أتغلاست: التصويت على قانون المسطرة الجنائية لحظة دستورية وتشريعية وحقوقية بالغة الدلالات لأهميته بالنسق الحقوقي والقضائي لبلادنا
أكد النائب البرلماني سعيد اتغلاست؛ أن جلسة الدراسة والتصويت على مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، لحظة دستورية وتشريعية وحقوقية بالغة الدلالات والمعاني، بالنظر إلى ما يكتسيه قانون المسطرة الجنائية: نصا ومشروعا، من أهمية كبيرة في النسق الحقوقي والقضائي لبلادنا.
وقال النائب البرلماني في مداخلة باسم الفريق النيابي خلال جلسة التصويت على مشروع القانون اليوم الثلاثاء 20 ماي الجاري، إنه ” لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن نكون جزءًا من هذا الإصلاح العميق والشامل لمنظومتنا الحقوقية، في شقها التشريعي والمسطري، نهوضا بأدوارنـا الدستورية ذات الصلة”.
وأوضح النائب البرلماني في مداخلته، بالقول:” مشروع قانون المسطرة الجنائية المرَاجع، الموضوع بين يدي هذه الجلسة الدستورية، يندرج في سياق تنزيل المخطط التشريعي لوزارة العدل، وهو مخطط تشريعي قِوامه إعادة النظر في مجموعة من النصوص القانونية الـمُهَيكِلة للنسق القضائي والحقوقي والمؤسساتي ببلادنا، من منطلق أن العدالة تظل عماد دولة المؤسسات، القائمة على احترام حقوق الأفراد والجماعات، وصون حرياتهم”.
وأشار النائب البرلماني إلى أن المجتمع المغربي يعرف تحولات كبيرة في بنياته العميقة، سواء على مستوى الأسرة، أو المدرسة، أو المجال العام، أو متغيرات مواقع التواصل الاجتماعي، أو على مستوى العنف والسلوك الإجرامي، الذي انتقل إلى فضاءات لـم تكن من قبل بالحدة التي صار عليها اليوم، وهو الأمر الذي تسنده الكثير من الدراسات والبحوث الاجتماعية والديمغرافية.
وأبرز النائب اتغلاست أن جدلية القانون والمجتمع هيمنت على النقاشات الكبرى في حقل سوسيولوجيا القانون، وتوزّعت في دراسة هذه الثنائية الأطاريح والنظريات والنماذج التفسيرية، في محاولة منها مقاربة فكرة أيهما يؤثر في الآخر، هل يقود القانون امتدادات المجتمع إلى بر الأمان، حيث العدالة المطلقة والأمن الدائـم، أم أن المجتمع هو الذي يُنتِج القاعدة القانونية بما يأتيه أفراده من أفعال وسلوكيات.
ومن وحي هذه المنطلقات التفسيرية، أوضح أتغلاست أن التشريعات تظل أساسيةً في تطوير المجتمع وتحديثه، وإحقاق ثقافة القانون بين أفراده، وتعزيز مبادئ المساواة بين مكوناته، وتهذيب السلوك الفردي والجماعي لمختلف شرائحه، لكن تفعليها يحتاج إلى بنيات تحتية عصرية، ومرافق حديثة، وموارد بشرية مكونة، ومؤهلة، وعلى قدر عالٍ من الكفاءة والإحساس بجسامة المسؤولية، وثقل الأمانة الملقاة على عاتقها في بناء صرح العدالة.
وأكد النائب أتغلاست أن تجربة الإنصاف والمصالحة، مثّلت لحظةً حقوقية وسياسية ومجتمعية مفصلية في التاريخ المغربي الحديث والمعاصر، بما تميّزت به من جرأة في التعاطي مع ملف حقوق الإنسان، والرغبة الصادقة في المضي قدما نحو المستقبل بإرادة صلبة، قِوامها القطع مع مختلف مظاهر الانتهاك أو الإساءة أو الحط من كرامة الإنسان، وهو ما تجسّد في التقرير الختامي للهيئة، وما تضمّنه من توصيات تعبّر عن تفّرد وتميز وأصالة التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، كما شكلت هذه التوصيات، إحدى أهم الأسس المؤطرة لدستور 2011.
ويرى النائب البرلماني أن التنصيص على حقوق الإنسان والالتزام بالمنظومة الدولية لحماية حقوق الإنسان، وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، لـم يظل حبيس تصدير الوثيقة الدستورية، بل وَجَدَ له موطئ قدم في الباب الثاني المخصص للحريات والحقوق الأساسية، من خلال تنصيصه على أن الحق في الحياة هو أول الحقوق، وأن القانون يحمي هذا الحق.
وأفاد النائب البرلماني أنه هو الفصل الدستوري الذي استحضر من خلاله تصويت المغرب، يوم الثلاثاء 17 دجنبر 2024، إيجابا بخصوص إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام أمام اللجنة الثالثة لمنظمة الأمم المتحدة، وهو القرار التاريخي والحكيم، الذي يندرجُ في إطار خيار الانفتاح الحقوقي المتدرج الذي سلكته المملكة المغربية، ومن شأن مشروع قانون المسطرة الجنائية، والقانون الجنائي في صيغته المراجعة مستقبلا، أن يعززا هذا المسار المتدرج في أفق الإلغاء النهائي لهذه العقوبة.
خديجة الرحالي