مالية 2026.. الشبشالي يدعو إلى رؤية فلاحية مندمجة تحقق العدالة المجالية وتضمن الأمن المائي والغذائي

0 187

أكد النائب البرلماني إدريس الشبشالي، في مداخلته باسم فريق الأصالة والمعاصرة؛ خلال مناقشة مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات برسم السنة المالية 2026، اليوم الثلاثاء 11 نونبر الجاري، أن النقاش حول هذا القطاع الحيوي لا يمكن اختزاله في بعد تقني أو مالي، بل يتعلق برؤية استراتيجية شاملة تمس الأمن الغذائي الوطني والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لملايين الأسر المغربية.

وأوضح الشبشالي أن الفلاحة المغربية تُمثل أحد الأعمدة الصلبة للنمو الوطني، إذ تجمع بين الوظيفة الإنتاجية والبعد الاجتماعي، مؤكداً أن الجهود الحكومية المبذولة في تنفيذ استراتيجية الجيل الأخضر 2020- 2030 تسير في الاتجاه الصحيح، خاصة في ما يتعلق بجعل العنصر البشري محوراً رئيسياً للتنمية الفلاحية، وإحداث طبقة فلاحية وسطى قوية، وتشجيع روح المقاولة بالعالم القروي، وتوسيع رقعة الرقمنة والخدمات الفلاحية الحديثة.

وفي المقابل، نبه النائب البرلماني إلى استمرار عدد من التحديات البنيوية التي تُثقل كاهل القطاع الفلاحي، وفي مقدمتها أزمة الماء التي وصفها بـ“الخطر الأكبر على مستقبل الفلاحة المغربية”، مبرزاً أن التغيرات المناخية وتراجع التساقطات واستمرار بعض الزراعات المستنزفة للمياه كلها عوامل تهدد السيادة المائية والغذائية للمملكة.

كما دعا الشبشالي إلى إيلاء اهتمام خاص بالفلاحين الصغار والمتوسطين، الذين يمثلون العمود الفقري للفلاحة الوطنية، معتبراً أن هذه الفئة ما تزال تعاني من ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف البنيات التحتية وصعوبة التسويق، فضلاً عن التفاوت في الاستفادة من برامج الدعم العمومي.

وشدد على ضرورة اعتماد تمييز إيجابي يضمن لهذه الفئة شروط العيش الكريم والاستقرار المهني والاجتماعي.

وفي معرض حديثه عن غلاء أسعار المواد الغذائية، اعتبر النائب أن استمرار ارتفاع الأسعار مؤشر على اختلالات عميقة في منظومة الإنتاج والتوزيع، داعياً إلى تبني مقاربة شمولية ترتكز على ضبط السوق ومراقبة الأسعار وهوامش الربح، ورقمنة أسواق الجملة، ومحاربة كل أشكال الاحتكار والمضاربة حمايةً للقدرة الشرائية للمواطنين.

كما اقترح الشبشالي مجموعة من التدابير لإصلاح القطاع الفلاحي، من أبرزها: إعادة الاعتبار للفلاحة الأسرية والمعيشية كرافعة للتنمية القروية والتماسك الاجتماعي؛ وتحسين دخل الفلاحين الصغار وضمان أثمان منصفة لمنتوجاتهم؛ وتسريع وتيرة تعميم الحماية الاجتماعية في الوسط القروي؛ مع تطوير البحث العلمي الزراعي والابتكار في مجالات السقي المقتصد للماء والصناعات التحويلية؛ وإرساء ممارسات بيئية مستدامة تحافظ على التوازن بين الماء والتربة والغابة.

وفي محور خاص بإقليم صفرو، أبرز النائب أن هذا الإقليم يشكل ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومصدراً لعيش آلاف الأسر القروية، غير أنه ما زال يواجه تحديات عديدة رغم مؤهلاته الطبيعية والبشرية.

وأشار إلى أن الجماعات القروية بالإقليم -مثل سيدي لحسن، إغزران، عزابة، دار الحمراء، المنزل، تازوطة، كندر سيدي خيار، رباط الخير، بئر طمطم، عين الشكاك، والبهاليل- تتوفر على إمكانات مهمة في زراعة الحبوب والأشجار المثمرة وتربية الماشية والنشاط الغابوي، لكنها تصطدم بضعف البنيات التحتية، وقلة الدعم التقني والمالي، ومحدودية التأطير الفلاحي، وتأثير التغيرات المناخية.

واقترح الشبشالي في هذا الإطار عدداً من الإجراءات العملية، من بينها: إحداث مراكز لتجميع المنتوجات الفلاحية برباط الخير والمنزل وصفرو لتسهيل التسويق والتثمين؛ وتعميم الري الموضعي (بالتنقيط) في الجماعات ذات الأراضي البورية؛ مع دعم النساء القرويات والتعاونيات الفلاحية عبر التمويل الميسر والتكوين المستمر؛ وكذلك إحداث مكاتب قروية للإرشاد الفلاحي بالمناطق الجبلية؛ وإدماج فلاحي الإقليم في سلاسل الإنتاج الوطني؛ إضافة الى التعجيل بربط قنوات الري انطلاقاً من سد رباط الخير في اتجاه جماعات عين تمكناي ومطرنغا وبئر طمطم وأولاد مكودو لإنقاذ الموسم الفلاحي بالمنطقة.

واختتم النائب الشبشالي مداخلته بالتأكيد على أن تحقيق تنمية فلاحية منصفة ومستدامة رهين باعتماد رؤية إقليمية وجهوية مندمجة، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل منطقة، وتضمن عدالة مجالية حقيقية في توزيع الاستثمارات والدعم، قائلاً: “إننا في حاجة إلى فلاحة مغربية عادلة ومبتكرة، تحفظ كرامة الفلاح، وتؤمن غذاء المواطن، وتضمن استدامة الموارد للأجيال القادمة”.

خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.