وهبي: كل حديث عن البرنامج الانتخابي ينطلق من فكرة “الإصلاح” وعلى تصور سياسي للقادم والتجاوب بشكل واقعي مع كل التحديات

0 709

أكد، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد عبد اللطيف وهبي، في إطار عرضه التقديمي للبرنامج الانتخابي، أن كل حديث عن البرنامج إلا و يستند على فكرة معينة للإصلاح، وعلى تصور سياسي للمرحلة المقبلة، وينطوي على إجابات واقعية على كل التحديات التي تحبل بها اللحظة التي يعيشها مجتمعنا.

وقبل التطرق لتصور حزب الأصالة والعاصرة للإصلاح السياسي والاجتماعي الذي يؤطر برنامجه الانتخابي والذي يقترحه على المغاربة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، يقول الأمين العام للحزب، في إطار اللقاء المنظم اليوم الاثنين 09 غشت الجاري، بمدينة الرباط، والمخصص لتقديم مضامين البرنامج الانتخابي للحزب خلال الاستحقاقات القادمة، (يقول): “نرى أنه من الضروري العودة للتاريخ السياسي الوطني لإبراز ولو بإيجاز مسار التطور الذي عرفه الإصلاح في بلادنا منذ الاستقلال إلى اليوم. لأننا نعتبر حزبنا من صلب هذا التاريخ الوطني بأمجاده وصعوباته، إلى جانب كل الأحزاب الوطنية الديمقراطية، ونريد لبرنامجنا الانتخابي أن يكون بديلا يحمل حلولا واقعية فعالة لها جذور تضرب قي أعماق خصوصيتنا التاريخية وتعمق مساره الإصلاحي”.

وهبي أضاف في سياق متصل أن إرادة الإصلاح كانت حاضرة بقوة منذ الاستقلال وبداية بناء الدولة الوطنية، ويمكن رصد أربعة مراحل أساسية تجسد هده الإرادة وفق مميزات كل مرحلة على حدا، واختلاف التحديات والرهانات التي طبعتها.

هذه المراحل الأربعة هي كالتالي:
● مرحلة حكومة عبد الله إبراهيم 1958-1960
● مرحلة برنامج التقويم الهيكلي 1983-1993.
● مرحلة تأهيل الاقتصاد الوطني 1993-1998.
● مرحلة حكومة عبد الرحمان اليوسفي 1998-2002.

الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أشار إلى أن التواريخ التي تحدد كل مرحلة على حدا، نسبية “لأننا في الغالب ما نجد برامج إصلاحية في هذا القطاع أو ذاك تستمر من مرحلة إلى أخرى، كما أن لكل مرحلة مميزاتها السياسية والاقتصادية وفق المنافسة السياسية للفاعلين الوطنيين، ووفق الإكراهات الخارجية التي يمليها انفتاح بلادنا على العصر الحديث”.

وإذا أردنا الوقوف عند كل مرحلة سياسية على حدا لإبراز معالمها الإصلاحية ومميزات أهدافها التنموية فإننا نجدها على الشكل التالي:
تعد مرحلة حكومة عبد الله إبراهيم اللحظة الأولى للإصلاح التي عرفها المغرب ما بين 1958-1960 ويعتبر البرنامج الاقتصادي الذي اعتمدته محاولة إصلاحية تعتمد على الدولة من جهة، وعلى رؤية فوقية تملي الإجراءات الإصلاحية على المجتمع من الأعلى، من جهة ثانية.

إنه نموذج إصلاحي يستلهم من المرحلة التاريخية لفترة الخمسينيات والستينيات حيث كانت كل الدول الخارجة من تجربة الاستعمار تسعى إلى بناء نماذج تنموية خاصة تعتمد على الإمكانيات والموارد الداخلية الذاتية لمجتمعاتها، يسترسل وهبي.

لقد كان نموذجا إصلاحيا يقترح التأميم وتقوية القطاع العمومي، والإصلاح الزراعي، وتخطيطا اقتصاديا إلزاميا بعيد المدى يهدف إلى تطوير القطاعات الثقيلة بالاستناد على مركزية دور الدولة، ومراقبة الاستشارات الأجنبية وتوسيع السوق الداخلية …. إنه في النهاية برنامج يتجه إلى القطع مع النمط الرأسمالي الغربي من أجل بناء اقتصاد يعتمد فقط على الإمكانيات الذاتية للمغرب أو على إمكانيات محيطه المغاربي والعربي (تعاون جنوب جنوب).

الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أورد في نفس الإطار، أنه وبعد استقالة حكومة عبد الله إبراهيم سنة 1960 لأسباب سياسية تتعلق بالنزاع السياسي بين الفاعلين لتلك المرحلة، دخل الاقتصاد المغربي في مرحلة ليست بالقصيرة مطبوعة بما يمكن أن نسميه ” التدبير الحر” أي التدبير الاقتصادي الذي لم يكن يخضع لأي تخطيط نموذجي، إذ بقي الاقتصاد المغربي يتراوح بين توجهات ليبرالية محضة وتوجهات “كينزية” تأخذ بعين الاعتبار أهمية تدخل الدولة في القطاعات الاجتماعية.

إلا أنه ومع تعاظم ضغط إكراهات المديونية الخارجية وضرورة الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية، كان لزاما على الاقتصاد المغربي أن يجد حلولا واقعية لتفادي تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وجاء برنامج التقويم الهيكلي كنموذج اقتصادي جديد لتلك المرحلة.

لقد شكل برنامج التقويم الهيكلي 1983-1993 لحظة ثانية في مسار تطور السياسة الإصلاحية للمغرب، إذ اندرج ضمن عملية تشييد نموذج ليبرالي للإصلاح يهدف أساسا لتحقيق التوازنات، خاصة التوازن المالي، معتمدا على عقلنة إجراءات التذبير المكرو-اقتصادي. لذلك نجده نموذجا اهتم أساسا بقطاعات المالية والسياسية النقدية والضريبية والتجارة، والحد من الاستثمارات العمومية والخوصصة…. وبالطبع كان الثمن الاجتماعي مرتفعا، إذ أفرزت سياسة التقويم الهيكلي عجزا اجتماعيا ترجم في قطاعات التربية والتعليم والصحة والتشغيل والسكن….

لذلك وأمام الأزمة الاجتماعية التي بدأت تحتد بداية التسعينيات من القرن الماضي، جاء القرار العمومي بنموذج جديد للاقتصاد سمي بتأهيل الاقتصاد المغربي.
لقد شكلت سنة 1993 بداية اللحظة الثالثة في مسار تطور السياسة الإصلاحية بالمغرب، واعتمدت هذه اللحظة في بناء نموذجها الإصلاحي على تشخيص لأسباب الأزمة التي وصل إليها برنامج التقويم الهيكلي، والمتمثلة في الرأي السائد آنذاك في أوساط القرار العمومي والمؤسسات المالية الدولية الذي يرى أن فشل الإصلاح الليبرالي مرده أساسا لغياب آليات الوساطة التي تستطيع ترجمة مقتضياته إلى واقع مغربي حي، لهذا جاءت فكرة تأهيل الاقتصاد المغربي كي يستطيع الوصول إلى الأهداف الإصلاحية المرجوة.

مــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.