بيطار: مشروع قانون المالية لسنة 2026 محطة تقييمية حاسمة وفرصة لتعزيز الدولة الاجتماعية
أكد النائب البرلماني عادل بيطار، خلال الجلسة العامة المخصصة للمناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، المنعقدة اليوم الخميس 13 نونبر الجاري، أن هذه المحطة تشكل لحظة دستورية وسياسية هامة، تأتي في ظل تحديات وطنية ودولية متشابكة، واستحقاقات داخلية كبرى تتطلب تقييماً موضوعياً لما تحقق من منجزات خلال السنوات الأربع الماضية من الولاية التشريعية الحالية.
وأوضح بيطار أن مناقشة المشروع المالي تمثل مناسبة للوقوف على حصيلة الأداء الحكومي، واستشراف الحلول الممكنة لمواجهة الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، مؤكداً أن الحكومة مدعوة إلى الاستمرار في استكمال التزاماتها الواردة في البرنامج الحكومي، والتجاوب الفعّال مع التعبيرات الشبابية والمجتمعية التي تعكس مطالب اجتماعية مشروعة تستحق الإصغاء والتفاعل الإيجابي.
وأشار إلى أن الأغلبية الحكومية حرصت، منذ تشكيلها، على جعل تحقيق التنمية المتوازنة والعيش الكريم للمواطن المغربي هدفاً مركزياً في برامجها، من خلال تبني أولويات واضحة تجسدت في إعداد وتنفيذ قوانين المالية المتعاقبة، مؤكداً أن مشروع سنة 2026 يأتي استمراراً لهذا النهج، استناداً إلى: التوجيهات الملكية السامية، ولا سيما الخطابين الملكيين بمناسبة عيد العرش (30 يوليوز 2025) وافتتاح الدورة التشريعية الحالية؛ ودستور 2011؛ والنموذج التنموي الجديد والبرنامج الحكومي القائم على إرساء الدولة الاجتماعية.
وقال بيطار إن حزب الأصالة والمعاصرة تشرف بتحمل المسؤولية داخل هذه الحكومة، التي واجهت سياقاً اقتصادياً وجيوسياسياً صعباً، وتمكنت رغم ذلك من وقف نزيف المالية العمومية واستعادة التوازنات الماكرو- اقتصادية والثقة في الاقتصاد الوطني، بعد تداعيات جائحة كورونا والجفاف، اللذين خلفا اختلالات حادة.
واستعرض النائب أبرز المؤشرات الاقتصادية التي عرفتها تلك المرحلة، حيث: تراجع معدل النمو من 3,7% سنة 2020 إلى ناقص 7%؛ وارتفع عجز الميزانية إلى 7,6% من الناتج الداخلي الخام بدل 3,5%؛ وقفزت المديونية إلى 72,2% من الناتج الداخلي الخام مقابل 60,3% سنة 2019؛ وتراجعت المداخيل الضريبية (الضرائب المباشرة بناقص 9% وغير المباشرة بناقص 7,1%)؛ وبلغ التضخم مستويات غير مسبوقة وصلت إلى 8%، مع ارتفاع نسبة البطالة فوق 12%.
ورغم هذه الإكراهات، أكد بيطار أن الحكومة استطاعت تحقيق حصيلة إيجابية بفضل سياسات استباقية وفعالة، مشيراً إلى أن هذه الولاية تعد من بين أفضل الفترات الاقتصادية خلال ربع قرن، إلى جانب حكومة جطو، من حيث النتائج المحققة: ارتفاع الناتج الداخلي الخام من 115 إلى 160 مليار دولار بين 2020 و2024، مع توقع بلوغه 165 ملياراً سنة 2025؛ وتحسن معدل النمو إلى 4,8% سنة 2025؛ وتراجع عجز الميزانية إلى 3,8% سنة 2024، مع توقع نزوله إلى 3,5% سنة 2025؛ وانخفاض نسبة الدين إلى 67,7% سنة 2024، مع توقع استقرارها عند 66,7% سنة 2026؛ وتراجع معدل التضخم إلى 0,9% سنة 2024 مقابل 6,6% سنة 2022؛ وتحسن الحساب الجاري للأداءات إلى ناقص 1,2% سنة 2024 بعد أن كان ناقص 3,5%.
وأشار إلى أن المداخيل الجبائية ارتفعت من 199 إلى 300 مليار درهم، والمداخيل غير الجبائية من 27 إلى 68 مليار درهم، دون ضغط ضريبي إضافي، بفضل الإصلاح الضريبي الذي حسن موارد الدولة بأكثر من 100 مليار درهم.
كما تضاعف الاستثمار العمومي من 167 مليار درهم سنة 2011 إلى 340 مليار درهم سنة 2025، ويتوقع أن يبلغ 380 ملياراً سنة 2026. وأبرز بيطار أن الحكومة عقدت 14 دورة للجنة الاستثمارات، صادقت خلالها على 275 مشروعاً بقيمة 393 مليار درهم، من ضمنها مشاريع استراتيجية بـ65 مليار درهم.
وأكد النائب أن الحكومة أولت أهمية كبرى لترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية، مستعرضاً أبرز المؤشرات المالية: الحوار الاجتماعي: 49 مليار درهم؛ ودعم المقاصة: 132,72 مليار درهم بين 2021 و2025؛ والحماية الاجتماعية: 72 مليار درهم؛ والدعم الاجتماعي المباشر: 29 مليار درهم سنة 2026 يستفيد منه أكثر من 10 ملايين مواطن؛ والتأمين الإجباري عن المرض: 9,5 مليار درهم؛ ودعم مهنيي النقل: 8,6 مليار درهم سنة 2022؛ مع تخفيف آثار الجفاف: 20 مليار درهم؛ ودعم المكتب الوطني للماء والكهرباء: 12 مليار درهم.
وفي قطاع السكنى، تم تخصيص دعم مباشر لاقتناء السكن (100 ألف درهم للمساكن و300 ألف درهم، و70 ألف درهم للمساكن و700 ألف درهم)، حيث بلغ عدد المستفيدين إلى حدود شتنبر 2025 حوالي 66.305 أسرة بمبلغ إجمالي بلغ 5,4 مليار درهم. كما تم اعتماد برنامج “مدن بدون صفيح” في إطار مخطط خماسي (2024-2028) يستهدف 120 ألف أسرة.
وأشار بيطار إلى البرامج الموجهة للعالم القروي وللشباب والثقافة، مثل برنامج جواز الشباب، ومشاريع رقمنة المعطيات الثقافية، ودعم القراءة والمكتبات، بالإضافة إلى البرنامج الوطني لبناء السدود (أكثر من 20 سداً بغلاف 32 مليار درهم)، ومشاريع تحلية مياه البحر بالدار البيضاء وأكادير والعيون والداخلة.
ونبّه النائب إلى استمرار التحديات المرتبطة بإدماج القطاع غير المهيكل الذي يضم 2,03 مليون وحدة إنتاجية سنة 2023، معتمدة بنسبة 98% على التمويل الذاتي، داعياً إلى وضع سياسة مالية شمولية لتوسيع الولوج إلى الخدمات البنكية، خاصة في العالم القروي حيث لا تتجاوز النسبة 35%.
وفي ختام مداخلته، شدد بيطار على أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، حقق قفزات نوعية في مختلف المجالات، إلا أن آثار بعض المنجزات لم تبلغ بعد المستوى المنشود بالنسبة لفئات واسعة من المجتمع. واستحضر قول جلالة الملك في خطاب عيد العرش لسنة 2014: “لا تهمني الحصيلة والأرقام فقط، وإنما يهمني قبل كل شيء التأثير المباشر والنوعي لما تم تحقيقه من منجزات في تحسين ظروف عيش جميع المواطنين”.
وأكد بيطار أن المرحلة المقبلة تتطلب مزيداً من الجرأة والإبداع في السياسات العمومية، واستكمال تنزيل البرنامج الحكومي، ومواصلة الإصلاحات الكبرى الاقتصادية والاجتماعية لضمان تنمية متوازنة وعدالة اجتماعية حقيقية.
خديجة الرحالي