الأستاذ الجامعي بين المعرفة والسياسة: جسر لبناء حياة عامة متجددة ورافعة للتنمية وعدالة مجالية مستدامة

0 1٬536

يعيش المغرب اليوم في سياق اجتماعي واقتصادي يعرف الكثير من التحديات: تفاوتات مجالية صارخة بين المدن والقرى، إشكالات اجتماعية تمس الفئات الهشة، وأسئلة كبرى مرتبطة بسبل تحقيق تنمية مستدامة تضمن العيش الكريم لجميع المواطنات والمواطنين. وفي خضم هذا الواقع، يبرز سؤال أساسي: ما هو الدور الذي يمكن أن يضطلع به الأستاذ الجامعي في الحياة السياسية، وخاصة داخل حزب وطني يسعى إلى الإصلاح والتجديد مثل حزب الأصالة والمعاصرة؟

الأستاذ الجامعي وسيط بين المعرفة والسياسة

الأستاذ الجامعي يملك رصيداً علمياً يجعله قادراً على تحليل الظواهر المجتمعية بموضوعية، وترجمتها إلى لغة سياسية واضحة تُغني النقاش العام. هذه الوساطة بين العالم والسياسي تُقلّص الفجوة، وتسمح ببلورة سياسات عمومية أكثر نجاعة وواقعية.

من تجربة سابقة إلى انتماء متجدد

لقد أمضيت ازيد من عشرين سنه اشتغل وانشط داخل هيئه حزبيه اخرا، حيث سعيت للإسهام بخبرتي الأكاديمية في النقاش العمومي ولا سيما حول كل ما يرتبط بقضايا البيئة والتنمية المستدامة مع التركيز على المخاطر التي تهدد مسيرتنا التنموية بسبب الاختلالات والتغيرات المناخية. لكنني وجدت نفسي شيآ ما اسبح في فلك مغاير لما يتواجد فيه الاخر… اليوم والحمد للله، شاءت الاقدار آن اتواجد ضمن هيئة سياسية عريقة تُعطي فعلًا القيمة المستحقة للأستاذ الجامعي، وتجعله شريكًا في التفكير الاستراتيجي وصياغة الأهداف الواضحة. هدا يتمثل في جوهر الوثيقة المرجعية 2024 لحزب الأصالة والمعاصرة والذي من بين أشياء أخرى له منضور ومقاربه مختلفة فيما يتعلق بمعالجه قضايا البيئة، تلك المقاربة التي تعتمد على تغيير جدري للبردغمات Changement de Paradigme. انا متأكد ان المكانة التقديرية المعطاة للأستاذ الجامعي داخل حزب الأصالة والمعاصرة ستجعله، و من خلاله الجامعة المغربية، رافعة حقيقية للتطور والنمو وخلق الثروة، ومحركًا لمبادرات تقود بلادنا نحو مصاف الدول المتقدمة، حيث تظل التنمية البشرية أساس كل تنمية شاملة.

الجامعة المغربية: مختبر لإنتاج المعرفة

الجامعة المغربية ليست فقط مؤسسة للتدريس، بل هي فضاء لإنتاج المعرفة ومجال لتخريج مواطنين قادرين على رفع التحديات الراهنة والمستقبلية. من الرقمنة والذكاء الاصطناعي، إلى رهانات التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، يظل دور الجامعة تكوين جيل من الشباب المغربي القادر على الإبداع، والتفكير النقدي، وتحمل المسؤولية. وهنا يبرز دور الأستاذ الجامعي كحلقة وصل بين ما تُنتجه الجامعة وما يحتاجه المجتمع من حلول عملية.

دوري داخل منتدى التفكير للحزب

انتمائي لحزب الأصالة والمعاصرة أتاح لي الانخراط بعمق في منتدى التفكير للأساتذة الجامعيين، وهو فضاء يُعزز مكانة الجامعة في العمل الحزبي. ومن خلال رئاستي المشتركة للجنة البيئة والتنمية المستدامة، أعمل مع زملائي على بلورة أفكار ومقترحات عملية تُسهم في صياغة سياسات حزبية تعكس رهانات المغرب البيئية والمجالية. هذا الدور يربط البحث العلمي بالقرار السياسي، ويحوّل النقاشات الأكاديمية إلى برامج عملية تخدم المواطنين.

تبسيط الرؤية الحزبية وتقريبها من المواطن

من مهام الأستاذ الجامعي داخل الحزب أن يبسط مفاهيم المشروع السياسي للأصالة والمعاصرة، ويجعلها مفهومة وقريبة من المواطن. فالمغربي البسيط يحتاج إلى رؤية واضحة تُجيب عن أسئلة معيشه اليومي: فرص الشغل، العدالة المجالية، الصحة، والتعليم.

مواجهة المفارقات الاجتماعية والمجالية

أحد التحديات الكبرى أمام المغرب هو استمرار الفوارق بين الجهات، ووجود تفاوتات اجتماعية تهدد أحيانًا السلم الاجتماعي. وهنا يمكن للأستاذ الجامعي أن يُسهم في اقتراح سياسات تنموية تراعي الخصوصيات المحلية وتتبنى مقاربات تشاركية، خاصة في مجالات التعليم، الصحة، وتدبير الموارد الطبيعية. كما أن إدماج التنمية المستدامة في العمل السياسي هو مدخل لتجاوز هذه الفوارق وضمان العدالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

من الجامعة إلى الفعل السياسي

الأستاذ الجامعي ليس مجرد باحث منعزل داخل أسوار الجامعة، بل هو طاقة فكرية قادرة على صياغة بدائل عملية والمرافعة حول السياسات العمومية. انخراطه في السياسة هو تجديد للثقة بين المواطن والنخب، وبناء جسر يربط بين النظرية والممارسة، الجامعة والمجتمع.

وفي الختام، ارا ان حضور الأستاذ الجامعي داخل حزب الأصالة والمعاصرة، على مقربه الاستحقاقات الانتخابية القادمة، ليس مجرد قيمة مضافة، بل هو ضرورة لإعادة الاعتبار للسياسة كفن لخدمة المجتمع، وتحويل الأفكار الكبرى حول العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة إلى برامج ملموسة. كما أن الجامعة المغربية تظل ركيزة لإنتاج المعرفة وتكوين المواطن الفاعل، فيما يبرز منتدى التفكير للأساتذة الجامعيين داخل الحزب – وخاصة اللجنة الخاصة بالبيئة والتنمية المستدامة – كقوة اقتراحية ستسهم ايجابا في بلوره برنامج انتخابي من جيل جديد يدفع حزبنا نحو الريادة في قضايا التنمية البشرية، العدالة المجالية، التخفيف من اثار التغيرات المناخية، والانتقال الطاقي.

الدكتور خاد التمسماني
عضو نادي التفكير للأساتذة الجامعيين لحزب الأصالة والمعاصرة
الرئيس المشارك للجنة البيئة والتنمية المستدامة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.