غيلان: تنتظرنا تحديات كبيرة والمطلوب اليوم هو عـــدم “تقزيم” المنتخب المحلي و”حصر” أدواره وصلاحياته

0 748

حل، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس جماعة طنجة السيد محمد غيلان، ضيفا على ندوة تواصلية “عن بعد”، نظمها مركز ابن بطوطة للدراسات وأبحاث التنمية المحلية، حول موضوع: “المنتخب المحلي وسؤال الحكامة”.

في البداية ترحم غيلان على روح الفقيد الوزير الأول الأسبق والمجاهد السيد عبد الرحمان اليوسفي الرجل الذي مارس السياسة بنبل وأخلاق وكانت له بصمته الخاصة في المشهد السياسي المغربي.

غيلان أشار بداية إلى أن الإشكال الدائر حول الفاعل السياسي، هو أنه مؤخرا كانت هناك رغبة في تجديد الخطاب السياسي، أي أن يكون خطابا أساسه الموضوعية والواقعية. والنقاش الدائر حول مشكل الفاعل السياسي في المغرب ومنتوج الفعل السياسي كان حوله جدال وطرحت حوله عدة تساؤلات من المجتمع ومن المغاربة بصفة عامة، إلى حدود وصول فيه التساؤلات حول: ما دور المنتخبين؟ ما دور المؤسسات المنتخبة؟ ما الجدوى من الانتخابات أصلا؟.

وهذا إشكال خطير، يقول غيلان، لأنه كان يجب على الأحزاب السياسية أن تقف وقفة تأمل لدراسة وتحليل هذه التساؤلات، لماذا؟ لأنه أصبح يقال بأن الفاعل السياسي أصبح فاعل وجوده كعدمه. أما المسألة الثانية اتسم على أنه فاعل سياسي غير قادر لا يمتلك القوة الاقتراحية، ولما جاءت جائحة كورونا أزمت الوضع وفضحت وأماطت اللثام عن هذا الفاعل السياسي.

ثانيا السؤال المطروح، سيظل مطروحا حتى بعد كورونا، ويتعلق بمردودية ومنتوج الفاعل السياسي. وهنا يتساءل غيلان هل الجماعات الترابية هي الفاعل أساسي في التنمية وإلى أي حد؟. مضيفا في نفس السياق إلى حدود تفعيل مضامين الديمقراطية التمثيلية، وكلما رفعنا من من مستوى تفعيل الديمقراطية التمثيلية بالاعتماد على الكفاءات القادرة على تسيير الشأن المحلي سنكون أحسن. وبالتالي المشرع كان حكيما وأعطانا ترسانة من القوانين سواء على مستوى الدستور في الرفع من إيقاع الجماعات الترابية سواء على مستوى الدستور أو القوانين التنظيمية وعلى رأسها القانون التنظيمي 14-113 الذي جاء بفسحة وهامش موسع في إطار الصلاحيات والاختصاصات الخاصة بالمجالس الترابية، (القانون التنظيمي) جاء بخلاف كبير مع ميثاق الجماعي الذي كان من قبل أي 00-78.

وأشار المتحدث إلى أن هذه التحولات على مستوى الترسانة القانونية التي جاءت تفتح المجال للناس للإطلاع على الإشكالات العالقة التي كانت تطبع التسيير في السابق، كما أن تجديد العلاقة ما بين السلطة والجماعات، هذه العلاقة التي تحولت من سلطة الوصاية إلى سلطة مصاحبة، هذا التجديد في العلاقة بين الجانبين شيء إيجابي.

فهل الفاعل السياسي استغل هذه التصحيحات على مستوى الترسانة القانونية واستغل هذا التناغم مع السلطة في إطار المصاحبة، يضيف غيلان، وكذلك على مستوى مجالس المقاطعات هناك صلاحيات كبيرة وموسعة خصوصا سواء أكانت صلاحيات ذاتية أو المنقولة أو المشتركة. إذن هذه هي الفسحة المقصودة فيما يخص الترسانة القانونية.

ثانيا، عند الحديث عن التنمية، فإنني دائما ما أردد أنه لا تنمية بدون موارد مالية، والمشكل الذي وقع هو أن عندما جاء المشروع طنجة الكبرى من ضمن المشاريع التنموية الكبرى التي قامت بها الدولة على مستوى المدن، هذه المشاريع رفعت من مستوى إيقاع الفاعل السياسي فيما يخص تدبير الشأن العام. فهل هذا الفاعل في مستوى سقف المنجزات، وقادر على التغلب على الإكراهات؟.

رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس جماعة طنجة أشار إلى أن المطلوب هو عدم “تقزيم” دور الفاعل السياسي والمنتخب المحلي في “القفة” (معطى أفرزته بالخصوص تبعات جائحة كورونا). فعند حصر الفاعل السياسي في هذه المهمة أي توزيع القفة فإننا نبخس دوره ببساطة لأن الفاعل السياسي ليس هذا هو دوره. وأكد غيلان في نفس الإطار على أن الفاعل السياسي دوره يتمثل في اتخاذ القرار المناسب خلال الوقت المناسب، معتبرا أن الجماعات الترابية المحلية لديها برامج عمل يجب أن تتجدد وفق لما أفرزته معطيات ونتائج الجائحة.

وتساءل المتحدث إن كانت هذه الجماعات قد قدمت تصورا عمليا للخروج من عنق الزجاجة من الناحية المالية، حيث هناك انهيار خطير جدا بهذا الشأن؟، وهل قدمت تصورات حول برنامج عمل ما بعد الجائحة؟ … هذا هو دور الفاعل السياسي، يقول غيلان، أما القفة فقد تولى أمرها المحسنون بمعية الجمعيات .. وحتى المنتخبون قاموا بدورهم في هذا الإطار لكن دون مزايدات سياسية أو ما شابه.

وأضاف غيلان أن الفاعل السياسي هو منتوج الأحزاب السياسية التي لم تقرأ رسالة المجتمع المغربي، حيث أن هذه الأحزاب لم تبرح مكانها وما تزال متموقعة في نفس المكان. مشددا على أن الأحزاب السياسية في حاجة اليوم إلى القيام بالنقد الذاتي، وتنزيل الديمقراطية الداخلية حتى تفرز نخبا قادرة ومتمكنة (عبد الرحمان اليوسفي وآخرون … نموذجا) على اعتبار أن سلالم الارتقاء داخل الأحزاب السياسية معطلة لا تشتغل، وحتى هذا الارتقاء يخضع في الكثير من الأحيان لمنطق القرابة والولاءات.

الفاعل السياسي ليس له حاضن بمعنى أن المجتمع المغربي لا يعترف بالأحزاب السياسية والدليل واضح هو ان هناك مجموعة من المؤشرات حيث ما نسبته 2 في المائة ممن لها الحق في التصويت تنخرط في الأحزاب السياسية، وهو مؤشر يدل على أننا في حاجة لإعادة النظر في اللبنة السياسية-الحزبية في المغرب. وفي نفس الإطار 1 في المائة من مجموع الشباب المغربي ينخرطون في الأحزاب السياسية و0.2 في المائة فقط يمارسن العمل السياسي عن طريق الأحزاب، وأمام هذا الوضع، كيف نريد أن يكون عندنا منتوج لفاعل سياسي كفء يتساءل غيلان؟.

إلى ذلك، أوضح غيلان أن لا مجال لاختباء الفاعل السياسي وراء “كورونا” وتبعاتها، فالجائحة تدبر وفق إطار استراتيجي للدولة (حيث تم تحقيق نتائج جيدة بشهادة الجميع) وهذا أمر لا غبار عليه، منبها إلى عدم فتح المجال ل”تنافس مفتعل” بين الدولة والمنتخب المحلي في موضوع تدبير الجائحة. وأشار رئيس الفريق بمجلس جماعة طنجة على أن الفاعل السياسي يجب أن يكون ذو فعالية كقوة اقتراحية في تسطير برامج لمحاربة الوباء داخل الرقعة المحليـــة. وهنا سيعود غيلان للحديث عن مشروع طنجة الكبرى الذي رفع من مستوى المدينة لكن لم تصاحبه مبادرات ذات قوة بالنسبة للفاعل السياسي، والحال أنه نعيش أزمة إنتاج فاعل سياسي ب “كاريزما” في المستوى.

غيلان شدد على أن كل القوى السياسية في بلادنا تنخرط في تفعيل الخيار الديمقراطي، والفاعل السياسي هو جزء من الخيار الديمقراطي والمسار الديمقراطي الذي يشهد اليوم مصالحة متميزة بين المواطن والدولة وهو ما تجلى بوضوح خلال فترة الجائحة. وهو نهج يجب أن يسير على دربه الفاعل السياسي المنتخب المحلي خصوصا وأننا مقبلون على استحقاقات مستقبلية كبيرة تحتاج إلى كفاءات لنتجاوز “أزمة المنتخب المحلي”، بحيث أن الاشتغال يجب أن يكون على أساس التعاقد بين المرشح والمواطن من أجل خدمة الصالح العام، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والأحزاب وتجاوز لغة التلاسن بين الفاعلين السياسيين، وكل ذلك من أجل تحقيق الغايات الكبرى للفعل السياسي- الحزبي ألا وهي تأطير المواطن وخدمة مصالحه من مختلف المواقع والمسؤوليات.

مــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.