لكريني: التدخل المغربي في الكركرات آلية لحفظ السلم العالمي، وإصرار الجزائر على دعم الانفصاليين مجال “للتنفيس” عن أزماتها الداخلية المختلفة

0 497

اعتبر، مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات وأستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق- مراكش، الدكتور إدريس لكريني، أن تنظيم الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة مراكش- أسفي، لندوة تفاعلية حول موضوع “مستجدات القضية الوطنية”، له أهميته، ذلك أن الأمر يتعلق بشأن يسائل الفاعل السياسي، والفاعل الجامعي، والفاعل المدني، إلى جانب –بطبيعة الحال- الفاعل الرسمي.

مداخلة لكريني التي انصبت على سياق ودلالات تحرير معبر الكركرات، أشار المتحدث في مطلعها إلى أنه، وعلى امتداد السنوات الأخيرة، شهد ملف القضية الوطنية مجموعة من التطورات الملحوظة سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، وهذه التطورات كان له أثر كبير ونتائج جد إيجابية فيما يتعلق بدحض وإفشال مجموعة من التحركات والطروحات التي قادتها جبهة “البوليساريو”.

فعلى المستوى الداخلي تحدث لكريني عن السعي لترسيخ الديمقراطية المحلية وتعزيز الخيار الجهوي إضافة إلى طرح مشروع الحكم الذاتي، أيضا الحرص على مواكبة الأقاليم الجنوبية ضمن المشاريع التنموية وخاصة بعد طرح النموذج التنموي لهذه الأقاليم، وكذلك الرغبة في جعل هذه الأقاليم تحظى بمكانة متميزة في سياق انفتاح المغرب على القارة الإفريقية وخصوصا بعد تعزيز تواجده بهذه القارة عبر انضمامه للاتحاد الإفريقي.

أما فيما يتعلق بالمستوى الخارجي، فالكل يعرف ما قامت به الدبلوماسية المغربية سواء في شقها الرسمي بقيادة جلالة الملك، أو الدبلوماسية الموازية التي تلعب فيها الأحزاب السياسية الوطنية دورا كبير إلى جانب الفاعل الاقتصادي، الفاعل الأكاديمي والفاعل المدني، وطبعا هذه الجهود ردت في المحافل الدولية بصورة جادة ومسؤولة معتمدة على المرافعة القانونية والواقعية، (ردت) فيما يتعلق بمواجهة مختلف “الأوهام” والطروحات المتجاوزة سواء تلك المتعلقة ب “الاستفتاء” الذي لم يعد له أي مكان في القرارات الأممية الأخيرة كما هو الحال داخل مجلس الأمن.

إضافة إلى ذلك، يقول لكريني، تستمر المحاولات الفاشلة ل “البوليساريو” في اتجاه الدفع نحو توسيع صلاحيات “المينورسو” لتطال مراقبة مجال حقوق الإنسان، والجميع يتذكر الصرامة والرفض الكبير الذي واجه به المغرب هذه المحاولات وكيف نجح في إقناع المجتمع الدولي بأن حقوق الإنسان مجال مفتوح في المغرب، وأن هذا الأخير ليس في حاجة إلى أية جهة، لكي تراقب أوضاع حقوق الإنسان ما دامت هذه الحقوق مضمونة وما دام المغرب قد حقق مجموعة من المكتسبات لا على مستوى الاتفاقيات الدولية أو على مستوى شهادة مجموعة من المنظمات الدولية المتخصصة في هذا المجال أو على مستوى تعزيز الترسانة القانونية.

وأشار لكريني في سياق متصل إلى أن “البوليساريو” قامت بخطوات في محاولة منها لاستغلال أو توظيف ما يسمى باستغلال الثروات الطبيعة، وهذا أيضا وهم استطاع المغرب بكل جدية ومسؤولية أن يدحضه وخاصة فيما يتعلق بإقناع الاتحاد الأوروبي وإقناع الأمم المتحدة وكذا الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الجهات التي عبرت من خلال العديد من السلوكات لا تؤمن بالطرح الذي حاول “البوليساريو” أن يسوقه في هذا الشأن.
الانحرافات التي شهدتها منطقة الكركرات، يسترسل لكريني، في الآونة الأخيرة، لا يمكن معها أن نغفل السياق المشار إليها بكل التفاصيل سلفا، فالانحرافات جاءت من أجل نهج سياسة الهروب إلى الأمام والبحث عن ذرائع جديدة، ومحاولة تصريف الأزمة التي باتت تعيشها البوليساريو على المستوى الداخلي محاولة لإقناع من تمثلهم بجديتها وبرغبتها بالفعل في إيجاد حل سلمي ومتفق عليه يأخذ بعين الاعتبار ما تحقق على أرض الواقع على امتداد العقود الأخيرة.

وحتى الجارة الجزائر، يضيف لكريني، التي يبدو من خلال صمتها عن هذا الفعل، وعدم تحركها، رغم أن المغرب منح كل الأطراف وقتا كافيا لكي تتحرك وتبدي مبادرة فيما يتعلق بوقف هذه الانتهاكات، ولكن مع الأسف، تبين أن الجزائر بدورها كانت بحاجة إلى “أزمة خارجية”، وإلى تصريف أزماتها الداخلية المرتبطة باستمرار الحراك الداخلي ومرض الرئيس وتنامي الدعوات الداخلية إلى تجاوز الدعم اللامشروط واللاشعبي للبوليساريو وخصوصا أن الكل بدأ يعي كلفة هذا الدعم، هذا الأخير يتعارض مع التاريخ المشترك للبلدين ولا ينسجم مع رغبة الشعوب المغاربية وخصوصا الشعبين المغربي والجزائري خاصة فيما يتعلق ببناء الاتحاد المغاربي وفتح الحدود.

وبالتالي، كانت هناك رغبة لفتح جبهـــــة أو أزمة تحاول من خلالها الجزائر التنفيس عن هذه الإشكاليات الداخلية التي تتخبط فيها، لكن وجبت الإشارة إلى أن المغرب أدار الأزمة بشكل احترافي، سحب البساط من كل من كان يتوخى استغلال هذه الأزمة لصالحه، وبالتالي منع ربح نقاط لهذين الطرفين أي “البوليساريو” والجزائر. فالمغرب إذن عمل على تحرير معبر الكركرات وأعاد الأمور إلى نصابها.

ولا بد هنا من التذكير أن ما قامت به “البوليساريو” عمل غير مشروع من الناحية القانونية، على اعتبار أنه يرتبط بعرقلة حرية التنقل، وهو عمل إجرامي تحرمه المواثيق الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وهو عمل لا يمكن إلا أن يعطي صورة واضحة عن ما تبتغيه “البوليساريو” والجزائر فيما يتعلق بمسار التسوية. وفي سياق متصل، فإن المغرب عبر عن كونه مستعد لكل الاحتمالات وبأن تهديد الوحدة الترابية وتهديد الأمن الوطني هو خط أحمر ولا يمكن تجاوزه. كما أن المغرب أقدم على خطوة لا تهم فقط حماية أراضيه وإنما المساهمة في إقرار السلم العالمي على مستوى منطقة جغرافية تعيش العديد من الإشكاليات: التهريب، أنشطة الجماعات المسلحة ..

مــــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.