الانتخابات التشريعية المغربية 2026: الإرادة الملكية وتجديد النخب السياسية

0 2٬771

في خطابه الأخير، وضع جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، خارطة طريق واضحة للمرحلة المقبلة، مؤكداً على ضرورة الإعداد الجيد للانتخابات التشريعية لسنة 2026. هذا الخطاب جاء ليؤكد مرة أخرى أن ورش الديمقراطية بالمغرب ليس مجرد محطة تقنية أو حسابات ظرفية، بل هو خيار استراتيجي ومصيري يعكس قوة الدولة وثقتها في مسارها الإصلاحي.

الحملات الإعلامية الخارجية: محاولات بئيسة للنيل من المسار الديمقراطي المغربي

لا يخفى أن من بين الأهداف الرئيسية لهذه الحملات الإعلامية الخارجية المسعورة، محاولة التشويش على المسار الديمقراطي الذي يستعد له المغرب، خاصة مع اقتراب محطة الانتخابات التشريعية المقررة في سنة 2026. فخصوم الوطن يدركون أن تقوية المؤسسات الدستورية وتعزيز الثقة الشعبية في رموز البلاد يشكلان حجر الزاوية في استقرار المملكة وتماسكها. ولذلك يسعون، عبر خطاب مسموم وأدوات دعائية رخيصة، إلى إضعاف صورة المؤسسات الوطنية، وضرب رموز الدولة، والتشكيك في النظام السياسي الراسخ، على أمل بئيس في خلق شرخ داخلي أو عرقلة هذا الموعد الديمقراطي الحاسم.

لا يسعنا نحن مغاربة العالم إلا أن نرفع صوتنا عالياً للتنديد بهذه الحملات الإعلامية والسياسية الدنيئة، و التي نعتبرها محاولات منحطة، لا تزيدنا إلا إصراراً للدفاع عن وطننا، والالتفاف حول ملكنا، والإيمان بقدرة المغرب على كسب رهانات التنمية والديمقراطية.

الإرادة الملكية: وضوح الرؤية وعمق التوجيه

شدّد جلالة الملك، حفظه الله ونصره، في خطابه على محاور أساسية:

* تعزيز الجهوية والتنمية الترابية المندمجة.
* تحسين الخدمات الاجتماعية وضمان العدالة المجالية.
* تبني سياسة استباقية ومستدامة لتدبير الموارد المائية.
* دعم المشاريع الوطنية الكبرى وربطها بالرهانات المحلية.

أما في الشق السياسي، فقد أبرز جلالة الملك أهمية اعتماد المنظومة المؤطرة للانتخابات بشكل مبكر، قبل نهاية السنة الجارية، مع تكليف وزير الداخلية بفتح باب المشاورات مع الأحزاب السياسية. هذه التوجيهات ليست مجرد إشارات عابرة، بل هي قاعدة صلبة لقطع الطريق أمام أي ارتباك أو تأويل ضيق يعرقل شفافية العملية الانتخابية.

اجتماع وزير الداخلية مع الأحزاب: نحو تخليق الفضاء الانتخابي

في هذا السياق و تنفيذاً للتعليمات الملكية، عقد السيد وزير الداخلية وقادة الأحزاب اجتماعا مطلع شهر غشت، و الذي تميّز بمقترحات تصبّ في اتجاه تخليق الممارسة السياسية، محاربة الفساد والمال الانتخابي، وتحفيز المشاركة الواسعة، خاصة من طرف النساء والشباب والكفاءات ومغاربة العالم.

إن تأكيد الأحزاب على ضرورة تطوير الحس الانتخابي وتحسين آليات الرقمنة، يعكس وعياً متزايداً بضرورة تحديث المنظومة الانتخابية بما يواكب تطور العصر و المجتمع المغربي.

مغاربة العالم: بين التضحيات والانتظارات

بصفتنا مناضلين عن مغاربة العالم، لا يسعنا إلا أن نثمّن الإرادة الملكية لإنجاح العملية الانتخابية و تجديد النخب، بضمان مشاركة واسعة لكل الفئات المجتمعية المغربية في هذا الاستحقاق و من بينها مغاربة الخارج، غير أن الانفتاح على هذه الفئة يجب أن يكون بعيداً عن أي توظيف ضيق أو محاولة لإقحام أسماء ظرفية على حساب مناضلين حقيقيين، أعطوا لسنوات من وقتهم ومالهم وجهدهم لخدمة أحزابهم وقضايا الوطن.

إن الدور السياسي لمغاربة العالم، عرف تهميشا و استغلالا لوجودهم فقط كشعار انتخابي أو واجهة شكلية. اليوم، ومع وضوح الإرادة الملكية، آن الأوان لطيّ صفحة الماضي وفتح المجال أمام الكفاءات من أبناء المهجر، الذين أثبتوا جدارتهم في ميادين متعددة و حرصوا على تمثيل المغرب أحسن تمثيل.

لحظة فاصلة: لا مجال للممارسات غير النزيهة

الانتخابات المقبلة ليست مجرد موعد عادي، بل هي لحظة فاصلة لقياس مدى قدرة المغرب على تجديد نخبه السياسية، وفتح المجال أمام مشاركة أوسع لمغاربة الداخل والخارج.

إنها الفرصة المناسبة لقطع الطريق أمام الممارسات غير النزيهة التي طالما أضعفت ثقة المواطنين، خاصة مغاربة العالم، الذين يرفضون التلاعب بمكانتهم كما كان الأمر في السابق. المطلوب اليوم هو تكريس ثقافة سياسية جديدة، قائمة على الكفاءة، النزاهة، والالتزام الحقيقي لخدمة الوطن والمواطن.

إن الإعداد للانتخابات التشريعية 2026، تحت الرعاية الملكية السامية، يُعدّ ورشاً وطنياً بامتياز. والرهان الأكبر هو أن تتحول هذه المحطة إلى لحظة ديمقراطية نوعية تُعيد الثقة بين الأحزاب والمجتمع، وتفتح آفاقاً جديدة لمغاربة العالم كي يكونوا في صلب القرار السياسي، لا مجرد ديكور انتخابي.

مغاربة العالم يستحقون مكانتهم في المؤسسات الوطنية، بعيداً عن الحسابات الضيقة، وفاءً لتضحياتهم وإيمانهم العميق بمغربهم و مغربيتهم.

ايوب السملالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.