هكذا تسبب العمدة الصديقي في”بلوكاج” ببلدية الرباط

0 4٬629

خديجة الرحالي

بدا أتباع حزب العدالة والتنمية، من خلال عمدة الرباط محمد الصديقي، أشبه بتلاميذ في الصفوف الابتدائية، ممن يتلمسون طريقهم نحو التحصيل العلمي، لدرجة وجد الوالي عبد الوافي لفتيت نفسه أشبه بالمعلم الذي يتدخل لتصحيح الوضع، وما ميزانية المدينة المعلقة لحد الساعة في رفوف ولاية العاصمة، إلا عنواناً بارزاً للفشل الذي يلاحق إخوة بنكيران.

أهو غرور عددي، يعتمد على تعداد مستشاري الحزب ومن يلف لفهم في بلدية الرباط، المتكونة من 86 عضواً؟ أم قصور في الإلمام بعلوم التدبير والتسيير؟ أم ارتهان إلى الخلفية السياسية التي تفعل فعلها في وجه أي مقترح من المعارضة.. فقط لأنه آت من المعارضة؟

أسئلة سعت بوابة “بام.ما” إلى البحث عن إجابات عنها، من خلال البحث في العناوين الكبرى لقصور العمدة الصديقي في تدبير شأن ساكنة الرباط.

تصويت على الميزانية في غياب العمدة

بالرغم من الأهمية القصوى ليوم المصادقة على الميزانية، سواء تحت قبة البرلمان، في بعدها الوطني، أو في مقر الجماعات المحلية، فضل العمدة الصديقي متابعة أنشطة كوب 22، فتوجه إلى مدينة مراكش، دون التفات إلى حيث يتم الفصل في مالية الرباطيين، معتمداً على إخوته في تمرير ميزانية المدينة، في إشارة واضحة منه إلى عدم الاكتراث إلى كيفية صرف هذه الميزانية أو تحديد للأوليات المستحقة لها أو ما دون ذلك، وهذا أول مسمار دقه العمدة في نعش الميزاينة.

يرى المستشار حسن طاطو، أن إعداد الميزانية يُبنى على القانون التنظيمي 114 و 113، والدورية المؤطرة لوزارة الداخلية بخصوص إعداد ميزانيات، سواء تعلق الأمر بالجهات أو العمالات أو الأقاليم، مضيفا في حديثه إلى الموقع أن فريقه سجل ملاحظاته على المادة 152 من القانون التنظيمي للجماعات، والإشارة هنا إلى ضرورة مراعاة صدقية المداخيل والمصاريف في إعداد الميزانية.

“لقد وجدنا عجزا في الميزانية، يقدر بـ21 مليار سنتيم” يقول طاطو، متسائلاً كيف يبني تصوراً على ميزانية فيها عجز إلى غاية 30 شتنبر 2016، أخذاً بعين الاعتبار تكاليف المقاطعات، التي يرتفع معها العجز إلى 30 مليار سنتيم؟

يجيب المستشار الذي راكم خبرة في تسيير الشأن المحلي تتجاوز أكثر من ولاية، بالاحتكام إلى القانون التنظيمي والمصاريف الإجبارية، التي تتضمن الإنارة العمومية، والماء والكهرباء بمستحقات تبلغ 7 مليون درهم، مضيفا حول هذه النقطة القول بأن تدبير هذا البند يعتبر نفقة إجبارية على الجماعة وليس على المقاطعة، وهنا يسجل المتحدث الخرق الأبرز للقانون، لأن من له عقدة مع ريضال هو جماعة الرباط وليس المقاطعات .

صلة بمالية الجماعة، استحضر محدثنا الأحكام القضائية، التي تقر مديونية البلدية بحوالي 10 مليار و200 مليون سنتيم، في حين اكتفى فيه العقد المبرم بين الصديقي والمحكمة الإدارية على اعتماد مبلغ 2 مليار سنتيم فقط، في تناسي متعمد لحقوق الغير، البالغة أكثر من 8 مليارات سنتيم.

جماعة بدون “برنامج عمل”

قد لا يصدق الكثير بأن جماعة الرباط تشتغل دونما بوصلة، ودونما خارطة طريق، وفق ما تحدده المادتان 78 و 79 من القانون التنظيمي للجماعات، إذ رغم الوضوح الصارخ للنص القانوني المنظم لعمل المجلس، والذي يفرض وضع برنامج عمل الجماعة خلال السنة الانتدابية الأولى، فإن مجلس بلدية العاصمة، في عامه الثاني لم يضع بعد برنامج العمل المذكور، وهذا خرق قانوني آخر، يستوجب المتابعة.

يسجل المتابعون خرقاً في المخططات الإجمالية الخاصة بالمقاطعات، ذلك أن مجلس المدينة بعمدته الصديقي صادق على ميزانية مقاطعة اليوسفية، التي تم رفضها في مجلس المقاطعة، والحال أن القانون ينص على وجوب طلب قراءة ثانية للميزانية، في طلب مباشر من العمدة إلى مجلس المقاطعة المعني، وهذا خرق آخر، ينضاف إلى سلة الخروقات التي امتلأت عن آخرها أو تكاد، في تغليب للهاجس السياسي على الهاجس القانوني، بمعنى أن ميزانية مقاطعة اليوسفية سيُصوت عليها بالمنطق العددي في مجلس مدينة الرباط.

في مقاطعة يعقوب المنصور قام عمدة الرباط ورئيس مجلس مقاطعة يعقوب المنصور بتغيير

بنود ميزانية المقاطعة، دون الرجوع إلى المجلس التداولي، وفي هذا خرق للمادة 269 من القانون التنظيمي التي تشير إلى التشارك والشفافية في تدبير المجلس.

لهذه الأسباب رفض الوالي ميزانية بلدية الرباط

“بسبب تعنت وإصرار عمدة الرباط وعدم إصغائه لفريق الأصالة والمعاصرة وتغليبه للهاجس السياسي والعددي على الهاجس القانوني، تم تمرير الميزانية خلال الدورة بالمنطق العددي ” يقول أحد مستشاري حزب الأصالة والمعاصرة، مضيفا أن عمدة المدينة أدار ظهره لملاحظات البام، فحدث أن سجلت الولاية نفس الملاحظات واعتمدت عليها في رفض الميزانية المذكورة.

تم تسليم الميزانية الى والي مدينة الرباط ليتم التأشير عليها، بناء على المادة 189 من القانون التنظيمي، التي تقول “تعرض الميزانية على تأشيرة عامل العمالة أو الإقليم في تاريخ أقصاه 20 نوفمبر، وتصبح الميزانية قابلة للتنفيذ بعد التأشير عليها، مع مراعاة أحكام الفقرة الأخيرة من المادة 118 من هذا القانون التنظيمي، بعد مراقبة ما يلي:

– احترام أحكام هذا القانون التنظيمي والقوانين والأنظمة الجاري بها العمل،

– توازن الميزانية على أساس صدقية تقديرات المداخيل والنفقات،

– تسجيل النفقات الإجبارية المشار إليها في المادة 181 أعلاه.

الوالي بعد أن رجع للمادة أعلاه أبدى مجموعة من الملاحظات، والتي كانت في مجملها متطابقة مع ملاحظات فريق الأصالة والمعاصرة، فأرجع الميزانية .

“الاَن الرباط بدون ميزانية” يقول المستشار طاطو ، مضيفا أن “الأمور كلها متوقفة، لو كان العمدة أخد بالأفكار التي تم طرحها من قبل من لهم تجربة في المجال الجماعي، لما كانت الأمور وصلت الى ما وصلت إليه حاليا”.

وعاب ذات المستشار ما تم ترديده في وسائل الإعلام من مزاعم بأن الوالي هو من رفض الميزانية، لكن الحقيقة هي أن الوالي طبق فقط المادة 189 ورفض التأشير عليها.

وعموما، يمكن القول إن إسقاط الميزانية يكون من طرف السلطة الوصية للأسباب التالية:

1- تضخيم المداخيل (بسبب عدم إمكانية الصرف) والبلدية تعرف عجزا

2- المقاطعات نسبة 10 في المائة التي يحددها لها القانون لا تستطيع البلدية الإلتزام بها

3- الأحكام القضائية التي تعتبر اليوم نفقات إجبارية.

4- 2 مليار في الميزانية تم تمريرها والسيد الرئيس إلتزم بـ10 مليار في إطار اتفاقية تم التوقيع عليها مع رئيس المحكمة وهي نقطة مخالفة للقانون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.