التويزي: رهانات الجهوية ببلادنا كثيرة وتحتاج لتوحيد التصور وعدم تشتيت القرار بين مخاطبين متعددين

0 890

قال نائب رئيس مجلس جهة مراكش أسفي السيد أحمد التويزي، خلال حلوله ضيفا على برنامج قضايا وآراء، مساء يوم الثلاثاء 22 يناير، ضمن حلقة ناقشت موضوع: ” تطور تنزيل ورش الجهوية المتقدمة”، (قال) إن ميثاق اللاتمركز الإداري جاء بعد خطب متعددة للملك محمد السادس بهذا الشأن، معتبرا أن وجود جهوية متقدمة فاعلة يجب أن يواكبها لاتمركز إداري، أي أن يفوت المركز اختصاصات واسعة ليس إلى المصالح الخارجية للوزارات، ولكن إلى المخاطب الوحيد الذي يجب أن يكون أمام رئيس الجهة ألا وهو والي الجهة، فولاية الجهة يجب أن يتغير وضعها الراهن حتى تتماشى مع التغيرات الملحوظة لبناء علاقة جديدة بين ممثل الإدارة- المركز أي “الوالي” وممثل المنتخبين “رئيس الجهة”.

وأوضح التويزي، أن الإرهاصات الأولى للجهوية ببلادنا ظهرت قبل 1997 أي قبل صدور القانون المنظم لعمل الجهات. وذكر المتحدث أن المقارنة بين تجربتي 1997 وما وصلنا إليه بعد دستور 2011 على مستوى تنزيل “الجهوية” عنوانها تسجيل تطور كبير في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بالاختصاصات التي أسندت للجهات عن طريق القانون التنظيمي 111.14.

بالمقابل، أشار التويزي إلى حدوث نوع من التداخل بين اختصاصات مجالس الجماعات الترابية ومجالس العمالات-الأقاليم ومجالس الجهات، والتي نجد أنها أحيانا تمارس نفس الصلاحيات خصوصا في المجالات الحيوية (الماء، الطرق ..)، هذا دون إغفال كون قطاعات حكومية تقع على عاتقها مسؤولية تدبير هذه المجالات بالنظر إلى أنها تتوفر على إمكانيات أكبر وصلاحيات أوسع.

وبلغة التفاؤل، اعتبر التويزي أن تجربة الجهوية الموسعة، وبعد مرور 3 سنوات من انطلاق العمل بها ببلادنا، فإنها حققت عدة نتائج مهمة، خاصة على مستوى بناء الجهات للمخططات الجهوية للتنمية.

وفيما يتعلق بالآمال المعقودة اليوم على الجهة، قال التويزي إنه عندما كان هناك نقاش عمومي طويل ببلادنا لبلورة المضامين الكبرى للجهوية الموسعة، كان منسوب الثقة في المشروع (الجهوية الموسعة) لدى المواطنين كبيرا جدا على أن هذا الأخير سيحل جميع الإشكاليات المطروحة التي تتخبط فيها الجهات والأقاليم، لكن الواقع، يضيف التويزي، هو أن القانون 111.14 شابته العديد من نقاط الضعف التي واجهت واقع تدبير الشأن الجهوي، وخاصة فيما يتعلق بالإمكانيات المادية (رصد 7 ملايير درهم لتدبير 12 جهة سنة 2019)، حيث أن ما يرصد للجهات مقارنة مع ما يتوفر بالمركز فهو رقم ضعيف جدا. وضرب التويزي مثلا على ذلك بكون الميزانية المرصودة لتدبير شؤون جهة مراكش أسفي أقل من ميزانية تدبير مجلس مدينة مراكش؟، في حين كان المواطن في الجهة ينتظر أن يحدث مجلس الجهة طفرة على جميع المستويات.

وعبر التويزي عن تخوفه من أن يظل الاعتقاد السائد لدى المواطن، بإيعاز من الحكومة، كون الجهات هي التي تمتلك زمام الأمور، مستشهدا في ذلك بما ورد على لسان رئيس الحكومة في جلسة برلمانية سابقة فيما يتعلق بالتشغيل كونه “اختصاص حصري للجهات”، وهو الأمر الذي اعتبره التويزي غير منطقي، بالنظر إلى أن الجهات، وعلاقة بموضوع التشغيل، تلعب دورا بمعية قطاعات ومؤسسات حكومية كثيرة جدا، والقصد من التشغيل هنا ليس هو توظيف 20 أو 30 فردا، بل هو خلق دينامية استثمارية منتجة قادرة على توفير فرص شغل قارة لعدد كبير من المستفيدين.

وبخصوص تدبير الاختصاصات على مستوى الجهة، اعتبر التويزي أن هناك ارتباك كبير جدا من طرف المعنيين في تدبير اختصاصاتهم، إضافة إلى النقطة المرتبطة بتحديد الأولويات، فتصور تأطير البرامج الجهوية للتنمية يختلف من جهة إلى أخرى ببلادنا، حيث أنها أي البرامج انطلق العمل بخصوصها قبل صدور المرسوم المنظم، حيث أن مدبري جهات عقدوا لقاء مع المنتخبين وفعاليات المجتمع المدني لبلورة تصور حول حاجيات وأولويات هذه الجهات. والحال أن البرامج الجهوية للتنمية مرت عبر وزارة الداخلية ولم يصادق عليها إلا بعد سنة من ذلك، مصادقة اقتصرت على ما يتعلق بالاختصاصات الذاتية للجهات، وتسائل التويزي عن تغييب إطار للعلاقة بين التصميم الجهوي لإعداد التراب والبرنامج الجهوي للتنمية وكذا عدم تحديد العلاقة بين ذات التصميم ومخططات الجماعات الترابية !

وقال التويزي من موقع المستشار البرلماني، أن جهودا بذلت حتى يكون مجلس المستشارين بمثابة صوت الجهات وأن يكون فضاء للنقاشات التي تدور حاليا، لبلورة تصور أقرب إلى التصور الموحد بشأن المخططات والبرامج الجهوية للتنمية. وتحدث التويزي عن نقطة مضيئة في التدبير الجهوي ألا وهي تجربة “دار المنتخب” بجهة مراكش أسفي والتي تقوم بمهام التكوين والتأطير لفائدة الأطر والموظفين والمنتخبين، والتي أصبح لها صيت دولي عبر خلق شراكات مع ألمانيا، فرنسا، والبرتغال ..إضافة إلى الانفتاح على المحيط الإفريقي.

وبخصوص الاختصاصات الذاتية، قال التويزي إن التوجيهات الملكية أكدت على أن تلك الاختصاصات يجب أن تكون مضبوطة حتى لا يتم إثقال كاهلها، وتفادي الارتباك والتداخلات وتكرار المهام بين مدبري الجهات وباقي المؤسسات.

وعن مسؤولية الحكومة بخصوص إنجاح ورش الجهوية، قال التويزي إنها ترتبط بشكل كبير بالإمكانيات المرصودة للجهات، وذكر المتحدث أن الحكومة أخفقت فيما يتعلق بميثاق اللاتمركز الإداري لأن الانتظارات لم تكن هي أن يفوت الوزراء بعض الاختصاصات وبعض السلط والإمكانيات للمسؤولين جهويا وإقليميا كآمرين بالصرف، في حين أن ميثاق اللاتمركز يفتح المجال أمام تعدد المخاطبين، علما أن المفروض هو أن يكون المخاطب هو الوالي باعتباره ممثلا للدولة ويسهر على تنفيذ السياسات العمومية. وبالتالي تعدد المخاطبين يحيل على تعدد الآمرين بالصرف الأمر الذي يشكل وجها من أوجه الفشل.

وطرح نائب رئيس مجلس جهة مراكش أسفي آفاق العلاقة التي ستجمع مدبري شؤون الجهات وممثلي الحكومة في الجهات، وأكد على عدم تشتيت القرار الذي يجب أن يكون لدى مؤسسة واحدة (مسؤول أمام الوزراء والحكومة وأن يكون الآمر بالصرف) للمساهمة الفعالة في إنجاح هذا الورش الجهوي الكبير.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.