بشرى المالكي: إصلاح منظومة الصحة شرط أساسي لبناء المغرب الصاعد وضمان العدالة الصحية

0 141

قدمت بشرى المالكي، أستاذة التعليم العالي بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء وعضو نادي أساتذة التعليم العالي، مداخلة مهمة خلال القافلة الوطنية الأولى التي نظمها النادي المنبثق عن المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة يوم الأربعاء 3 دجنبر 2025، والتي خصصت لمناقشة موضوع المغرب الصاعد والتحديات الكبرى والخيارات الاستراتيجية.

وركزت مداخلتها على قطاع الصحة باعتباره أحد أعمدة بناء المغرب الصاعد.

وأوضحت المالكي أن قطاع الصحة برز بقوة خلال الفترة الأخيرة وأصبح في صلب النقاش العمومي، خاصة بعد الاحتجاجات الشبابية التي أعادت ملف الصحة إلى الواجهة وجعلته أحد أهم انشغالات المواطنين.

وقد أكدت أن الهدف من تدخلها هو تقديم تشخيص موضوعي للقطاع، والوقوف على مكامن القوة والضعف، واقتراح حلول عملية لتطويره بما ينسجم مع طموح المغرب الصاعد.

وأشارَت إلى أن القطاع الصحي شهد خلال السنوات الأخيرة مجموعة من التطورات المهمة، خاصة على مستوى البنيات التحتية، حيث تم تشييد مستشفيات جامعية جديدة وتأهيل مراكز صحية في عدد من المدن، إضافة إلى تزويد المستشفيات بتجهيزات طبية حديثة.

وأضافت أن مشروع التغطية الصحية الشاملة وتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض تحت الرعاية السامية لجلالة الملك يمثل طفرة مهمة في مسار تحقيق العدالة الصحية.

ورغم هذه المكتسبات، أكدت المالكي أن المنظومة الصحية ما تزال تعاني من اختلالات عميقة تؤثر بشكل واضح على جودة الخدمات الصحية.

ومن أبرز هذه الإشكالات النقص الكبير في الموارد البشرية، وخاصة الأطباء والممرضين، وضعف الحكامة وتعدد المتدخلين، والفوارق المجالية التي تجعل المواطن في القرى والمناطق الجبلية أقل استفادة من الخدمات الصحية مقارنة مع المدن الكبرى.

كما أن غياب منظومة معلوماتية موحدة يضعف فعالية الولوج إلى العلاج ويصعب عملية اتخاذ القرار الطبي والإداري.

وأشارت كذلك إلى الضغط الكبير الذي تعيشه المستشفيات الجامعية بسبب ضعف التجهيزات والخدمات المتوفرة في المستشفيات الإقليمية.

وفي عرضها للتحليل التشخيصي، قدمت المالكي صورة دقيقة للقطاع الصحي، مسلطة الضوء على الخصاص الواضح في البنيات الصحية في المناطق القروية، والنقص الحاد في الموارد البشرية، وضعف التمويل العمومي، وغياب التنسيق بين المؤسسات الصحية والاجتماعية، وانتشار الأمراض المزمنة التي تشكل عبئا متزايدا على المنظومة، إضافة إلى طول آجال المواعيد والاكتظاظ وغياب بعض الأدوية في فترات معينة.

وبعد هذا التشخيص، عرضت المالكي مجموعة من الخيارات الاستراتيجية التي تعتبرها ضرورية لإعادة بناء منظومة صحية قوية وفعالة، ودعت إلى تسريع تنزيل ورش الإصلاح الصحي الشامل وتفعيل القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية، وتعزيز الموارد البشرية الصحية وتحسين ظروف العمل، وتطوير البنيات التحتية وضمان توزيع عادل للخدمات الصحية، وتقوية أنظمة التغطية الصحية والحماية الاجتماعية، وتعزيز برامج الوقاية الصحية، والاهتمام بالرقمنة وإنشاء سجل طبي رقمي موحد، إضافة إلى دعم الصناعة الدوائية الوطنية لتقليص التبعية للأسواق الخارجية.

واختتمت المالكي مداخلتها بالتأكيد على أن إصلاح قطاع الصحة يمثل رافعة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة، وأن الخيارات الاستراتيجية التي اقترحتها تشكل فرصة حقيقية لإعادة بناء قطاع صحي أكثر عدالة وفعالية واستدامة، بما يستجيب لانتظارات المواطنين ويعزز مكانة المغرب ضمن الدول الصاعدة.

خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.