المواطنة.. والمشاركة السياسية

0 1٬539

تقديم:
تعد المواطنة من القضايا القديمة المتجددة التي ما تلبث أن تفرض نفسها عند معالجة أي بعد من أبعاد التنمية بالمفهوم الإنساني الشامل بصفة خاصة ومشاريع الإصلاح والتطوير بصفة عامة.
ويفسر ذلك ما تناله المواطنة من اهتمام على المسارات التالية:

تشريعيا: حيث تتضمن دساتير جميع دول العالم تقنينا لحقوق المواطن وواجباته.
 تربوياً: حيث نظم التنشئة التي تسعى إلى تكريس وعي المواطنة قيماً وممارسات لدى النشء من أجل تحقق الاندماج الوطني.
سياسيا:  في صورة بنى وآليات مؤسساتية تستوعب مشاركة أفراد المجتمع في بنية الدولة الوطنية الديمقراطية .

وفي هذا السياق، احتلت هذه القضية مساحة كبيرة في الدراسات السياسية والاجتماعية والتربوية، وتعددت أبعاد المواطنة في علاقاتها الممتدة عبر قضايا تتمحور في علاقة الفرد بالمجتمع والدولة من خلال أطر قانونية منظمة للحقوق والواجبات، ومبينة مواصفات المواطن وأبعاد المواطنة حسب المنابع الفكرية للدولة ومرجعية نظرياتها السياسية.

كما تعرف المواطنة بأنها صفة المواطن الذي ينتمي للوطن وبانتمائه هذا يترتب عليه واجبات ك: الولاء، والدفاع، وأداء العمل، ويسن له حقوق كحق التعليم، والرعاية، والعمل… وعليه؛ فإن المواطنة هي علاقة وطيدة محددة بدستور وقوانين تربط بين الفرد ودولته، شرط أن تضمن له المساواة بين المواطنين، والعيش المشترك والمشترك والنظام الديمقراطي.

في هذا السياق، تبرز إشكالية مركزية تروم فهم وتحليل طبيعة المواطنة وتتحدد في طرح سؤال حول الدور الذي يلعبه هذا المفهوم في المشهد السياسي المغربي.
ولمحاولة الإجابة عن هذه الإشكالية المركزية، سنقسم الموضوع إلى محورين أساسيين، حيث سنتطرق أولا إلى مفهوم المواطنة، ثم الانتقال بعد ذلك إلى مقومات المواطنة.
أولا: مفهوم المواطنة

‏ تعني المواطنة الفرد الذي يتمتع بعضوية بلد ما، ويستحق بذلك ما ترتبه تلك العضوية من امتيازات. وفي معناها السياسي، تُشير المواطنة إلى الحقوق التي تكفلها الدولة لمن يحمل جنسيتها، والالتزامات التي تفرضها عليه؛ أو قد تعني مشاركة الفرد في أمور وطنه، وما يشعره بالانتماء إليه. ومن المنظور الاقتصادي الاجتماعي، يقصد بالمواطنة إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، بحيث لا تشغلهم هموم الذات عن أمور الصالح العام، وفضلا عن التفاف الناس حول مصالح وغايات مشتركة، بما يؤسس للتعاون والتكامل والعمل الجماعي المشترك.

إن واقع مفهوم المواطنة بالمغرب في ارتباطه بالمشاركة السياسية يؤكد على أن شروط نضج هذا المفهوم لم تتحق بعد، حيث أكد على ذلك كل الفاعلين السياسيين وكذلك المهتمين بالشأن السياسي المغربي، ذلك أن الوقوف عند السلوك الانتخابي الذي هو تمثيل حي للمشاركة السياسية وأمام تفاصيل بعض الأرقام والمؤشرات التي تفيد اطراد صعود مؤشرات العزوف السياسي، بشكل يحمل على عدم الاطمئنان في تكريس المواطنة الحقة من خلال المشاركة السياسية الواسعة، وإقرار دعائم دولة الحق والقانون ومجتمع المواطنة.
ثانيا: مقومات المواطنة

تتعدد الثقافات وتختلف العقائد والقيم والمبادئ بين المجتمعات، إلا أن هناك مجموعة من المقوِمات الأساسية والمشتركة للمواطنة بين بلد وآخر، وهي كالآتي:
• المساواة وتكافؤ الفرص: يجب التساوي بين جميع أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات، وإتاحة جميع الفرص أمامهم باختلاف عقائدهم الدينية، ومعتقداتهم الفكرية، وانتماءاتهم السياسية، حيث يمكن تحقيق ذلك بوجود ضمانات قانونية وقضاء عادل ونزيه ينصف كلّ من تتعرض حقوقه للانتهاك.

• المشاركة في الحياة العامة: ينبغي فتح المجال للمواطنين للمشاركة في جميع المجالات السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، بدءا من حق الطفل في التربية والتعليم، مرورا بحرية الأشخاص الفكرية، وحقهم بالاستفادة من الخدمات العامة، ومشاركتهم بالأنشطة الثقافية المختلفة، وانتهاء بحقهم في الانخراط بحرية في الأحزاب السياسية، وتولي المناصب العليا، والمشاركة في صنع القرار.

• الولاء للوطن: تسمو علاقة الفرد بوطنه عن أيِ علاقة أخرى، ولا تنحصر في الجانب العاطفي والشعور فقط بالولاء وإنما إدراكه من خلال الاعتقاد الدائم بأهمية التقيد التام بالالتزامات والواجبات تجاه الوطن، والشعور بالمسؤولية لتحقيق النفع العام وبأن كل فرد معني بخدمة وطنه وتنميته والرفع من شأنه.


رشيد بطيطي
عضو المجلس الوطني ـ مغاربة العالم كندا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.