الأصالة والمعاصرة.. معارضة بناءة وضمير المواطنين المغاربة

0 894

أنيس إبن القاضي

مداخلة قوية تلك التي قدمها أميننا العام عبد اللطيف وهبي، أمام البرلمان خلال جلسة عمومية للأسئلة الشفوية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة أمس الأربعاء، تحدث فيها أميننا العام كما لو كان يتحدث بلسان المواطنين المغاربة، الذين لم يستطيعوا إيصال صوتهم، فكان البام صوتهم.

لقد بسط السيد الأمين العام في مداخلته كل مناحي الارتباك الحكومي الذي عاشه المغاربة خلال تدبير حكومة السيد سعد الدين العثماني للجائحة وطريقة الإعلان المرتبكة للطوارئ الصحية.

لقد شخص وهبي مكمن الخلل في الأداء الحكومي، والذي ليس سوى انعكاسا لأزمة الحكومة وصراعاتها التي تشبه جزرا سياسية مختلفة وفق تعبير السيد الأمين العام.

رد فعل البيجيدي حول مداخلة وهبي وتوترهم وتسخير الكتائب الإلكترونية، لتسفيه دور المعارضة البناءة التي انتهجها حزبنا، يكشف لنا و وللمواطنين المغاربة، بجلاء حقيقة هؤلاء، كيف يرون المعارضة وكيف لا تعجبهم الأدوار الحقيقية لها، كما يمارسها حزبنا بتجرد ومسؤولية دون شعبوية فارغة أو بحث عن طنين / بوز “خاوي”، بعيدا عن لغة التطبيل والتمجيد الفارغة التي يقودها البيجيديون في مواقع التواصل الاجتماعي.

لغة المكاشفة والحقيقة والصراحة كما هي، التي لم تعجب لا رئيس الحكومة ولا حزبه، تضرب في نظري المتواضع في الصميم، الكلام الذي قيل عن تقارب مابين البام و البيجيدي، حتى قال البعض إن البام غير من أسسه الإيديولوجية التي انبنى عليها مشروع الأصالة والمعاصرة، واتهم الحزب بالانحراف عن إيدولوجيته ومغازلة البيجيدي.

لا أبدا.

مشروع البام الحداثي الديمقراطي، لم يتغير، بل وسيزداد وهجا مع الأمين العام عبد اللطيف وهبي، الذي جاء بطريقة عمل مختلفة، تعطي الأولوية للجهات، في أفق هيكلة موسعة للحزب وضخ دماء جديدة فيه.

نقاشات ومساهمات الأصالة والمعاصرة في القضايا التي تشغل المغاربة أعادت الحزب مجددا للساحة السياسية بنفس جديد، وتوغل في الجهات بعدما كان يُتهم بكونه حزبا للمركز، وما إعادة الهيكلة الجهوية للحزب عبر الأمانات الجهوية للأصالة والمعاصر، التي يقودها السيد الأمين العام سوى تجسيد لرؤيته للبام كحزب جهات وليس حزبا للمركز مع إعطاء الفرصة للطاقات والكفاءات الشابة.

هذه الدينامية التي يقودها السيد الأمين العام، ومناضلات ومناضلي الأصالة والمعاصرة، لم تتنكر لمشروع البام الأصلي ولم تنسلخ عنها، بل أنعشت الآمال لتحقيقها على أرض الواقع: مشروع حداثي يجسد القيمة الهواتية لـ” تامغريبيت” كقناعة حضارية عبر عنها المغاربة منذ فجر الاستقلال، مع رفض كل محاولات الوصاية على المجتمع ومحاولات التملك الفئوي.

لقد طالب أميننا العام من الحكومة تأسيس حوار شفاف وصريح من الحكومة كمسؤولة نحو الأحزاب السياسية وتقديم إجابات سريعة وآنية حول مواضيع الساعة، مع تشكيل لجنة استطلاعية لتحديد المسؤوليات حول الفشل الذي وصل إليه تدبير الطوارئ الصحية، وما شابها من ارتباك كقضية الإعلان عن الطوارئ الصحية وتدبير ملف المغاربة العالقين بالخارج

دور المعارضة البناءة الذي اتخذه الأصالة والمعاصرة للحديث عن انتظارات المواطنين المغاربة، ينطلق من الأهمية التي يوليها حزب جعل من أولويته خدمة المغاربة، وليس النظر إليهم كرقم في الانتخابات، التي لا حديث لغالبية الأحزاب السياسية سوى عنها، كما لو أننا في حملة انتخابية سابقة لأوانها.

لقد أعاد حزبنا التوازن للساحة السياسية الوطنية باتخاذه المعارضة البناءة، من أجل إيصال صوت المغاربة الذين ضحوا وصبروا في الحجر الصحي، والطوارئ الصحية، وصلوا للفقر من أجل حماية الوطن، ولا زال بمقدورهم الصبر فقط مع حكومة تتجاوب مع همومهم أو حزب يرون فيه ذاتهم كحزبنا، وخير دليل التفاعل الكبير الذي عرفته مداخلة الأستاذ عبد اللطيف وهبي.

لاشك أن الأصالة والمعاصرة سيكون رقما صعبا في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، فليست الانتخابات غاية بالنسبة لمناضليه، بقدر ما هي وسيلة لتسيير الشأن العام والاقتراب أكثر من المواطنين في كل الجهات، وتدعيم المسار الديمقراطي في بلادنا وتعميقه في الوقت الذي تتعالى الأصوات لتأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة تكنقراطية، وهذه الدعوة رغم تآكل طرحها وعدم قابليتها للتطبيق، فلن يزيدنا ذلك سوى تراجعا ونكوصا للمسار الديمقراطي الذي ضمنه جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

وحدها الأيام القادمة ستجعل من الأصالة والمعاصرة معادلة صعبة، يهابها الخصوم السياسيون قبل الأصدقاء.

أنيس إبن القاضي
الأمين الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة جهة درعة تافيلالت

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.