البيطار: الحكومة وعدت بتشغيل نصف مليون شاب في أفق 2020 غير أن المناصب المحدثة لم تتجاوز 28 ألف منصب !

0 410

قال، عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، السيد عادل البيطار، في إطار مداخلة في إطار المناقشة العامة لمشروع قانون المالية 2021، ليومه الخميس 12 نونبر الجاري، (قال) إن المسار الحقيقي الذي تتحاشى الحكومة الحديث عنه والاعتراف به، مسار ميزته التأثيرات السلبية على الاستقرار حيث توالدت الاحتجاجات الشبابية بالعشرات طيلة هذه المدة، خاصة في المناطق الهامشية أفضت إلى تشنجات واعتقالات ومحاكمات، ناهيك عن الفواجع شبه اليومية التي تأتينا من أعماق البحار حين تبتلع شبابنا بعدما انتصر الأمل في قوارب الموت على الأمل في الحكومة.

وفيما يتعلق بالنتائج المحققة على مستوى بعض القطاعات الاقتصادية المهمة، فلا بأس بداية من سرد مجموعة من الأرقام المهولة، يضيف البيطـــــــار:

يلج سوق الشغل سنويا ما يقارب 120.000 شخص، لدينا حاليا أزيد من 10 ملايين شخص في حالة عوز، 6 ملايين شخص في حالة فقر مدقع و8 ملايين شخص على عتبة الفقر، إضافة إلى 13 مليون شخص يجدون صعوبة في الحفاظ على مستواهم المعيشي، 32% من الساكنة من كامل الأسف أميون و16 مليون شخص غير مشمولين بأي تغطية صحية، كذلك 1.2 مليون عاطل على الأقل.

وبالنظر إلى هذه الأرقام يتم إدراك أنا نراوح مكاننا كل سنة، يبرز عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، وهكذا فميزانية المغرب تتعرض لإكراهين متوازيين، الأول خارجي من المؤسسات المالي الدولية وشروطها القاسية، وهي العجز والتضخم والمديونية إضافة إلى ضرورة الالتزام بمبدأ حرية السوق، والإكراه الثاني داخلي اجتماعي بالأساس، غالبا يتم بالإجابة عليه بحزمة من المسكنات أثبتت التجربة عدم فعاليتها.

ففيما يخص الإكراه الأول الذي تتم ترجمته عمليا بالحفاظ على التوازنات المالية، تكون نتيجته الواقعية غي ضغط مقدرات الاستثمارات العمومية، التي تتم الزيادة فيها بنسب ضئيلة لأسباب دعائية وسياسية صرفة. في 2016 كانت مبالغ الاستثمارات العمومية في حدود 189 مليار درهم، وفي 2020 بلغت 198 مليار درهم، والملاحظ هو تراجع هذه النسب مقارنة مع الناتج الداخلي الخام، أضف إلى ذلك، وزيادة على ضعف مبالغ الاستثمار العمومي، غالبا ما يتم إلغاء الاعتمادات غير المستهلكة مع اقتراب السنة المالية الموالية، فتنفيذ ميزانيات الاستثمار وصل فقط إلى 68.7%، وإذا أضفنا إلى ذلك سوء التدبير فإن المبلغ الحقيقي للاستثمار العمومي لا يتجاوز 100 مليار درهم.

ورغم هذه الوضعية التي تتواجد فيها المالية العمومية بيم المطرقة والسندان فإنه كان بالإمكان تحقيق نتائج أفضل لو أن معدل نمو الناتج الداخلي الخام احتفظ بالوتيرة التصاعدية بشكل مستدام، وهو ما لم تستطع الحكومة تحقيقه طوال السنوات التسع الماضية.

أما الإكراه الثاني، يوضح البيطار، فيتعلق بالتوازنات الاجتماعية: حيث تم بذل مجهود كبير في العشرين سنة الأخيرة للاهتمام بالفئات المعوزة، لكن كثرة البرامج وعدم وجود التنسيق بينها وفي بعض الأحيان لا يتم استهداف الفئات المعنية، كلها عوامل قلصت من فعالية هذا المجهود. ويمكن تقسيم هذه المبادرات الاجتماعية إلى نوعين: المساعدات الاجتماعية المباشرة الصرفة، والمساعدات ذات الهدف الاقتصادي رغم أنها ما زالت في بداياتها.

وأوضح المتحدث أنه ورغم كثرة البرامج، بقي الدعم المباشرة للاستهلاك طاغيا، فيما المبادرات التي تروم إحداث فرص الشغل والمدرة للدخل بقيت هامشية. كما أنه، وبعد تدقيق الأرقام بخصوص حصيلة برامج المساعدة المباشرة للفئات الهشة، وعلى عكس الأرقام التي يتم تقديمها من طرف الحكومة والتي تقول بأنها تفوق 12 إلى 14 مليار درهم، تبين لنا بأنها لم تتجاوز 2.5 مليار درهم مثلا في 2019؛ لأن تكاليف المقاصة التي ضخت فيها الدولة حوالي 18 مليار درهم لا يستفيد الفقراء منها إلا بنسبة 15% تقريبا حسب دراسة أنجزتها مندوبية التخطيط وكذلك بنك المغرب. وفي 2017 لم تتعد الأسر المستفيدة من برنامجي المقاصة وراميد، أكثر من 70.000 أسرة، مع مبلغ لا يتجاوز 4.5 مليار درهم.

وخلاصة الأمر، فكل البرامج الاجتماعية المتفرقة وكثرة المتدخلين، وعدم استهداف الفئات المعوزة بشكل عادل، إضافة إلى تأخر إخراج السجل الاجتماعي الموحد لتدبير مختلف هذه العمليات بشكل ناجع تجعل هذه المبادرات غير فعالة، والمبالغ الإجمالية المخصصة لها لا تتعدى 6.5 مليار درهم في 2019، لساكنة تفوق 10 ملايين شخص، أي 650 درهم للشخص الواحد على أقصى تقدير، مع الإشارة إلى أن هذه العمليات التي تهتم بالأنشطة المدرة للدخل لا تتعدى نسبة 0.5% من مجمل المبالغ المخصصة لهذه المساعدات.

كما أن البرامج الاجتماعية المتعلقة بمحاربة البطالة والإنعاش الوطني، تصعب دراستها لتداخل السياسي مع ما هو تشغيلي، وكذلك بعض العمليات التي تهتم بالبنيات التحتية الضرورية، كالربط بالكهرباء والماء والمسالك، فهذه عمليات من صلب العمل العادي لكل القطاعات.

ونظرا لكون الوضعية لن تتغير في المدى القريب بفعل السياسات المقترحة، وما تفرضه من أولوية للتوازن المالي، وفي ظل تواضع الناتج الداخلي الخام، “وإذا أضفنا إلى ذلك ضعف مستوى التعليم ببلادنا، سندرك أن البرامج الاجتماعية تبقى مجرد مسكنات لا أقل ولا أكثر”. يتسرسل البيطار.

أما في ما يخص القطاعات الاقتصادية، فقبل التعرض لأية تفاصيل، لا بد من وضع الأصبع على الإشكال المركزي المتمثل في كون المنهجية الحكومية مختلة من منطلقاتها، إذ لا يعقل برمجة مشروع قطاعي كيفما كان ون التوفر مسبق على استراتيجية اقتصادية واضحة ومبرمجة زمنيا، الشيء الذي يعني أن التفكير في أي قطاع يتم بمعزل عن القطاعات الأخرى، والنتيجة هي ما يعنيه من عدم اندماج الإمكانيات وبالتالي اندماج النتائج.

ومن تجليات هذا الاختلال وجود أزيد من 50 برنامجا قطاعيا في وضع تغيب فيه القيادة السياسية المتمكنة الجامعة في رئاسة الحكومة. ولعل التعبير الأكثر تداولا طوال هذه السنوات هو غياب التضامن الحكومي ما يؤثر على تدبير هذه البرامج وضمان الانسجام فيما بينها.

ويشير البيطار في هذا الإطار، إلى أنه وفيما يخص القطاع الفلاحي أول شيء ينبغي الوقوف عليه بعد مضي 11 عاما على بدء المخطط الأخضر ورغم إلحاح الكثير من نواب الأمة والفاعلين المؤسساتيين والباحثين في الميدان الزراعي، لا أحد توصل بأي دراسة تقييمية لهذا المخطط رغم أن الوزارة تتوفر على دراستين تقييميتين وتم أداء أتعابها من المال العام ولا شيء نشر، فضلا عن دراسة الإحصاء الزراعي التي يبدو أنها متوفرة منذ 2017 ولا شيء وضع منها رهن إشارة العموم والباحثين بالخصوص. فما الذي يجعل الوزارة تتحفظ على توفير المعلومة التي يبيحها القانون اللهم إلا إذا كان مضمون هذه الدراسات لا ينسجم والصورة الوردية التي تجتهد الوزارة في تعهدها.

هذا، وانطلاقا من الأرقام التي توفرها كل من وزارة المالية والمندوبية السامية للتخطيط وكذا المجلس الأعلى للحسابات، يتبين أن فيما يخص التشغيل بالقطاع، تم فقدان 32.000 منصب شغل صافي بين 2008 و2018. وفيما يخص مضاعفة الناتج الداخلي الخام الفلاحي فإن الزيادة طيلة عشر سنوات لم تتجاوز 30 في المائة، أي من 97 مليار سنة 2009 إلى 126 مليار درهم سنة 2019، وقد كان من الممكن أن تكون النتيجة أفضل لو تم التركيز على آليات دعم المبادرات أي المواكبة والتأطير متبوعة بخطوات استباقية في تدبير التسويق خصوصا على مستوى التصدير.

وفيما يتعلق بمخطط التسريع الصناعي، يضيف عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة بقوله: “نلاحظ أن مجهودات كثيرة بذلت لكنها تركزت بالأساس في قطاعات انتقلت من 40% كنسبة اندماج إلى 60%، لكنها محدودة في بعض القطاعات فقط، وهناك مجالات متعددة لم يبذل فيها الجهد الكافي رغم أنها في المتناول”.

كما أن الحكومة وعدت بأن يشغل هذا المخطط نصف مليون شاب في أفق 2020، غير أن النتيجة كانت صادمة حيث لم تتجاوز المناصب الصافية المحدثة 28 ألف منصب. كما أن صندوق التنمية الصناعية لم يصرف إلا 30% من المبلغ المخصص لقطاع الأدوية ولم يصرف إلا 40% من المبلغ الذي كان مخصصا لقطاع مواد البناء.

وإجمالا لم يصرف إلى حدود 2018 إلا 11 مليار درهم أي 60% من الاعتمادات المرصودة. ورغم ارتفاع الصادرات الصناعية بنسبة 7% كمتوسط سنوي فقد ارتفعت كذلك الواردات ب 8% لنصل إلى عجز في تغطية الواردات الصناعية متفاقم باستمرار، فبعدما كانت التغطية في حدود 65% سنة 1998، انحدرت إلى 53% سنة 2018.

وبخصوص المؤسسات العمومية، قدم الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، مجموعة من الملاحظات منذ سنة 2017 لكنها لم تؤخذ بعين الاعتبار، خاصة في ظل مراكمتها لقروض مرتفعة جد مرتفعة حيث إن ثلث الدين العمومي متمركز لدى هذه المؤسسات، ومردوديتها المالية جد ضعيفة، في حدود 1.5%، ومساهمتها في مالية الدولة لا تتعدى 9 مليار درهم. كما أن أموالها الجارية تستفيد منها الأبناك أكثر من الخزينة العامة، وهي نفس الأبناك التي تقرض الخزينة العامة كل أسبوع.

وعلى مستوى الحكامة، فإن أغلب المؤسسات الكبرى لا تخضع لمراقبة مالية عكس المؤسسات الصغيرة، ناهيك عن كون كثير من المؤسسات العمومية أصبحت تمارس مهاما غير تلك التي أنشئت من أجلها. وفيما يخص الأمن الطاقي، وعوض التوفر على صناعة تحويلية وقدرة على التخزين تم إطلاق أيدي الخواص لتستفيد حفنة من الشركات من وضع احتكاري مبني على الاستيراد والتسويق.

مـــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.