافة والفنون تعد من جملة التدابير المتخذة على المستويين الوطني والدولي في مجال مكافحة الإرهاب والوقاية من التطرف، مذكرا في هذا الصدد باستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب التي ما فتئت تؤكد على أن تعزيز الحوار والتسامح والتفاهم فيما بين الحضارات والثقافات والشعوب والأديان، لا بد لتحقيقه من اعتماد خطط وبرامج للتثقيف والتوعية، بالإضافة الى أن خطة الأمين العام للأمم المتحدة المتعلقة بمنع التطرف نادت بلزوم تسليط الضوء عل الدور الذي تلعبه الثقافة والفنون في مكافحة الخطابات الإرهابية.

وفي هذا السياق، استعرض وزير العدل جهود المملكة في هذا الموضوع، مؤكداً أن المملكة المغربية حرصت بُعَيد الأحداث الإرهابية التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء سنة 2003 على نهج مقاربة وطنية مندمجة في مجال التصدي للإرهاب، معتبرا أنه اليوم يحق لنا أن نفتخر بهذه المقاربة التي أبانت عن واقعية واضحة المعالم والأهداف، على اعتبار أنها مقاربة شمولية فعالة وناجعة تتغيا مواجهة الخطر الإرهابي المتغير، وتصبو إلى تنويع خياراتها بما فيها خيار التدبير الاستراتيجي كحل ناجع وفعال لمواجهة الظاهرة الإرهابية من خلال اعتماد الاستراتيجية الوطنية الشاملة لمكافحة الإرهاب، والاستراتيجة الوطنية للوقاية من التطرف.

كما توقف وزير العدل عند السياسة الجنائية الوطنية لمكافحة الإرهاب والوقاية من التطرف التي نهجها المغرب وتعكس الجهود المبذولة على المستوى كافة السياسات العمومية، وفق مقاربة تشاركية تكاملية، تحدد معالم وكيفيات التصدي لهذه الظاهرة، وذلك من خلال تعزيز منظومته التشريعية بقوانين وقائية تحصن كيانه من نوازع التطرف والعنف.

وفي هذا السياق، بسط الوزير جملة من التدابير القانونية والمؤسساتية وبرامج إعادة التأهيل لفائدة المحكومين في قضايا الإرهاب والتطرف التي اتخذتها المملكة المغربية، وتتمثل بإيجاز في سن القانون رقم 03ـ03 المتعلق بمكافحة الإرهاب وتمويله، والقانون رقم 14ـ86 الخاص بمكافحة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، بالإضافة إلى إنشاء وتخصيص العديد من الأجهزة الإدارية والقضائية والأمنية والمالية الهادفة إلى ضمان الفعالية والنجاعة اللازمتين لمواجهة الإرهاب والتطرف.

وأبرز وزير العدل أن التشريع الجنائي المغربي وتجاوزا للآثار التي تخلفها ظاهرة التضخم العقابي، تضمن آليات تحفيزية هامة لفائدة المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب من قبيل آليتي العفو والإفراج المقيد بشروط، والتي تم تعزيزها ببرامج إعادة تأهيل هذه الفئة أبرزها برنامج مصالحة الذي يقوم على مقاربة متعددة الأبعاد، التي أتاحت للمستفيدين منه فهم واستيعاب النص الديني والقيم المجتمعية الصحيحة.

وخلص الوزير إلى أن القراءة التحليلية لهذه الممارسة الرائدة أفضت إلى تسجيل أن تنظيم الحياة العقابية يجب أن تقوم على نحو تمكن المسجون من التفاعل الإيجابي مع المعاملة المقررة له، وذلك بتمكينه من استعمال كل قدراته ومواهبه

خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.