محمد الحجيرة: البـــــــــــام مؤمن بالتعددية وأن الديمقراطية هي وجود الأحزاب وإعطاء الكلمة للأحزاب وللأقليات السياسية الصغرى، ويرفض التحكم السياسي والهيمنة التشريعية والاستبداد الأغلبي

0 1٬151

قدم، عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، السيد محمد الحجيرة، مساء اليوم الجمعة 05 مارس الجاري، مداخلة باسم الفريق، في إطار مناقشة مشروع القانون التنظيمي رقم 04.21 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب.

بداية، ذكر المتحدث بالسياق الوطني والدولي الصعب الذي نناقش فيه هذه القوانين، والذي ستنظم فيه بلادنا حتما الاستحقاقات المقبلة، ويأتي في مقدمة هذه السياقات التحديات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي باتت تطرحها تداعيات فيروس كورونا على جميع مناحي الحياة الوطنية.

الأمر الذي يتطلب وحدة وطنية قوية، يضيف الحجيرة، تشكل استمرارا لصور الوحدة الوطنية العميقة التي جسدها ملك وشعب هذه الأمة العظيمة منذ بداية الجائحة، إنسانيا واقتصاديا واجتماعيا، وهو الأمر الذي سيتقوى أكثر بإشارات حقوقية وسياسية تعزز الانفراج العام ببلادنا، تمهيدا لأجواء انتخابية مواتية.

عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، انتهز الفرصة للتذكير والتنويه بالانتصارات المتتالية للديبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، وذلك من خلال توالي افتتاح قنصليات مجموعة من الدول الصديقة والشقيقة قنصليات لها بأقاليمنا الجنوبية وكان آخرها قنصلية المملكة الهاشمية الأردنية، هذا بالإضافة إلى اعتراف الولاية المتحدة الأمريكية بسيادة بلادنا على كافة ترابه. داعيا في هذا الإطار إلى المزيد من العمل والحزم اللازم من أجل نصرة عدالة قضيتنا الوطنية.

وجدد النائب الحجيرة، التأكيد على الدعوات المتكررة للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد عبد اللطيف وهبي، باسم جميع مناضلات ومناضلي الحزب، حيث ظل الأخ الأمين العام وفي كل مناسبة يطالب بانفراج عام في عدد من الملفات، لاسيما تلك التي تهم معتقلي الريف وجرادة، أو من رجال الصحافة، أو أساتذة جامعيين وغيرهم، وأكد وهبي مرارا، ونؤكد معه اليوم، يسترسل الحجيرة، أن الانفراج الحقوقي والسياسي هو طريق مضمون نحو عملية انتخابية ديمقراطية ناجحة أكثر، فالانفراج في ملف هؤلاء المعتقلين ستكون إشارة قوية نحو عملية انتخابية ذات مغزى حقوقي.

لذلك سنظل نلتمس هذا المطلب، إيمانا منا بأن بلادنا بلاد التسامح، وأن ملكنا جلالة الملك أمير المؤمنين، حفظه الله ونصره، كان دائما صاحب الإشارات الإنسانية والحميمية اتجاه أبناء شعبه، خاصة في المناسبات الوطنية والدينية الجليلة، لذلك نحن لازلنا مؤمنون بقوة وأهمية تزامن لحظة الانفراج مع المحطات الانتخابية المقبلة، لتعزز ذلك التلاحم المتميز بين المغاربة في اللحظات التاريخية الدقيقة.

بخصوص الموضوع الذي يناقش اليوم، يقول الحجيرة، فبعد عقد عدة اجتماعات، والكثير من النقاشات، وجدنا أنفسنا من جديد نختلف ونحن نصوت على هذه القوانين التنظيمية، فالديمقراطية هي التصويت، وما بعد التصويت مجرد خلافات لحسابات سياسية. مضيفا أن المعارضة كقوة سياسية من حقها أن تسعى لتكون غدا في موقع إدارة الشأن العام، وهذا يحتاج أن تكون في قلب مقتضيات الفصل 47 من الدستور، لذلك من حقها أن تستعمل الوسائل القانونية والأشكال التشريعية لتحقق مبتغاها، والأهم أن يتم ذلك في إطار حوار مسؤول، وفي ظل مؤسسات منتخبة، ومساطر دستورية محترمة.

وشدد المتحدث أن البام كحزب سياسي مسؤول يرى أن للديمقراطية أبعاد مختلفة وتحتاج إلى قدرة للإبداع للعقل البشري، من أجل أن تبلغ مداها، وليس هناك حد أقصى أو أدنى للتفكير في الصيغ والأشكال، لأن الهدف يحكم المساطر وليس العكس، مؤكد بالقول: “ولكننا لا يمكن أن نتعامل مع طموح الأحزاب وفرض ذواتهم باتهامات عشوائية، تارة باغتيال الديمقراطية، وتارة أخرى بالنكوص والانقلاب عليها، وحتى بمنطق الاتهام بالتراجع عن الديمقراطية والاختيار الديمقراطي، فلا أحد يملك وحده الحقيقة، ولا أحد–مهما بلغ حجمه السياسي- يمكنه أن يختصر في ذاته الشرعية الدستورية والديمقراطية، أو حتى العذرية السياسية”.

إن الإيمان بالديمقراطية يقتضي خدمتها لا استعمالها لحصد مكاسب ظرفية ضيقة، والمفروض ألا يستعملها الآخرون للبقاء في السلطة، والبام من موقعه مسؤوليته، سيسعى دوما لخدمة الديمقراطية وليس لاستعمالها أو التشكيك في مضمونها، فالتشكيك في الديمقراطية وفي حرية الاختيار ومساطر التشريع وأحقية الأحزاب الصغيرة في تقوية تمثيليتها ضدا في الأحزاب الكبرى ومنها حزب الأصالة والمعاصرة، هي طعنة ليس في المسار المطلبي لهذه الأحزاب، ولكنها طعنة في الديمقراطية نفسها وفي حق البحث المشروع عن مكاسب للتموقع المؤسساتي.

واسترسل عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة قائلا: “لذلك نهنئ أنفسنا جميعا عن نتائج هذا الحوار، وعن الاختلاف الذي لا يمكنه أن يفسد للود السياسي قضية، فلكي تكون هناك ديمقراطية وطنية، لابد أن تكون هناك حوارات، تم تسوية قائمة على المشاورات، يخرج منها الجميع في حالة توازن مهما كان الاختلاف، فقط نتمنى أن يبقى اختلافا محمودا بخطاب معقول ومقبول، ومن تم نرفض، بل نندد،بخطاب الاتهامات والاتهامات المضادة.

واعتبر الحجيرة في سياق متصل أن الطريقة التي اعتمدتها الحكومة في علاقاتها وحواراتها مع جميع الأحزاب تشكل تجربة إيجابية، وقد قبلت أحزاب المعارضة بذلك وانخرطت في جلساتها، لكون الحكومة التزمت الحياد وعدم التدخل في اختيارات الأحزاب وفي بلورة مواقفها، غير أن هذا الحياد سرعان ما اندثر، ومن ثم اكتشفنا أثناء المناقشة والمصادقة على هذه القوانين داخل لجنة الداخلية أن الحكومة انتقلت من موقف الحياد إلى تبني المواقف السياسية اتجاه عدة قضايا، خاصة أثناء مسطرة التصويت، وذلك خلاف ما التزمت به من حياد أثناء المشاورات.

وفي هذا الإطار، سجـــــــــــل الحجيرة الاحتجاج القوي اتجاه ما أبان عنه السيد وزير الداخلية من عدم الحياد، حين رفض بعض تعديلات المعارضة، وذلك خلافا لتوجيهات السيد رئيس الحكومة، ولولا تضافر مواقف المعارضة مع مواقف بعض الأحزاب داخل الأغلبية التي ارتأت أن تصوت على بعض تعديلات المعارضة، لما فيها من مصلحة حزبية عامة، لكان موقف الحكومة ضاربا بعرض الحائط بقيمة الحياد الذي أعلنت عن الالتزام به منذ اليوم الأول من المشاورات.

“إننا نحمل المسؤولية السياسية كاملة للسيد رئيس الحكومة، ومن ناب عنه – أي السيد وزير الداخلية – أثناء المسؤولية التدبيرية داخل لجنة الداخلية، ونعتبره تصرفا مخالفا لمبدأ الحياد المعلن عنه في بداية المشاورات”، يقول الحجيرة.

عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة أكد في معرض حديثه أن الديمقراطية معارك ومواجهات ثم استحقاقات ومكاسب، ثم إن مسؤولية الأحزاب الديمقراطية ذاتها والقبول بالنتائج كيفما كانت، وذلك حفاظا على التعددية التي تفرض علينا، أولا وقبل كل شيء، أن نتفهم أن السياسة هي فن التنازل.

وأشار الحجيرة أن البام تنازل عند قبوله وتبنيه الكثير من التعديلاتـ وسحب أخرى، لإيمانه بالتعددية وكون الديمقراطية هي وجود الأحزاب، وهي كذلك إعطاء الكلمة للأحزاب وللأقليات السياسية الصغرى. وسيكون البام ساهرا على ذلك، لأنه يرفض التحكم السياسي والهيمنة التشريعية والاستبداد الأغلبي.

فالديمقراطية يجب أن تحافظ على مكوناتها الحزبية، وتعدديتها الفكرية، وأن الانتصار ليس في عدد المقاعد، بل هو تلك القدرة على الحفاظ على الديمقراطية والحفاظ على الآخر في وجوده رغم الاختلاف معه، من موقع القرار، ومن منطق أن الديمقراطية مسؤولية الجميع. وقوة المنتصر لا يجب أن تعمل على الإبادة التامة للمنهزم، وإنما يجب أن تمنحه قدرا ومنفذا للحضور والمساهمة، فأفضل ضمان للديمقراطية هو التداول، وتحقيق عملية التوازن، لأن السؤال ليس هو من المخطئ أو من هو المصيب؟ ولا من هو الضعيف أو من هو القوي؟ ولكن الأهم هو أن على هذا الأخير أن يلقي بكل ثقله إلى جانب الضعيف، ليصنع التوازن بغض النظر عن أية حسابات انتخابية أخرى، لأنه بإقامة التوازن تحصل الديمقراطية.

ومن منطلق الإيمان العميق بأن التنازل هو ما يزيد من عمق هذه الديمقراطية، لذلك تنازل حزب الأصالة والمعاصرة وقبل بوجود الآخر، “ويمكن أن نهنئ أنفسنا جميعا، لقد خطونا جميعا خطوة كبيرة اتجاه فتح الباب أمام تنوعنا الثقافي والسياسي من أجل الرقي بالديمقراطية الوطنية، وأن غير ذلك يعتبر رجوعا إلى الوراء، من قبيل لغة اتهامات الماضي والاتهامات المضادة”، يقول الحجيرة.

المتحدث أشار إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة وفريقه النيابي حر في قناعاته واختياراته، ولا أحد يمكنه أن يقدم له الدروس في السياسة وفي الأخلاق، علما أنه في السياسة ليس هناك مكسب خالد، ولا انتصار دائم أو فشل مدمر، بل إن السياسة، أولا وقبل كل شيء، هي الاستمرارية في الديمقراطية.


مــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.